جوزيف عون: 45% من الوظائف الحالية لن تكون موجودة مستقبلاً
القمة العالمية للحكومات تبحث النموذج المستقبلي للتعليم العالي
أكد الدكتور جوزيف عون، رئيس جامعة نورث إيسترن، في الولايات المتحدة الأمريكية، أن" العالم اليوم يشهد تحولات تكنولوجية كبرى من شأنها أن تغير ملامح سوق العمل بشكل قد يلغي ما يقرب من 45% من الوظائف الموجودة حاليًا، ويستبدلها بمجموعة من الوظائف الجديدة التي تتطلب بدورها مهارات وأدوات مختلفة".
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان "ما هو النموذج المستقبلي للتعليم العالي؟" ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات في دورتها الخامسة المنعقدة في دبي في الفترة من 12 ـ 14 فبراير 2017، وناقش عون أهم ملامح المستقبل، وأفضل السبل التي يمكن لمنظومة التعليم العالي في العالم أن تتبناها للتكيف مع المتغيرات وللتصدي للتحديات الماثلة.
وقال: "هناك نوعان من الطلبة، الأول هو طالب العلم الذي قضى سنوات طويلة في التعلّم لكن تنقصه خبرات حياتية وعملية كثيرة، وهناك النوع الثاني الذي قضى في سوق العمل سنوات طويلة، ولم يعد يجد الوقت الكافي، لإضافة معارف جديدة إلى ما تعلمه قبل أن يدخل إلى الحياة المهنية، لكن مع ما يحمل لنا المستقبل من تحديات قد تغير ملامح سوق العمل، فلابد أن نبدأ بتهيئة التلاميذ من اليوم لكي يتأقلموا مع تلك المتغيرات من خلال الإلمام بمواضيع شتى تعزز من مهاراتهم، وإمكانياتهم على المنافسة في السوق".
وأضاف: "إن ما يميز الإنسان عن الآلات هو والروبوتات هو القدرة على خلق مفاهيم جديدة وأفكار والتعامل معها، وتطوير المهارات والأساليب الخاصة بالاستفادة منها في الحياة، لكن الشكل الحالي للنظام التعليمي في العالم لا يركز على تقوية وتعزيز هذه الخواص الإنسانية".
وأشار عون إلى كثرة النقاشات والحوارات التي تتناول مستقبل الإنسان على الأرض في ظل التطورات التكنولوجية، لكنه أكد على أن أهم خطوة الآن هي أن يضع أصحاب القرار والمسؤولون خطة تتضمن خطوات واضحة نحو مستقبل الإنسانية في مجال التعليم والعمل.
وقال: "إن ما نحتاج إليه اليوم هو مفهوم التعلم الاختباري، وهو ما يربط بين التعلم الصفي والخبرة الحياتية، هذا النوع من التعليم يعرّض الأفراد إلى خبرات عملية متنوعة من خلال الانخراط في سوق العمل لفترة من الزمن، ثم يتيح لهم العودة على مقاعد الدراسة، في هذه الحالة، سيكون الطالب ملمًا بشكل كبير بما يحتاجه من العلوم والمعارف التي يتلقاها داخل صف الدراسة، وبالتالي يكون الطالب جاهزاً لتحقيق إضافة مهمة إلى سوق العمل وإلى حياتنا بشكل عام".
وأضاف عون: "التعلم مدى الحياة مفهوم رائع، ويعالج المشاكل التي تطرقنا لها سابقًا، لكن الجامعات الكبرى لا تزال تختبر هذه المفهوم إلا أنها مع الأسف لا تأخذه على محمل الجد، وقد بدأنا نلحظ زيادة في عدد الشركات التي تنشئ جامعات داخلية، كما يحدث في الولايات المتحدة لسد هذه الثغرة التي لا توفرها مؤسسات التعليم العالي، إلا أن هذا قد يؤثر على جودة التعليم وجدّية العملية التعليمية بشكل كبير على المدى الطول. على الجامعات التقليدية مراجعة نظامها إلى الحد الذي توفر للموظف أفضل تعليم، وبشكل يلائم أسلوب حياته وعمله".
واختتم عون بالتأكيد على أن التغيير قادم، وأفضل ما يمكننا فعله هو تهيئة كافة الموارد ليس للتصدي له، بل لمواكبته والاستفادة من في خير البشرية قدر الإمكان، ومن أجل انتقال أفضل من عصر إلى عصر آخر، على القيادات في كافة القطاعات أن يتقنوا مبادئ إدارة التغيير. وإن المنظومة التعليمية الحالية تتحمل جزء كبير من هذه المسؤولية، وكلما كان الانتظار أطول لتلك المنظومة كي تتكيف مع أدوات العصر، سيزداد حجم تحديات المستقبل بشكل أكبر.
يذكر أن القمة العالمية للحكومات استقطبت أكثر من 4000 شخصية وطنية وإقليمية وعالمية من أكثر من 138 دولة، ما يعكس المكانة البارزة للقمة على المستوى الإقليمي والدولي والاهتمام الكبير من الحكومات والمنظمات العالمية وهيئات القطاعين العام والخاص وصنّاع القرار ورواد الأعمال والأكاديميين وطلبة الجامعات والمبتكرين. وتستضيف القمة 150 متحدثاً في 114 جلسة لتسليط الضوء على أكثر تحديات العالم الملحة واستعراض أفضل الممارسات والحلول العصرية للتعامل معها.