يوم البيئة العالمي 2023.. نهج إماراتي شامل ومستدام لمكافحة التلوث البلاستيكي
تشارك دولة الإمارات، الإثنين، العالم الاحتفاء بيوم البيئة العالمي 2023، في وقت تواصل فيه جهودها ومبادراتها للحفاظ على البيئة على الصعيدين المحلي والدولي.
ظهر ذلك بشكل جلي في الجهود الضخمة التي تبذلها من أجل الحفاظ على استدامة البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، الذي يعد أكبر تحد يواجه البشرية حاليا، والاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة، بدءاً من سن التشريعات ومراقبة تطبيقها، واستضافة المؤتمرات الدولية المعنية بالبيئة والمناخ، وإطلاق جوائز بيئية محلية ودولية للتوعية بقضايا البيئة وتشجيع المحافظة عليها، ودعم الدراسات العلمية في مجال المحافظة على البيئة، وإطلاق مبادرات رائدة وملهمة تدعم توجهاتها في هذا الصدد.
ويُعد يوم البيئة العالمي الذي يُشرف عليه برنامج الأمم المتحدة للبيئة ويُحتفل به سنويا في 5 يونيو/حزيران من كل عام منذ عام 1973، أكبر منصة عالمية للتوعية بقضايا البيئة، ويهدف إلى زيادة الوعي والاحتفال بالعمل البيئي.
يتم الاحتفال هذا العام تحت شعار "تغلبوا على التلوث البلاستيكي"، ويسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق تغيير لمعالجة أزمة المناخ.
الآثار المترتبة على تنقل الإنسان الناجمة عن أزمة المناخ والبيئة عميقة، حيث يتشرد ملايين الأشخاص كل عام بسبب الكوارث.
في عام 2022 أدت الكوارث إلى 32.6 مليون حالة نزوح داخلي، وهو أعلى سجل على الإطلاق لحالات النزوح الداخلي بسبب الكوارث (التقرير العالمي لمركز مراقبة النزوح الداخلي لعام 2023).
وفقًا للبنك الدولي، بدون إجراءات مناخية وتنموية مبكرة ومتضافرة، يمكن أن يصبح أكثر من 216 مليون شخص مهاجرين داخليين بسبب المناخ بحلول عام 2050، ولذلك فإن اتخاذ إجراءات ملموسة أمر ملح.
وتدعو المنظمة الدولية للهجرة جميع الحكومات والأطراف إلى معالجة واقع أزمة المناخ، وتقديم حلول ملموسة للأشخاص الذين هم بالفعل في حالة تنقل، وللأشخاص الذين يريدون أو يجب عليهم الانتقال، ولمن يريدون البقاء.
مواجهة التلوث البلاستيكي
ويركز "اليوم العالمي للبيئة" هذا العام على النفايات البلاستيكية وتهديدها المتنامي لكافة النظم البيئية، وضرورة العمل العاجل للتصدي لهذه الأزمة المتصاعدة.
وحذرت هيئة الأمم المتحدة من أن حجم الإنتاج العالمي من اللدائن البلاستيكية يصل إلى أكثر من 400 مليون طن سنويا، نصفها تقريبا مصمم للاستخدام مرة واحدة فقط، ولا يعاد تدوير سوى أقل من 10 في المائة منها.
وحذرت الهيئة من تدفق نحو 11 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويا إلى المحيطات، وتأثر أكثر من 800 نوع بحري وساحلي بهذا التلوث من خلال ابتلاع المواد البلاستيكية والتشابك بها وغيرها من المخاطر.
يأتي الاحتفال بهذا اليوم في وقت تبذل فيه دولة الإمارات جهوداً كبيرة على المستويين المحلي والدولي لتقليص حجم النفايات البلاستيكية والحد من آثارها الضارة على البيئة وسائر الكائنات الحية.
ضمن أبرز جهودها على الصعيد الدولي تستضيف الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وهي القمة المعنية بمكافحة تغير المناخ، الذي يعد إنتاج البلاستيك والتخلص من نفاياته أحد أبرز أسبابه، نظرا لما يولده إنتاج البلاستيك من كميات هائلة من انبعاثات الغازات التي تتسبب بالاحتباس الحراري، وما ينتج عن نفايات البلاستيك من أضرار وخيمة على البيئة.
كما يعد المؤتمر الدولي مناسبة مهمة لاستعراض الجهود والإجراءات للحفاظ على البيئة بشكل عام، وبشكل خاص تجربتها الرائدة لتقليص حجم النفايات البلاستيكية والحد من آثارها الضارة على البيئة وسائر الكائنات الحية، ضمن جهوها الرائدة لمكافحة التغير المناخي حول العالم.
جهود متكاملة
وتتميز تجربة الإمارات في التصدي للتلوث البلاستيكي بالعمل على معالجة هذا التحدي من مختلف الزوايا عبر اتباع أنماط استهلاك وإنتاج أكثر استدامة وتوعية المنتجين والمستهلكين بالبدائل وما يمكنهم فعله، سواء على صعيد سلسلة الإنتاج أو أثناء شراء السلع لتقليص كمية البلاستيك التي ينتهي بها الأمر في قاع المحيطات والبحار والجبال والحياة البرية.
وضمن جهودها في هذا الصدد، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في أبريل/نيسان الماضي برنامجا متكاملا لرصد النفايات البلاستيكية في البيئة البحرية والساحلية لدولة الإمارات عن طريق تنفيذ مجموعة من الدراسات العلمية والاستفادة من نتائجها في تعزيز الجهود المبذولة للحد من انتشار هذه النفايات، وذلك ضمن جهودها في مجال الحفاظ على الموارد البحرية وجودة مياه البحر ونظافة الشواطئ وفي إطار عام الاستدامة.
وفي السياق، اتخذت دولة الإمارات خطوات عديدة للتصدي لظاهرة الاستهلاك المفرط للأكياس البلاستيكية في الحياة اليومية للسكان، وذلك من خلال اتباع سياسة التحول التدريجي لبدائل الأكياس البلاستيكية كالأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل والمتعددة الاستخدام، والقماشية، والقطنية، والورقية.
وأصدرت الإمارات القرار الوزاري رقم 380 لسنة 2022 بشأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الإمارات والذي حدد مجموعة إجراءات لحماية المجتمع والبيئة من التلوث الناتج عن استهلاك تلك المنتجات.
ويحظر القرار بدءا من مطلع العام المقبل (2024) استيراد وإنتاج وتداول أكياس التسوق البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على المستوى الاتحادي، متضمنة الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، واستيراد وإنتاج وتداول الأكياس ذات الاستخدام الواحد مهما كانت المواد المصنوعة منها، كما يحظر اعتبارا من مطلع عام 2026 استيراد وإنتاج وتداول المنتجات البلاستيكية الاستهلاكية التي تشمل أكواب المرطبات وأغطيتها، وأدوات المائدة (الملاعق والشوك والسكاكين وعيدان الأكل)، والصحون، والماصات، وعيدان التحريك، ومستوعبات وعلب الطعام المصنوعة من مادة "ستايروفوم".
وكانت وزارة التغير المناخي والبيئة قد أطلقت في عام 2009 مبادرة "الإمارات خالية من الأكياس البلاستيكية" لمدة 3 سنوات متواصلة، بهدف الخفض التدريجي لإنتاج واستخدام الأكياس البلاستيكية والمنتجات البلاستيكية غير القابلة للتحلل، كما قامت الوزارة بتنظيم تداول الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل والمنتجات البلاستيكية القابلة للتحلل، حيث تم حظر الطباعة على الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل بإصدار قرار مجلس الوزراء رقم 376/5 لسنة 2009.
واعتمدت الإمارات مواصفة قياسية إلزامية بشأن خصائص الأكياس البلاستيكية وغيرها من منتجات البلاستيك القابل للتحلل، وذلك بإصدار قرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2009، وتم تعديل هذه اللائحة لتشمل منتجات بلاستيكية أخرى وإخضاعها لإحكام اللائحة في عام 2012.
وعلى المستوى المحلي طبقت إمارات دولة الإمارات المختلفة إجراءات عدة لحظر استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، واستبدالها بخيارات متعددة صديقة للبيئة ومستدامة وقابلة للاستخدام لأكثر من مرة.
إجراءات الإمارات للتصدي للتلوث البلاستيكي جاءت ضمن حزمة إجراءات وتشريعات متكاملة استبقتها وأعقبتها، في إطار جهودها الرائدة للحفاظ على البيئة.
وسنت الإمارات العديد من التشريعات والقوانين على المستويين الاتحادي والمحلي التي تساعد في المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية، وتحظر أية سلوكيات قد تشكل خطرا عليها، ما أسهم في ترسيخ نهج الاستدامة، وريادة الإمارات ضمن مؤشرات التنافسية العالمية.
مؤتمرات دولية
أيضا تقوم دولة الإمارات بجهد بارز في حشد الجهود العالمية للحفاظ على البيئة وتعزيز التنوع البيولوجي ومواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم، من أبرزها مؤتمر "COP28".
ومواكبة لاستضافتها مؤتمر المناخ، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في 20 يناير/كانون الثاني الماضي عن مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
المبادرة كشف عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بإعلانه 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات تحت شعار "اليوم للغد".
ويحمل مؤتمر الأطراف COP28 أهمية خاصة كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء السياسية والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.
وإضافة إلى مؤتمر "COP28"، تستضيف دولة الإمارات بشكل سنوي فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة، ومنتدى المناخ في القمة العالمية للحكومات، والقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، والمعرض السنوي لتكنولوجيا المياه والبيئة والطاقة "ويتيكس"، إضافة لاستضافتها للمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".
وقبل أيام فازت دولة الإمارات باستضافة المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة الذي ينظِّمه الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة “IUCN” في 2025، حيث قدمت هيئة البيئة في أبوظبي ملف الاستضافة ممثلة لحكومة أبوظبي ودولة الإمارات.
ويؤكِّد العرض الناجح الذي قدَّمته أبوظبي لاستضافة المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، الذي ينظِّمه الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في عام 2025، التزامَ دولة الإمارات بحماية البيئة، والعمل على تعزيز الريادة في مجال مواجهة تغيُّر المناخ وتحقيق الاستدامة.
جوائز بيئية
أيضا ضمن جهودها الرائدة لترسيخ ثقافة الاستدامة والمحافظة على البيئة ونشر الوعي حول أهمية تبني السلوكيات التي من شأنها حماية كوكب الأرض، أطلقت دولة الإمارات خلال الأعوام الماضية العديد من الجوائز البيئية المحلية والدولية، بهدف تحفيز الجهود المؤسسية والفردية لتطوير حلول مبتكرة تسهم في مواجهة تداعيات التغير المناخي.
ويتماشى إطلاق هذه الجوائز مع مسيرة الإمارات الرائدة في قيادة الجهود الدولية وتعزيز التعاون من أجل تسريع التحول نحو التنمية الخضراء، ومواجهة التحديات البيئية.
من أبرز تلك الجوائز جائزة زايد للاستدامة، جائزة زايد الدولية للبيئة، جائزة حميد بن راشد الدولية للاستدامة، جائزة حمدان بن زايد البيئية، جائزة الإمارات للطاقة، جائزة البيئة للطفل، جائزة الإمارات لإدارة الطاقة (ISO 50001)، جائــزة الإمارات التقديرية للبيئـة، جائزة البحث والابتكار، جائزة دبي للنقل المستدام، جائزة الشارقة للوعي البيئي، جائزة رواد المستقبل، وجائزة الاستدامة البيئية.