مؤتمر السياسات العالمي.. جهود إماراتية بارزة لمواجهة التحديات الدولية
باستضافتها "مؤتمر السياسات العالمي" تفتح دولة الإمارات أمام العالم نافذة جديدة لبحث سبل مواجهة التحديات وتكريس ثقافة الحوار لحل الأزمات.
نافذة حوار جديدة- غير رسمية- يعد العالم في أمس الحاجة لها في هذا التوقيت المليء بالأزمات لرسم خارطة طريق لحماية مستقبل البشرية من التحديات التي تواجهها حاليا على الصعيد السياسي والبيئي والاقتصادي، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.
ويتضح ذلك جليا من الأجندة الهامة لـ"مؤتمر السياسات العالمي" التي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمشاركة أكثر من 200 شخصية من المسؤولين وصناع القرار والمفكرين والاقتصاديين والأكاديميين والإعلاميين من مختلف أنحاء العالم لبحث أبرز التحديات التي تواجه المنطقة والعالم والبحث عن حلول مستدامة لمواجهتها.
دلالات هامة
ومؤتمر السياسات العالمي أسسه تييري دي مونبريال، مؤسس ومدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
ويعقد المؤتمر منذ انطلاقته في عام 2008 في دولة مختلفة كل عام ويستهدف تعزيز عالم أكثر انفتاحاً وازدهاراً وعدلاً، وتستضيف الإمارات نسخته الـ 15 هذا العام للعام الثاني على التوالي.
وتنظيم المؤتمر الذي يعد إحدى أهم الفعاليات الفكرية السنوية على مستوى العالم في الإمارات للعام الثاني على التوالي، يحمل الكثير من الدلالات تبرز أهميتها وثقلها ومكانتها على الصعيد الدولي، وإيمان مؤسسي المؤتمر بسعيها لنشر السلام وثقافة الحوار والتسامح، وتلاقي أهدافهما في تعزيز عالم أكثر انفتاحاً وازدهاراً وعدلاً.
مشاركة بارزة
يتضح ذلك جليا في المشاركة الإماراتية البارزة في المؤتمر، لإلقاء الضوء على التجربة الإماراتية الملهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وجهودها لمواجهة الأزمات الدولية وعلى رأسها التغير المناخي، والأزمة الأوكرانية، وأمن الغذاء وأمن الطاقة.
ومن أبرز المشاركين في مؤتمر السياسات العالمي من دولة الإمارات- بحسب أجندته: الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، وريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ومريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة، وخلدون المبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمجموعة في شركة مبادلة للاستثمار، وعبدالله محمد المزروعي، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي.
كما يشارك في المؤتمر الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي ودميتري كوليبا وزير خارجية أوكرانيا ووزير الدولة بوزارة الخارجية الرواندية نشوتي منسي، ووزير الاقتصاد والمالية بدولة بنين روموالد وداني.
من أبرز المشاركين أيضا تييري دي مونبريال، مؤسس ومدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، ومسعود أحمد رئيس مركز التنمية العالمية في واشنطن وقداسة البطريرك المسكوني برثلماوس الأول رئيس أساقفة القسطنطينية.
ويناقش المؤتمر عبر 21 جلسة وعدد من ورش العمل العديد من الموضوعات الهامة من بينها الشرق الأوسط في السياق الجيوسياسي الجديد.
وأزمة المناخ والاقتصاد الدائري وحوكمة الفضاء، والأمن الغذائي، وتداعيات الحرب الأوكرانية، والحوكمة العالمية والصحة العامة، وأبرز التحديات الدولية المعاصرة.
رؤية ملهمة
وتعد استضافة أبوظبي لفعاليات المؤتمر بمثابة رسالة إماراتية تدعو العالم إلى إفشاء السلام ونشر التسامح وإعلاء لغة الحوار وتعزيز التضامن لمواجهة التحديات.
وهو ما وضح في الكلمة التي ألقتها ريم الهاشمي، وزير الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، في افتتاح المؤتمر، الجمعة، والتي ركزت على أهمية تعزيز التعاون الدولي لمواجهة الأزمات والتحديات، مبرزة التجرية الإماراتية في هذا الصدد.
وأكدت الهاشمي إن التقدم الذي تشهده الإمارات قائم على مبدأ احترام القيم ووجهات النظر المختلفة.
وأضافت أنه "ينبغى أن ندرس ونتفهم جيدا التحديات التي مررنا بها خلال العام الحالي"، مشيرة إلى أن المشكلات العالمية يجب حلها بروح التعاون.
وشددت الهاشمي على أن "دولة الإمارات تحوي العديد من الثقافات على مستوى عربي وعالمي، كما نتبادل السلع مع الدول الأخرى نتبادل الممارسات والأفكار مع جميع الدول حول العالم لنتعلم كيف ننمو كأمة وشعب".
وأشارت إلى أنه "لمواجهة تحديات الغد والمشكلات التي نواجهها اليوم يجب أن نقيم بدقة أين نقف الآن، 2022 كانت سنة تحديات خاصة التعافي من جائحة كورونا، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت لأزمة إنسانية كبيرة في أوروبا وأثرت على ملفات أخرى مثل سلاسل الإمداد والأمن الغذائي".
وأوضحت أن "الإمارات تستضيف كوب 28 ونعمل على جلب الأفكار المختلفة للنقاش".
ولفتت الهاشمي إلى أن "المؤسسات التي تأسست في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية واجهت خلال آخر 10 سنوات تحديات دايناميكية، ويجب على هذه المؤسسات أن تظل تعمل على إيجاد حلول للمشكلات الحالية".
واختتمت كلمتها مؤكدة أن "طريق التقدم في دولة الإمارات واضح وسيتم عبر الحوار البناء".
نجاح متواصل
دعوة دولة الإمارات لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة الأزمات هي سياسة تطبقها بالفعل وتؤتي ثمارها على الدوام.
يأتي انطلاق المؤتمر غداة نجاح وساطة دولة الإمارات في تحقيق إنجاز جديد على الصعيد الدبلوماسي، حيث أعلن بيان إماراتي سعودي مشترك، الخميس، أن البلدين قادا جهود الوساطة لتبادل سجناء بين الولايات المتحدة وروسيا.
وكشف البيان عن نجاح الوساطة التي قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، للإفراج وتبادل مسجونين اثنين بين الولايات المتحدة وروسيا.
نجاحٌ في الوساطة يعكس علاقات الصداقة المشتركة والوطيدة التي تجمع كلا من دولة الإمارات والسعودية، بالولايات المتحدة وروسيا، والدور المهم الذي تلعبه قيادتا البلدين الشقيقين في تعزيز الحوار بين جميع الأطراف.
وشملت عملية تبادل السجناء كلا من لاعبة السلة الأمريكية بريتني جراينر المحتجزة في روسيا منذ فبراير/شباط الماضي، وفيكتور بوت الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاما في الولايات المتحدة.
أيضا يتزامن المؤتمر مع الجهود الإماراتية البارزة لحل الأزمة الأوكرانية.
ومن دورها في مواجهة الأزمات الدولية إلى دورها البارز في مواجهة التحديات العالمية، حيث تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
ثقة عالمية
جهود بارزة تؤكد تعاظم مكانة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، وتزايد ثقة العالم وتقديره لجهودها على مختلف الأصعدة.
تلك المكانة بدت واضحة في مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في قمة العشرين، بمدينة بالي الإندونيسية، ومؤتمر تغير المناخ الشهر الماضي، في قمتين من بين 6 قمم دولية شارك فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال 5 شهور، ارتكزت على سبل مواجهة التحديات العالمية على مختلف الأصعدة، وعلى رأسها أمن الطاقة وأزمة تغير المناخ والأزمة الأوكرانية، مما يعكس المكانة الكبيرة لدولة الإمارات وقيادتها.
مشاركات دولية فعالة عززت حضور دولة الإمارات الفاعل في أرفع المنظمات والهيئات والمجالس الدولية، جاءت متناغمة مع فوز البلد الخليجي، نهاية مايو/أيار الماضي، برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، والتي تضم في عضويتها 100 دولة.
فوز الإمارات برئاسة "كوبوس" جاء بعد نحو شهرين من إسدالها الستار على شهر كامل (مارس/آذار الماضي) من رئاستها مجلس الأمن الدولي، استطاعت خلاله تحقيق إنجازات بارزة، سواء كرئيس لمجلس الأمن الدولي أو عضو غير دائم به.
أهداف سامية
وتتوافق استضافة الإمارات لمؤتمر السياسات العالمي مع مبادئ الخمسين التي تحدّد توجهات الإمارات للخمسين سنة المقبلة، والتي تؤكد أن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية، ويأتي من بين أهدافها ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات كوجهة اقتصادية وسياحية وصناعية واستثمارية وثقافية واحدة.
كما تتوافق كذلك مع وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية، التي وقّعها الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في مثل فبراير/شباط عام 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وطالبت الوثيقة قادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي بـ"العمل جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فوراً لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حالياً من حروب وصراعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي".
أيضا تنسجم أهداف المنتدى مع توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وجهوده في نشر السلام وترسيخ الاستقرار حول العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات.
ومن أبرز مبادرات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، توصله لاتفاق تاريخي بين دولة الإمارات وإسرائيل، في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020، وتدخله شخصيا لتخفيف حدة التوتر في عدد من أماكن العالم، أبرزها وساطته لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا في يوليو/تموز 2018.
aXA6IDMuMTQ1Ljg4LjIwIA== جزيرة ام اند امز