من مسح الأحذية لجمع الكؤوس.. 6 محطات في حياة يايا توريه
تعرف على 6 محطات فارقة في حياة يايا توريه نجم وسط مانشستر سيتي وبرشلونة السابق في عيد ميلاده السابع والثلاثين
يمثل الإيفواري يايا توريه، لاعب الوسط السابق لفريقي مانشستر سيتي الإنجليزي وبرشلونة الإسباني، مثالاً استثنائياً على كيفية صناعة المجد من الصفر، بعدما واجه على مدار حياته العديد من المحطات الصعبة التي كادت تؤدي لإنهاء رحلته قبل أن تبدأ.
لكن النجم الأفريقي فعل العكس، فأصبح جزءا من تاريخ كرة القدم بشكل عام، والإنجليزية منها والأفريقية على وجه الخصوص، بما صنعه مع فريق مانشستر سيتي بطل إنجلترا، وكذلك مع منتخب بلاده وقبلهما برشلونة.
ويحتفل توريه، اللاعب الحالي لفريق كينجداو هيوناغي الصيني، بعيد ميلاده السابع والثلاثين الأربعاء 13 مايو 2020، علماً بأن النجم الأسمر في طفولته كان من الصعب عليه أن يحلم بالاحتفال بيوم مولده مثلما كان يفعل أبناء الطبقات الميسورة، لأنه ببساطة عانى من أشد ألوان الفقر.
وكان يايا نجل موري توريه، ضابط القوات المسلحة المتقاعد، والأم المزارعة، يتناول وجبة واحدة في اليوم خلال طفولته، ببساطة لأنه كان الثاني ضمن 9 أبناء أولهم كان شقيقه الأكبر، الحبيب كولو توريه، نجم دفاعات أرسنال الإنجليزي الذي سبقه في ترك الفقر نحو المجد بصحبة كرة القدم.
مسح الأحذية
مثلت الأحذية المحطة الأولى في حياة يايا توريه، لكنها ربما كانت المحطة الأصعب، فبحسب تقرير سابق نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية الشهيرة، بدأ يايا حياته كمساعد لشقيقه الحبيب كولو في تلميع الأحذية من أجل جلب المال لمساعدة العائلة الفقيرة.
لكن بعدما ذهب حبيب للعب كرة القدم في أحد أندية الهواة الإيفوارية، تولى يايا المهمة كاملة، ليصبح دوره بعد أن ينتهي من تلميع حذاء أن يرفعه للعميل لارتدائه، قبل أن يتحول دوره بعد سنوات إلى رفع أهم الكؤوس العالمية.
في التسعينات، التحق الطفل يايا بأول فريق كرة قدم في سن التاسعة، وكان يلعب بلا حذاء، لكنه أخبر الجميع بأنه ليس لديه أدنى مشكلة مع هذا الأمر.
وحصل توريه على أول حذاء كرة قدم له وهو في العاشرة من عمره، بينما كان شقيقه الحبيب كولو وقتها لاعباً في صفوف فريق شباب أسيك ميموزا الإيفواري.
بداية الرحلة
بدأت رحلة توريه مع كرة القدم في أسيك ميموزا عام 1996 في سن 13 سنة، حيث كانت أكاديمية أسيك التي التحق بها توريه دوماً مصنعا للمواهب من أمثال إيمانويل إيبيويه وسالومون كالو وجيرفينيو وديدييه زوكورا، وكلها أسماء لمعت في سماء الكرة العالمية ومنتخب الألإيال الإيفواري.
إمكانيات ومهارات توريه جعلته يلتحق بالفريق الأول لأسيك في سن مبكرة للغاية، وتحديداً 17 سنة، وكانت لديه رغبة ملحة في النجاح عبر كرة القدم التي كانت وسيلته لترك حياة الفقر بلا رجعة.
ونجح في قيادة أسيك للقب الدوري الممتاز، ليسافر بعدها ضمن وفد من 14 لاعباً إيفوارياً إلى أوروبا عام 2001 لبلجيكا مع فريق بيفيرين، ومن هنا فتحت أمامه أبواب القارة العجوز ولم يعد لكوت ديفوار لاعباً حتى الآن.
فينجر وتصريح العمل
في عام 2003 وقتما كان يايا يلعب في صفوف فريق بيفيرين، وشقيقه الحبيب كولو مدافعا في فريق أرسنال، وافق الفرنسي أرسين فينجر مدرب المدفعجية على دعوة يايا للاختبار في صفوف الفريق.
ووضع فينجر الذي كان يعيش أزهى عصور نجاحاته مع الجانرز في عهد دينيس بيركامب وتييري هنري وباتريك فييرا أول مباراة للجانرز في فترة التحضير لموسم 2003-2004 كمعيار للحكم على توريه.
لكن أداء يايا في المباراة الودية لم يرق للمدرب الفرنسي، خاصة بعدما أهدر اللاعب الأسمر فرصة هدف محقق، ليصف فينجر أداء شقيق لاعبه الحبيب بأنه "متوسط للغاية".
الغريب أن فينجر حاول ضمه لكن الصفقة فشلت لتعثر الحصول على تصريح عمل، فقرر توريه الانتقال إلى فريق ميتالرو دونيتسيك الأوكراني.
قصة بوسكيتس
بعد الانتقال لدونيتسيك، بقي يايا فيه عامين لينضم لموناكو الفرنسي، ومنه إلى برشلونة في صيف عام 2007 ليخوض آخر مواسم المدرب الهولندي فرانك ريكارد.
بقي يايا توريه في برشلونة لاعباً في كتيبة بيب جوارديولا الذهبية التي توجت بالسداسية التاريخية المكونة من الدوري والكأس والسوبر بإسبانيا، ودوري أبطال أوروبا والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، في أول مواسم الفيلسوف.
لكن المدرب الإسباني فضل سيرخيو بوسكيتس اللاعب الواعد الصاعد حديثاً وقتها في عام 2009 على توريه، لتناسب إمكانيات ابن كتالونيا مع فلسفة جوارديولا، مما أدى لتراجع يايا لخط الدفاع، بل إنه لعب كظهير في لقاء مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا 2009.
وظلت الصعوبات تداهم توريه في كل خطوة حتى في أعظم فترات برشلونة، فلم يكن أمامه بد من الرحيل مجدداً لكن هذه المرة نحو الفترة الأنجح في مسيرته، حين انضم لمانشستر سيتي.
توريه والسيتي.. التاريخ يصنع هنا
انضم يايا توريه في 2 يوليو/ تموز 2010 إلى فريق مانشستر سيتي مقابل 24 مليون جنيه إسترليني، ليبقى هناك 8 سنوات كاملة صنع فيها المجد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس لنفسه فقط بل وللسيتي أيضاً.
مانشستر سيتي كان أطول فريق يلعب له يايا، حيث منحته إدارة النادي التقدير والثقة اللذين يستحقهما وعانى في الحصول عليهما في أندية أخرى.
كان توريه هو بطل أول لقب لمانشستر سيتي في عهد مجموعة أبوظبي المتحدة، التي قامت بشراء النادي عام 2008.
ونجح توريه في موسمه الأول 2010-2011 أن يقود السيتي للقب كأس الاتحاد الإنجليزي، الذي كان أول لقب يدخل خزائن النادي منذ كأس رابطة الأندية المحترفة عام 1976.
في نصف النهائي ضد مانشستر يونايتد، حسم يايا الديربي في ملعب ويمبلي بهدف نظيف في الدقيقة 52، ثم كرر الأمر نفسه في الفوز 1-0 على ستوك سيتي في النهائي، بتسجيل هدف فريقه الوحيد في الدقيقة 74 يوم 14 مايو/ أيار 2011، في اليوم التالي لعيد ميلاده الثامن والعشرين.
ويقول خلدون المبارك، رئيس نادي مانشستر سيتي، عن توريه: "حين أتى لنا في 2010 تحدثت معه.. أخبرني بالعقلية التي جاء بها من برشلونة العظيم".
وأكمل: "العقلية في برشلونة هي أنه يجب أن تفوز بكل مباراة حتى لو ودية، قدومه إلينا كان بداية النجاح.. بدأ الأمر بالفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي، ثم الدوري في الموسم التالي".
وحقق السيتي في عام 2011 كأس الاتحاد الإنجليزي قبل أن يتبعه بلقب للدوري الإنجليزي في 2012 ثم 3 ألقاب أخرى للبريمييرليج في 2014 و2018 و2019، علماً بأن اللقب الأخير جاء بعد رحيل يايا، بجانب عدة ألقاب في بطولات كأس الرابطة والدرع الخيرية وكأس الاتحاد.
أفضل لاعب أفريقي
النجاح في السيتي لم يكن فقط بالبطولات التي حققها اللاعب بالقميص السماوي، لكن توريه نجح أيضا في الفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي في أول 4 مواسم بقميص الفريق، وتحديداً في الفترة من 2011 إلى 2014.
واختير توريه في موسم 2013-2014 كأفضل لاعبي مانشستر سيتي في موسم التتويج بلقب الدوري الإنجليزي، بل إن نجاحات اللاعب مع السيتي كسرت نحس كوت ديفوار مع كأس أمم أفريقيا منذ عام 1992، فنجح في قيادة الأفيال نحو اللقب القاري في 2015، بعد ماراثون ركلات جزاء مثير ضد غانا في النهائي.