نحو 5 ملايين من النساء اجتحن شوارع المدن الأمريكية الكبيرة بعد يومين من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
خرجت مئات الألوف من النساء إلى شوارع المدن الكبرى في الولايات المتحدة، وآلاف غيرهن في مدن أوروبية وآسيوية، في احتجاجات لم يسبق لها مثيل على مستوى العالم ضد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب للسخرية منه والتنديد به بعد يومين من تنصيبه.
وقادت ناشطات من المدافعات عن حقوق المرأة أغضبهن أسلوب خطاب الرئيس وسلوكه أثناء حملته الانتخابية واعتبرنه معاديا للنساء، عشرات من المسيرات في الولايات المتحدة وتجمعات جماهيرية متعاطفة مع موقفهن في مختلف أرجاء العالم يوم السبت.
وقال المنظمون إن هذه الفعاليات اجتذبت نحو 5 ملايين مشارك في الإجمال بدول العالم التي تضامن المحتجين فيها مع مظاهرات واشنطن، وهو عدد فاق كل التوقعات.
وفي أول رد له على الاحتجاجات القائمة منذ يوم تنصيبه الجمعة الماضية، قال ترامب عبر حسابه على "تويتر"، "شاهدت أمس الاحتجاجات وانتابني انطباع أننا للتو حظينا بانتخابات! لماذا لم يصوتوا (المحتجين)؟".
وألقت الاحتجاجات كذلك الضوء على الاستياء الشديد من تصريحات ترامب ومواقفه من السياسات من جانب عدد كبير من المجموعات منهم المهاجرون من المكسيك والمسلمون والمعاقون والمدافعون عن البيئة.
وعلى عكس النبرة المحتدمة الحادة التي استخدمت في الحملة الرئاسية والصورة القاتمة "للمجزرة الأمريكية" التي استحضرها ترامب في خطاب تنصيبه، بدت الحالة في الاحتجاجات أكثر صخبا بل وتتسمم بجو احتفالي.
وترددت هتافات منها "نريد زعيما حقيقيا لا مغردا منفّرا على تويتر"، و"ترامب يجب أن يرحل"، كما ارتدت عدد كبير من المتظاهرات أغطية رأس وردية على شكل قطط.. في إشارة إلى تفاخر ترامب في تسجيل مصور عام 2005 نُشر قبل أسابيع من الانتخابات بالتحرش بالنساء.
وشكلت النساء الكتلة الأكبر من المتظاهرين لكن كثيرات اصطحبن أزواجهن وأصدقاءهن وأطفالهن.
وبدا أن المظاهرة الرئيسية في واشنطن اجتذبت عددا أكبر بكثير من الذي خرج في اليوم السابق لمشاهدة أداء اليمين على درج مبنى الكابيتول الأمريكي (مقر الكونجرس).
ولم ترد تقديرات رسمية لأعداد المتظاهرين لكن الأعداد زادت بوضوح عن 200 ألف متظاهر، وهو العدد الذي توقع المنظمون حضورهم إلى وسط واشنطن حول البيت الأبيض.
المشاركة الضخمة
واحتشد مئات الألوف من النساء في شوارع نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاجو ودنفر وبوسطن، ما عزز المشاعر الشعبية الجارفة عن استياء لم يسبق له مثيل في التاريخ الأمريكي الحديث من رئيس في أول يوم بعد توليه المنصب.
وقدر منظمو المظاهرات عدد المتظاهرين في لوس أنجلوس بنحو 750 ألفا لتصبح واحدة من أكبر مظاهرات يوم السبت، وقالت الشرطة إن عدد المشاركين تساوى مع أو فاق عدد من شاركوا في مظاهرات مؤيدة للمهاجرين عام 2006 اجتذبت نحو 500 ألف مشارك.
وقال بيل دي بلاسيو رئيس بلدية نيويورك إن نحو 400 ألف تجمعوا في شوارع المدينة، لكن المنظمين قدروا العدد بنحو 600 ألف مشارك.
وخرج عدد أكبر بكثير من المتوقع في شيكاجو حتى إن المنظمين اكتفوا بالاحتشاد بدلا من الطواف في شوارع المدينة، وقالت الشرطة إن أكثر من 125 ألف شخص شاركوا في حين قدر المنظمون العدد بنحو 200 ألف وهو نفس العدد المقدر في بوسطون ودنفر.
ونظمت مظاهرات أصغر حجما في سياتل وبورتلاند وأوريجون وماديسون وويسكونسن وبسمارك في ولاية نورث داكوتا.
وأظهرت المظاهرات التي كان أغلبها سلميا عمق الانقسام في بلد مازال يعاني من حملة انتخابات عام 2016، التي شهدت تنافسا ضاريا، وأذهل ترامب العالم بهزيمته لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة.
وقالت بام فويستر وهي من سكان ريدجواي في كولورادو إن المناخ العام في واشنطن ذكرها باحتجاجات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ضد الحرب في فيتنام ومن أجل الحقوق المدنية وحقوق المرأة، مضيفة: "عمري 58 عاما ولا أصدق أن علينا تكرار هذا الأمر."
ويسيطر الجمهوريون الآن على البيت الأبيض وعلى مجلسي الكونجرس، لكن ترامب يواجه معارضة متأصلة من قطاعات واسعة من الشعب على خلاف فترة شهر العسل التي عادة ما يشهدها الرؤساء الجدد عندما يتولون السلطة.
وأظهر استطلاع رأي أجرته "إيه.بي.سي نيوز" بالاشتراك مع "واشنطن بوست" في الفترة الأخيرة أن ترامب سجل أدنى نسبة تأييد لأي رئيس جديد منذ سبعينيات القرن الماضي.
على مستوى العالم
في سيدني ولندن وطوكيو ومدن أخرى أوروبية وآسيوية، قادت النساء أيضا مظاهرات احتجاج على ترامب الذي تعهد بأن ترتكز السياسة الأمريكية على مفهوم "أمريكا أولا".
وتباهى منظمو المسيرات بتنظيم نحو 670 تجمعا على مستوى العالم تضامنا مع الحدث الرئيسي في واشنطن، وقدر العدد الإجمالي في أنحاء العالم بنحو 4.6 مليون مشارك، لكن لم يتسن التحقق من هذه الأعداد من مصدر مستقل.
وكتب ترامب على حسابه على "تويتر" أمس السبت، يقول "يشرفني أن أخدمك يا شعب أمريكا العظيم باعتباري الرئيس رقم 45 للولايات المتحدة الأمريكية."
ولم يعلق ترامب على المسيرة لدى حضوره مناسبة في الكاتدرائية الوطنية بواشنطن قبل أن يزور مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه).
لكنه هاجم بغضب تقارير إعلامية ومنها صور تظهر أن الحشود في يوم التنصيب كانت أقل من تلك التي تجمعت في عام 2009 وفي عام 2013 عندما أدى باراك أوباما اليمين كرئيس للولايات المتحدة في فترة ولايته الأولى ثم الثانية.
وقال ترامب خلال زيارته لمقر المخابرات "ألقيت كلمة ونظرت أمامي كان هناك (عدد) بدا كما لو كان مليونا وربما مليون ونصف"، مضيفا: "عرضوا ساحة كأن أحدا لم يكن يقف بها".
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg
جزيرة ام اند امز