اليوم العالمي لمهارات الشباب 2025.. ريادة إماراتية في الذكاء الاصطناعي

"تمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي وبالمهارات الرقمية"، وهو موضوع اليوم العالمي لمهارات الشباب الذي يحل الثلاثاء، في وقت تواصل فيه الإمارات تعزيز ريادتها في هذا الصدد.
وبتم الاحتفال بهذا اليوم بعد أن أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014 يوم 15 تموز/يوليو يوما عالميا لمهارات الشباب، احتفاءً بما تكتسيه عملية تزويد الشباب بالمهارات اللازمة للعمل والعمالة اللائقة وريادة الأعمال من أهمية استراتيجية.
ومع اتساع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتعاظم الحاجة إلى تطوير نظم التعليم والتدريب التقني والمهني بما يتيح للشباب اكتساب المهارات التي تؤهلهم لاقتصاد المستقبل، جاء اختيار موضوع هذا العام ليسلّط الضوء على تمكين الشباب بوساطة الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية.
وتستهدف احتفالية هذا العام دعوة الدول لدعم الشباب وتمكينهم، وتعزيز الاستثمار في قدراتهم عبر إتاحة المهارات الرقمية وأدوات الذكاء الاصطناعي، ليكونوا في طليعة من يواجه تحديات الحاضر ويُرسون دعائم مستقبل يسوده السلام والشمول والاستدامة.
وهو أمر انتبهت له دولة الإمارات منذ وقت مبكر، وخطت خطوات واسعة وأطلقت مبادرات ملهمة نحو تمكين شبابها وموظفيها وحكومتها بوساطة الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية، وأضحى لها الريادة في هذا المجال.
فقبل ثماني سنوات وتحديداً في العام 2017، اعتمد مجلس الوزراء برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، إطلاق إستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وفي العام نفسه تم الإعلان عن تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، وفي عام 2018 تم تشكيل مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية، وفي 2024 أُنشِئ مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة ، وفي العام نفسه استحدثت حكومة دولة الإمارات منصب "الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي" في الوزارات والجهات الاتحادية بالدولة.
واكب تلك الخطوات والمبادرات الإعلان عن تأسيس "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي" العام 2019، كأول جامعة للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
أما أحدث المبادرات في هذا الصدد، فتم الإعلان عنها قبل شهر، وتمثلت في إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية، كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية، ومجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية كافة بداية من يناير 2026.
مبادرات متتالية تعزز خطوات الإمارات نحو تحقيق هدفها أن تكون دولة الإمارات الأفضل في العالم بحلول مئوية تأسيسها عام 2071، بالتركيز على تطوير مهارات أجيال المستقبل والنهوض بالشباب على مختلف الأصعدة.
تسعى "مئوية الإمارات " إلى الاستثمار في شباب الدولة، وتجهيزهم بالمهارات والمعارف التي تستجيب مع التغيرات المتسارعة، والعمل كي تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في العام 2071.
يحل اليوم العالمي لمهارات الشباب هذا العام، فيما تجني أجيال الحاضر في دولة الإمارات، وستلحقها أجيال المستقبل ثمار هذه الخطوات الاستباقية في الاهتمام بالذكاء الاصطناعي.
وبمناسبة اليوم العالمي لمهارات الشباب، تسلط "العين الإخبارية" في التقرير التالي، أبرز مبادرات الإمارات الأكاديمية لتمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي.
جامعة محمد زايد للذكاء الاصطناعي
من أبرز المبادرات الهادفة لتمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي، إطلاق جامعة محمد زايد للذكاء الاصطناعي التي تعد أول جامعة في العالم للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي.
ومنذ انطلاقها في أكتوبر 2019، حققت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي العديد من الإنجازات المهمة على طريق تمكين جيل جديد من قادة الذكاء الاصطناعي من خلال التعليم الاستثنائي وعبر نموذج فريد من الكوادر الأكاديمية.
وتقدم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عدداً من برامج الدراسات العليا التي تلبي احتياجات السوق في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف مساعدة الطلاب على النجاح في المسيرة المهنية التي يختارونها، والاستفادة من معارفهم المكتسبة لمعالجة عدد من أبرز التحديات الراهنة.
وفي إطار اهتمام القيادة بتمكين الشباب في هذا المجال، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر في أبوظبي يناير/ كانون الثاني الماضي.
واطلع ـ خلال جولة في أقسام الجامعة ومرافقها ـ على البرامج الدراسية التي تطرحها الجامعة وأبرز المجالات البحثية التي تهتم بها والإمكانات التي تقدمها إلى الدارسين..إضافة إلى شراكاتها مع المؤسسات العالمية المختصة بدراسات الذكاء الاصطناعي.
وأكد خلال الجولة أن الجامعة تعد رافداً مهماً يعزز رؤية الدولة التنموية بشأن الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وإعداد كوادر وطنية متخصصة في هذا المجال الحيوي بجانب إرساء دعائم الاقتصاد المتنوع القائم على المعرفة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي وضمان استدامته لأجيال الحاضر والمستقبل.
وأعرب عن تطلعه إلى أن تسهم الجامعة في بناء قاعدة علمية من البحوث والدراسات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ومستقبل هذا المجال.
وخلال الشهر الجاري، اختتمت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بنجاح، نسخة عام 2025 من برنامجها للتدريب البحثي للطلاب الجامعيين، الذي شهد مشاركة استثنائية تُعدّ الأكبر والأكثر تنوعاً منذ انطلاقه.
وجمع البرنامج على مدار أربعة أسابيع، 57 طالباً من طلاب البكالوريوس المتفوّقين من 24 دولة، ينتسبون إلى عدد من أبرز الجامعات والمؤسسات الأكاديمية حول العالم؛ بما فيها "المعاهد الهندية للتكنولوجيا"، و"معهد جورجيا للتكنولوجيا"، و"جامعة ميريلاند - كوليدج بارك"، و"جامعة كامبيناس"، و"معهد مونتيري للتكنولوجيا"، و"جامعة نظرباييف".
ويشهد حرم الجامعة في أبوظبي في كلّ عام، انطلاق "برنامج التدريب البحثي للطلاب الجامعيين"، والذي يتيح لطلاب السنة النهائية أو ما قبل النهائية من البكالوريوس فرصة فريدة للعمل عن قرب مع نخبة من الأكاديميين والخبراء العالميين على مشاريع بحثية متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي.
وشملت مشاريع هذا العام تخصصات متعددة مثل تعلّم الآلة، والرؤية الحاسوبية، والروبوتات، ومعالجة اللغة الطبيعية، وعلوم الحاسوب الأساسية، مع تركيز قوي على التطبيقات التي تُحدث أثراً في الواقع العملي.
شراكة أكاديمية
وإضافة إلى جامعة محمد زايد للذكاء الاصطناعي، يتزايد الاهتمام في مختلف جامعات الإمارات في هذا المجال،
ويسعى مركز الذكاء الاصطناعي في "جامعة السوربون أبوظبي" إلى تعزيز التميز المتعدد التخصصات في هذا المجال الحيوي والإسهام في دعم الابتكار في الإمارة.
ولتحقيق هذا الهدف أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة السوربون أبوظبي يونيو/ حزيران الماضي شراكة أكاديمية إستراتيجية تهدف إلى تسريع التعاون في مجالات البحث العلمي والتعليم وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وتنص الشراكة، التي تدعم أولويات الإمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعليم، على تنفيذ عدة مبادرات بحثية مشتركة تركز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجموعة من القطاعات الحيوية، مثل الرعاية الصحية، والطاقة، وعلوم المناخ، والنقل، والعلوم الإنسانية الرقمية.
كما يعمل الجانبان معا على الإشراف على طلبة الدكتوراه والباحثين بعد الدكتوراه، بهدف تعزيز تطوير الكفاءات الأكاديمية العالية المستوى.
وتتضمن الشراكة أيضاً تبادل أعضاء الهيئة التدريسية والباحثين، بما يعزز التجربة التعليمية، ويعزز من تبادل المعرفة متعددة التخصصات.
ويتعاون الطرفان في تصميم وتقديم دورات وورش عمل ومدارس صيفية مخصصة للمهنيين والشباب، تغطي أساسيات الذكاء الاصطناعي والنماذج التوليدية وأخلاقيات العمل بالذكاء الاصطناعي.
تمكين الطلاب
أيضا ضمن الشراكات الإستراتيجية لتمكين الطلاب في مجال الذكار الاصطناعي، وقعت كليات التقنية العليا، أكبر مؤسسة للتعليم العالي في الإمارات، قبل أيام شراكةً إستراتيجية مع شركة سال -Saal.ai" المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، وإحدى الشركات التابعة لـ "أبوظبي كابيتال جروب"، بهدف تمكين الطلبة الإماراتيين عبر رفدهم بالمهارات العملية في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.
وتتمحور الشراكة حول دمج "ديجكست - DigiXT"، المنصة المؤسسية واسعة النطاق التابعة لشركة سال، ضمن البرامج الأكاديمية في كليات التقنية العليا، بما يُتيح للطلبة فرص اكتساب خبراتٍ عملية حول التطبيقات الفعلية للأدوات المتقدمة للذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ويسهم في تعزيز تنافسية الطلبة وجاهزيتهم لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة.
وتتواءم هذه الشراكة بين كليات التقنية العليا وشركة سال مع الإستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة للذكاء الاصطناعي 2031، والتي تحدد إطاراً طموحاً لترسيخ مكانة الدولة كرائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات متعددة، بما في ذلك التعليم والنقل والفضاء والتكنولوجيا والطاقة.
برامج أكاديمية
على صعيد ذي صلة، أعلنت جامعة العين 10 يوليو/ تموز الجاري إطلاق 17 برنامجاً أكاديمياً جديداً على مستويات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة والدبلوم المهني، في خطوة تعكس التزامها بدورها الوطني والمجتمعي في تأهيل كفاءات شابة قادرة على مواكبة التحولات التي يشهدها سوق العمل في مجالات حيوية من بينها الذكاء الاصطناعي.
من بين البرامج الجديدة بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وماجستير العلوم في الذكاء الاصطناعي، بما يعزز حضور الجامعة في مجالات الصناعات الإبداعية والتحول الرقمي، التي تشكّل أولوية وطنية لدولة الإمارات.
الابتعاث
وفي إطار نهج القيادة الإماراتية لدعم الكفاءات الشابة وتأهيل جيل قادر على قيادة التحول الرقمي وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، شارك طلبة إماراتيون مبتعثون لدراسة علوم المكتبات في الولايات المتحدة، أوائل الشهر الجاري في برنامج مؤتمر جمعية المكتبات الأمريكية لعام 2025 بمدينة فيلادلفيا,
يأتي ذلك ضمن بعثة علمية نظمها "الأرشيف والمكتبة الوطنية" بالتعاون مع "مكتب البعثات الدراسية"، وسط مشاركة أكثر من 25 ألفا من المهتمين بالمكتبات وعلومها.
ويهدف البرنامج إلى إطلاع الطلبة على أحدث الممارسات والابتكارات التقنية في قطاع المكتبات، حيث شمل زيارات ميدانية لمؤسسات رائدة مثل "مكتبة الكونغرس" و"الإدارة الوطنية للمحفوظات والسجلات الأمريكية".
تأتي هذه المبادرة في إطار نهج القيادة الرشيدة لدعم الكفاءات الشابة وتأهيل جيل قادر على قيادة التحول الرقمي وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مكتبات الدولة، بما يسهم في بناء اقتصاد معرفي مستدام.
صنع في الإمارات
ويحل اليوم العالمي لمهارات الشباب، في وقت بدأت تحصد فيه الإمارات ثمار رؤيته الملهمة في تمكين الشباب في مجال الذكاء الاصطناعي.
فقبل أيام ، تم الإعلان عن ابتكار فريق من طلبة جامعة دبي روبوتاً ذكياً لكشف الألغام عن بُعد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ضمن مشروع تخرجهم الذي استلهموه من تحديات ميدانية تواجهها العديد من دول العالم في حالات الحروب والصراعات لاسيما في المناطق الريفية.
وأشاد الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، بجهود الطلبة الذين أثبتوا تميزهم في مجالات الابتكار والبحث العلمي، من خلال مشروعات قابلة للتطبيق الصناعي والتجاري.
وأشار إلى أن شعار “صُنع في الإمارات ويُباع عالمياً” أصبح واقعاً قابلاً للتحقق بفضل دعم الدولة لريادة الأعمال وفتح المجال للطلبة في المناطق الحرة الجامعية، إضافة إلى الدور المحوري للمؤسسات الأكاديمية والصناعية في الدولة.
وتمتلك دولة الإمارات تجربة رائدة على المستوى العالمي في مجال تمكين الشباب والاستثمار في طاقاتهم وإمكانياتهم بوصفهم أداة التغيير والتطوير الأساسية القادرة على العبور بالمجتمع نحو المستقبل الأفضل.