عقدان من النجاح.. كيف تحولت الكرة النسائية في إثيوبيا إلى نموذج فريد؟
تعتبر كرة القدم من أكثر الألعاب الرياضية شعبية في إثيوبيا، ليس فقط على مستوى الرجال، ولكن أيضا على مستوى منتخب السيدات.
وفي الوقت الذي يقترب فيه منتخب إثيوبيا للرجال من إكمال عقده الثامن ، دخلت كرة القدم النسائية في إثيوبيا عقدها الثالث، حيث تأسس المنتخب الإثيوبي للسيدات قبل 22 عاما.
وعلى مدار عقدين، حققت كرة القدم النسائية في إثيبوبيا نتائج مشرفة وكبيرة، وبرزت أسماء لامعة في سماء كرة القدم للسيدات بالعالم، على رأسهن اللاعبة الشهيرة " لوزا أبرا".
"العين الرياضية" أجرت حوارا مطولا مع أبرا، وكذلك مع مدرب منتخب كرة القدم النسائية في إثيوبيا برهانو جزاو، للحديث عن أبرز الإنجازات التي حققتها كرة القدم النسائية على مدار العقدين الماضيين.
وقال جزاو إن سر نجاح فريق كرة القدم النسائية هو منح الفرصة والأولوية للسيدات، موضحا أنه يجب على جميع الأندية الإثيوبية أن تولي اهتماما متساويا بين الرجال والنساء، وهو ما يساعد على تنمية كرة القدم للسيدات في إثيوبيا.
وانتقد المدرب مستوى الرواتب للاعبات كرة القدم في إثيوبيا ووصفها بأنها دون الطموح وغير مشجعة، حيث قال إن راتب اللاعبة الواحدة لا يتجاوز 100 ألف بر إثيوبي (2300 دولار أمريكي) حتى الآن.
كما انتقد مدرب منتخب سيدات إثيوبيا القصور الذي يصاحب البنية التحتية المتعلقة بكرة القدم من الملاعب والأندية، متسائلا: كيف لا تمتلك إثيوبيا التي تعتبر مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ملاعب تفي بالمعايير الدولية وتعزز من قدرات كرة القدم على مستوى الرجال والنساء؟".
ويعود تأسيس الاتحاد الأثيوبي لكرة القدم لعام 1943، فيما انضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم في 1952، وبعد 5 سنوات انضم للاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
وتابع جزاو: "ملاعبنا يجب ألا تقتصر على استضافة الحفلات الموسيقية والتظاهرات السلمية، ولكن علينا استضافة الألعاب الرياضية المختلفة".
واستشهد جزاو ببعض الدول الأفريقية التي لا تمتلك قدرات اقتصادية قوية، وسكانها أقل من سكان إثيوبيا، إلا أنها تمتلك ملاعب أفضل من إثيوبيا.
وأتم: "نحن لم نتمكن من إدارة الملاعب التي لدينا ولم نوظف إمكاناتنا بالمستوى المطلوب، وهو ما دفع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لاتخاذ قرار يمنع استضافة وتنظيم التصفيات بإثيوبيا لهذا العام".
أما النجم الإثيوبية لوزا أبرا، فجاءت رؤيتها مختفلة ومشحونة بالآمال، حيث اعتبرت أن نجاح الفرق والأندية الوطنية للسيدات بإثيوبيا أكثر فاعلية من أندية وفرق الرجال.
وقالت أبرا: "اللاعبات القدامى في إثيوبيا دفعن ثمناً باهظاً من أجل ايصال الفريق القومي للسيدات إلى هذا المستوى المتقدم".
وأضافت: "النساء اليوم أصبحن أكثر حرية في لعب كرة القدم، فما عادت الأسرة تشكل قيودا على لعب المرأة، الآباء اليوم يشجعوا بناتهم على لعب كرة القدم".
وعن نصائحها للاعبات الناشئات، قالت أبرا: "من خلال تجربتي في هذا المجال، أنصح اللاعبات الجدد بالابتعاد عن كل ما يضر بالصحة واختيار المسار الصحيح وعدم اليأس وتحديد الهدف ومواجهة التحديات الأخرى التي تتطلب المثابرة".
وناشدت أبرا المسؤولين في قطاع كرة القدم بإثيوبيا بالعمل في تعزيز الملاعب وتنميتها، من أجل أن تنمو كرة القدم للسيدات في البلاد.
أبرا من مواليد مدينة دُرامي بمنطقة "كنباتا" بجنوبي إثيوبيا، عام 1997، وُلدت لأبوين موظفين، حيث يعمل والدها أبرا جنوري موظفا حكوميا، كما هو الحال بالنسبة لوالدتها أدانش تشاميسو، التي تعمل أيضا موظفة بمؤسسة حكومية، ولها 6 من الأشقاء والشقيقات.
وتمتلك أبرا سيرة ممتدة في مجال كرة القدم بإثيوبيا، وكانت تُعرف بـ"ماكينة الأهداف"، عندما كانت تلعب لنادي "ددبيت" بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ومن ثم الفريق الوطني الإثيوبي، قبل أن تغادره لتلعب بدولة مالطا.
وبدأت أبرا رحلتها الرياضية التي تمتد لأكثر من 9 سنوات مع فريق أواسا للسيدات بجنوبي إثيوبيا عام 2012، لتصبح أفضل هداف للفريق، لتنتقل بعد عامين إلى نادي ددبيت بالعاصمة أديس أبابا، الذي لعبت له 4 سنوات، وحصلت على لقب "أفضل هدافة للدورى الإثيوبي"، ثم التحقت بالفريق الوطني للسيدات، وأطلق عليها "ماكينة الأهداف"، كما لعبت لنادي "أداما" خلال عام 2018، قبل أن تلتحق بأحد فرق دولة مالطا.
تميزت لوزا أبرا بقيم أخلاقية مميزة، متأثرة بدراستها في الكنيسة البروتستانتية، وبدأت اهتمامها بالكرة في ملعب ميدان ليليسو بالكنيسة، وطورت مهاراتها بوضع بصمات خاصة بها في كرة القدم النسوية.
ويعود فضل اختيارها للاحتراف بمالطا إلى المدرب الإثيوبي سامسون نصرو، الذي أشاد بقدراتها الكبيرة وحقق لها ما كانت تحلم به للعب خارج القارة الأفريقية وتصبح بطلة أفريقية، فهي ترى أن المدرب "نصرو" ساهم بقوة في تدريبها وإعطائها بوصلة للاحتراف.
وحققت اللاعبة الإثيوبية العديد من النجاحات الكروية، حيث يوجد في رصيدها 25 هدفا دوليا مع المنتخب، وأكثر من 200 هدف خلال لعبها لمختلف الأندية الإثيوبية.
وواصلت اللاعبة الإثيوبية تحقيق إنجازاتها الكروية حتى خارج البلاد، لتحصل على أفضل هدافة في دوري مالطا لعام 2020 بتسجيل 30 هدفا في 14 مبارة.
وفي نهاية العام الماضي، اختيرت لوزا أبرا ضمن قائمة أكثر 100 امرأة تأثيراً وإبداعا في العالم لعام 2020.
وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) كشفت عن قائمة لـ100 امرأة اعتبرتهن الأكثر تأثيرا في العالم لعام 2020 في 4 قطاعات، وهي القائمة التي يتم اختيارها كل عام من بين المتميزات في الإبداع والقيادة والهوية والمعرفة.