العالم يتهيأ للاحتفال بالشارقة عاصمة للكتاب
أضواء الثقافة في العالم مسلطة على مدينة الشارقة وهي تستعد بداية من السبت للاحتفال بهذه المناسبة تحت شعار "افتح كتابا.. تفتح أذهانا".
تتهيأ دولة الإمارات والعالم للاحتفاء بـ"الشارقة" بعد أن اختارتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتكون "العاصمة العالمية للكتاب 2019"، ولتخلف بذلك مدينة أثينا اليونانية التي اختيرت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2018.
وتدخل الثقافة الإماراتية عام 2019 من خلال مدينة الشارقة، حيث تستحق مكانة هذه المدينة العريقة وتاريخها البارز ودورها الحضاري أن تتخذها الإمارات بوابتها نحو العالمية وتقدم إرثها الغني للعالم.
واليوم أضواء الثقافة في العالم مسلطة على مدينة الشارقة وهي تستعد بداية من السبت، للاحتفال بهذه المناسبة تحت شعار "افتح كتابا.. تفتح أذهانا"، وإقامة العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية المتميزة في جميع مناطقها ومدنها وتستمر عاما كاملا حيث تجري الاستعدادات على قدم وساق لبدء تقديم التراث الثقافي للمدينة التاريخية إلى العالم عبر فعاليات ثقافية متعددة تحتضنها على مدار العام.
والمتتبع لمشوار إمارة الشارقة الثقافي يستشف أنها تراهن على عبق الثقافة والحضارة الإماراتية الأصيلة الذي يفوح وينثر أريجه في سماء "إمارة الثقافة"، ويبدو أن هذا نهج وديدن تبنته الشارقة خلال العقود الأخيرة، إذ انتقلت فيها من إمارة صغيرة على تخوم صحراء الربع الخالي إلى منارة ثقافية سامقة استحقت التكريم أربع مرات، فهي فازت بأربعة ألقاب ثقافية مهمة على الأصعدة المحلية والدولية، فقد نالت عام 1998 لقب عاصمة الثقافة العربية ثم عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2014 ثم عاصمة السياحة العربية عام 2015 وأخيرا حصلت على لقب عاصمة عالمية للكتاب عام 2019 بعدما أقرت لجنة اختيار العواصم العالمية للكتاب بمنظمة اليونسكو المشروع الذي تقدمت به الشارقة.
و"شارقة الثقافة" هي حضارة عريقة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان الإماراتي والعربي والعالمي تركت في عقله ووجدانه بصماتها وتبنت في غمرة اندفاعها لتنضم إلى ركب قائمة المدن الثقافية العالمية ثورة ثقافية كبرى طالت مظهرها الحضري والثقافي وشملت أدق التفاصيل حتى غدت قطبا ثقافيا وعاصمة للثقافة والحضارة والعلم تلبس حلة من التجديد والتألق الدائمين وتفرد مساحات مهمة لمفردات الثقافة والتراث تزين شوارعها وحدائقها وساحاتها.
وحول اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019، قال سالم عمر سالم، مدير مدينة الشارقة للنشر، في تصريحات خاصة: "إننا فخورون جدا بحصول إمارة الشارقة على لقب عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 الذي جاء بعد جهود متواصلة وحراك ثقافي متنامٍ تبلور بعناية بفضل جهود ودعم راعي الثقافة والعلم والمعرفة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي لخصها بقوله (الثقافة حجر الزاوية في التنمية المنشودة وهي ما يحقق التوازن بين الانتماء الحضاري وروح العصر)".
وأضاف: "بعيدا عن المناسبات الرسمية والاحتفاءات التي تقتضيها اعتبارات بعينها تظل مدينة الشارقة عاصمة أبدية من عواصم الثقافة والتاريخ ومنبعا عميقا من منابع الحضارة الإنسانية مثل الكثير من حواضر الإمارات التي تشتهر بالعلم والعلماء والإسهام الحضاري على مر التاريخ".
وأكد أن الحراك الثقافي القوي الذي تشهده دولة الإمارات يسهم في ترسيخ مكانتها كمنارة للفكر والإبداع على مستوى المنطقة مع حرصها على الحفاظ على دورها المؤثر في إثراء الحياة الثقافية العربية والعالمية أسوة بإسهاماتها ضمن مختلف المجالات وعلى كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية الأخرى والشارقة جزء أصيل من المنظومة الإماراتية والكل يعمل كيد واحدة والتناغم والتوافق هو أساس النجاح في كل عمل، وهي مبادئ تتشبث بها الإمارات قيادة وشعبا لمواجهة تحديات المستقبل بقوة ونجاح.
وأوضح أن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن الإمارات تنشر اليوم نحو 500 عنوان جديد في العام مقارنة مع 6 كتب فقط تم إصدارها في عام 1970 وتتجاوز صادراتها من الكتب نحو 40 مليون دولار أمريكي سنويا.
وأكد أن الشارقة بعلمها وثقافتها وصروحها ومنابرها وبعبقها التاريخي تؤرخ حكايتها المعرفية الثرية بكنوزها الإسلامية وبتراثها الإنساني ليكون استحقاقها لمكانتها كعاصمة عالمية للكتاب 2019 مستحقا عن جدارة.
ولفت إلى أن إمارة الشارقة تذخر بإرث ثقافي غني بالإنجازات والمظاهر الثقافية الخالدة بقيادة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة راعي العلم والمعرفة وما وصلت إليه من مكانتها هو حصاد ما يقارب أربعة عقود من العمل الدؤوب والجهود الكبيرة التي انعكست على مسارها الثقافي وعلى دورها البارز في المنظومة الثقافية العالمية.
وتابع: "حققت الشارقة التي تحتضن أول منطقة للنشر في العالم والمقر الدائم لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات العديد من الإنجازات الثقافية التي استقطبت بها أنظار العالم، وباتت قبلة الثقافة العربية والعالمية حاضنة لكبار الكتاب والمؤلفين والمفكرين والشعراء، ما جعلها درة تتلألأ في سماء الثقافة العالمية".
وحول مفهوم الشارقة للثقافة، أكد أن التنمية بمفهوم الشارقة تعني استدامة الثقافة التي تشكل وفق فكر الإمارة بنية أساسية لمختلف الإنجازات التنموية التي تعم فوائدها أرجاء العالم، ما انعكس على استحقاقها لألقابها الثقافية ابتداء من عاصمة الثقافة العربية وصولا إلى العاصمة العالمية للكتاب الذي يعتبر تتويجا لمسيرتها الثقافية واعترافا دوليا بدور الشارقة الباني والداعم للفكر الثقافي.
وأضاف أن إمارة الشارقة التي حملت على عاتقها مسؤولية تمكين المجتمعات ثقافيا وترسيخ التقارب مع الكتاب جعلت من الثقافة نهجا وأسلوب حياة لبناء الإنسان والاستثمار بمعارفه وترسيخ هويته وانتمائه، وصولا إلى هدفها والانتقال من عبق التاريخ إلى ألق الثقافة الذي يشع في سماء العالم.
وقال إن الشارقة تعمل في تناغم وتوافق كبيرين ضمن المنظومة الثقافية الإماراتية ككل ودولة الإمارات عرفت خلال السنوات القليلة الماضية نشاطا كبيرا على المستوى الثقافي والمعرفي، ما وضعها في صدارة المشهد الثقافي العالمي، سواء من خلال دورها في إنتاج الثقافة أو رعايتها وتشجيعها أو دعمها كممارسة يومية في حياة المواطن، وقد تبنت الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان استراتيجية محكمة تقوم على أساس الثقافة تمثل الدعامة الأساسية لكل تطور وتقدم.
وواصل: "دولة الإمارات خصوصا مدينة الشارقة أنشأت خلال سنوات قليلة العديد من الجامعات والمدارس والمراكز الحضارية وتستقبل العلماء والمفكرين وتؤسس لصناعات ومدن اقتصادية، وتتبنى نظماً جديدة تتناسب وخطوات التحديث وتسهيل الإجراءات وخلق وعي عام بقيمة تثبيت العلاقة بين المواطن والثقافة المحلية والدولية؛ كل ذلك هدف ينقلنا إلى العالم المتطور، وهذا يكفي تماما للقول إن الشارقة درة تتلألأ في جبين الثقافة العالمية وبوابة العالم للثقافة".
وحول مستقبل صناعة النشر في الإمارات، قال إن لغة الأرقام تظهر الحال الذي وصل إليه قطاع النشر حيث أكدت إحصاءات جمعية الناشرين الإماراتيين أن سوق النشر الإماراتي يعد اليوم واحدا من أسرع أسواق النشر نموا على مستوى العالم، فقد ظل يحقق نموا سنويا بنسبة 12 بالمائة خلال الأعوام العشرة الماضية، كاشفا أن الإحصائيات تقدر إجمالي قيمته حاليا بنحو 233 مليون دولار أمريكي حيث يصنف الرابع والثلاثين عالميا من حيث عدد الكتب والعناوين التي يتم نشرها في كل عام، مؤكدا أنه وفقا للتقديرات يمكن أن توفر صناعة النشر أكثر من 6 آلاف وظيفة بحلول عام 2020.
وكشف أن أوروبا تعد أكبر شريك تجاري عالمي للإمارات في هذا القطاع، حيث تبلغ قيمة التبادلات التجارية في قطاع النشر بين الإمارات والاتحاد الأوروبي ما يزيد على 90 مليون دولار أمريكي سنويا.
أما على مستوى الشارقة فيقول مدير مدينة الشارقة للنشر إن الإمارة أرست رؤى استراتيجية سباقة لتفعيل قطاع النشر على مستوى المنطقة فأنشأت مدينة الشارقة للنشر بهدف تعزيز مكانة الإمارة كمركز عالمي يستقطب المعنيين بقطاع النشر والطباعة بأنواعها كافة والنهوض بقطاع النشر والطباعة وتوفير الدعم اللازم لتطويره والارتقاء به والتأكيد على أهمية الكتاب وأثره في نشر الوعي والعلم بالمجتمع في ظل التطور التقني وتنوع مصادر المعرفة.
وأكد أن المعارض والمؤتمرات تعتبر من أهم مراكز الجذب الثقافية والسياحية لإمارة الشارقة حيث باتت تلبي هذه الفعاليات احتياجات جميع القطاعات الثقافية والترفيهية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها من القطاعات، ما جعل من الإمارة وجهة متفردة للمثقفين والمفكرين ومحبي العلم والمعرفة، ومن أبرز هذه المعارض والمؤتمرات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يعتبر ثالث أكبر معرض للكتاب على مستوى العالم والذي يستضيف سنويا أكثر من ألف و500 ناشر من مختلف دول العالم وأكثر من مليوني زائر يتوافدون إلى المعرض من مقيمين وزوار إلى جانب مهرجان الشارقة القرائي للطفل.
وحول توقعاته المستقبلية لقطاع النشر في المدينة يقول إن مدينة الشارقة للنشر تعمل في إطار رؤية شاملة تسعى إلى ترسيخ مكانتها لتصبح مركزا رائدا على مستوى العالم يسهم في تحقيق ازدهار أعمال النشر والطباعة ومنصة للإبداع لجميع العاملين في هذا المجال من خلال سلسلة من الامتيازات والخدمات المتطورة والمتوفرة بأسعار مناسبة ضمن بيئة جاذبة للمستثمرين.
وأكد أن تتويج الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019 سيشكل فرصة حقيقية أمامنا لتكثيف جهودنا في دعم الناشرين والعاملين في قطاع النشر محليا وعربيا، كما سيساعدنا اللقب على استهداف أسواق جديدة للتوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتوفير بيئة تشجع على الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة لتعزيز الأعمال.
aXA6IDMuMTQ1LjE2My4xMzgg جزيرة ام اند امز