ليبيا 2020.. مؤتمرات توالت وأزمة تراوح مكانها
شهد عام 2020 لقاءات كثيرة ومتفرقة بين الفرقاء الليبيين بعواصم عربية وغربية، وعلى كثرتها لم تنهِ المؤمرات أزمة ليبيا السياسية والأمنية.
لقاءات ومؤتمرات غطت عام 2020 ولا يزال بعضها مستمرا، حيث يأمل الليبيون أن تساهم في إخماد انفجارات براميل البارود وأن تضع حلا لصوت البنادق، وحدًا لأزماتهم المعيشية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة.
ربما تشكل ما تتمخض عنه تلك المؤتمرات واللقاءات التفاوضية والحوارية بين الأطراف الليبية من برلين إلى تونس ومن القاهرة إلى موسكو، اللبنة الأساسية لحل نهائي للأزمة الليبية.
"العين الإخبارية" تلقي الضوء على تلك اللقاءات والمؤتمرات التي عقدتها الأطراف الليبية بحضور عربي ودولي في سبيل حل الأزمة:
مؤتمر برلين
بدأ عام 2020 بعقد ألمانيا مؤتمرًا حول ليبيا في 19 يناير/كانون الثاني، حضره مسؤولو 11 دولة، اتفقوا خلاله على توحيد المؤسسات الليبية، ووقف التدخلات الخارجية، واحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، ووقف إطلاق النار.
واقتضى الحل 3 مسارات: عسكرية بتشكيل "لجنة عسكرية" مؤلفة من 10 ضباط، خمسة عن كل جانب، تحدد آليات تنفيذ وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى نزع سلاح المليشيات في ليبيا وتفكيكها وإعادة إطلاق مسار المصالحة.
ومسار سياسي أفضى فيما بعد للاتفاق على الانتخابات العامة 24 ديسمبر/كانون أول 2021.
وثالث المسارات، اقتصادي، بموجبه تم إعادة إنتاج النفط ومحاولات توحيد المصرف المركزي وسعر الصرف وإصلاحات أخرى.
لقاء القاهرة الاقتصادي
بعد حوالي عشرة أيام من مؤتمر برلين، استضافت العاصمة المصرية القاهرة، في 9 و10 فبراير/شباط 2020، جولة من مباحثات المسار الاقتصادي حول ليبيا.
شارك باللقاء 28 خبيرًا اقتصاديًا وماليًا، وتم التوافق خلالها على تشكيل ثلاث لجان وهي: اللجنة المصرفية وتعنى بمعالجة الانقسام في الجهاز المصرفي وما يتبعه من مسائل، ولجنة توزيع الإيرادات العامة بعد الجدل الذي دار حول سوء إدارة المال العام، ولجنة الإعمار والتنمية.
محادثات جنيف (1)
المسار الاقتصادي تزامن انطلاق محادثاته مع الجولة الأولى من اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، الذي يمثل المسار العسكري لمخرجات برلين.
وعقدت اجتماعات اللجنة في الأسبوع الأول من فبراير/شباط الماضي، في مدينة جنيف بسويسرا، وانتهت باتفاق طرفي النزاع الليبي على وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى البلاد وإخراجهم من الأراضي التي دخلوها.
مؤتمر ميونخ للأمن
شاركت نحو 500 شخصية بينها 35 من قادة الدول، في المؤتمر الذي التأم في 15 فبراير/شباط الماضي، واتفق المجتمعون على ضرورة الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين، والالتزام بوقف إطلاق النار في البلاد التي مزقتها الحرب منذ سنوات، وحظر الأسلحة، وضرورة توصل الدول الفاعلة في ليبيا إلى وقف دائم لإطلاق النار، واستئناف اجتماعات اللجنة الليبية العسكرية في 18 فبراير/شباط في جنيف.
محادثات جنيف (2)
تنفيذا لمخرجات مؤتمر ميونخ للأمن، بدأت في 18 فبراير/شباط الماضي، الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف.
هذه الجولة كانت تهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، ونزع السلاح المليشيات المسلحة وتحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن وفد حكومة السراج أعلن وقف مشاركته في المحادثات.
مبادرة عقيلة صالح الأولى
لم يمض شهران، حتى شهدت الساحة الليبية، حراكًا جديدًا، تمثل في مبادرة أطلقها رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، في 23 أبريل/نيسان الماضي، لحل الأزمة الليبية.
ارتكزت المبادرة على 8 بنود، أهمها تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية، وعدم أحقية رئيس المجلس الرئاسي ونوابه الترشح لرئاسة الدولة في أول انتخابات رئاسية.
ومن بين بنودها كذلك، منح القوات المسلحة الليبية حق ترشيح وزير الدفاع، على أن تقوم بدورها في حماية الوطن وأمنه ولا يجوز بأي شكل من الأشكال المساس بها، ويتولى المجلس الرئاسي الجديد مجتمعا مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال هذه المرحلة.
المبادرة المصرية
الحراك لم يقف، بل إن القاهرة الجارة الشرقية لليبيا، أعلنت في 6 يونيو/حزيران 2020، عن مبادرة جديدة تحت اسم "إعلان القاهرة" لحل الأزمة الليبية، كشف عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بحضور قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح.
المبادرة المصرية أكدت وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن، والتزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من 8 يونيو/حزيران الماضي، ونصت على استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، وإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها.
مبادرة الجامعة العربية
لم يمض أسبوعان على المبادرة المصرية، حتى عقدت جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئًا على مستوى وزراء الخارجية العرب، في 23 يونيو/حزيران الماضي، بحضور 21 دولة عربية، اتفقت على 14 بندًا، أهمها رفض التدخلات الخارجية في ليبيا، والتأكيد على ضرورة التوصل الفوري لوقف دائم لإطلاق النار، ومناشدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كافة الجهات الخارجية بإخراج المرتزقة من كافة الأراضي الليبية، والعمل على توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا.
مبادرة السراج
بعد شهرين من المبادرة المصرية والتي لاقت قبولا محليا وعربيا ودوليًا، دخل رئيس ما يعرف بالمجلس الرئاسي فايز السراج، على الخط، وأعلن في أغسطس/آب الماضي، مبادرة لحل الأزمة الليبية تنص على وقف إطلاق النار، واعتبار سرت والجفرة مناطق منزوعة السلاح تؤمنها الشرطة من الجانبين، وتحويل عوائد بيع النفط إلى حساب جديد في المصرف الليبي الخارجي وعدم المساس به إلى أن يتم التوافق السياسي، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال شهر مارس/ آذار القادم.
مبادرة عقيلة صالح الثانية
تزامنت مع مبادرة السراج، مبادرة رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، تتضمن إعلان وقف إطلاق النار في كامل أنحاء البلاد، والبدء في إخراج المرتزقة وإنهاء الوجود العسكري التركي والقطري، وانتخاب مجلس رئاسي جديد وبدء توحيد المؤسسات وحل المليشيات ونزع سلاحها، وإعادة فتح الحقول النفطية بعد تحقيق الاشتراطات المتعلقة بذلك من فتح حساب خارجي خاص بعوائد النفط، إضافة إلى إقرار آلية لصرف عوائده بشكل عادل على جميع الليبيين.
حوار بوزنيقة (1)
بعد أيام من مبادرتي السراج وعقيلة صالح، وتحديدًا في 6 سبتمبر/أيلول الماضي انطلقت في مدينة بوزنيقة بضواحي العاصمة المغربية الرباط، جولة من الحوار الليبي بين وفدين من طرابلس وطبرق.
اتفقت خلالها الأطراف الليبية على المناصب السياديّة، وتأجيل البت في منصب محافظ البنك المركزي، والاتفاق على آلية اختيار رؤساء ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد، دون تحديد أسماء على أن ينقل كل فريق هذه التفاهمات إلى مجلسه لكي يصدر بشأنها القرار المُناسب.
لقاء مونترو
بالتزامن مع حوار بوزنيقة، عقد ممثلو الفعاليات الليبية الأساسية في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، اجتماعًا في مدينة مونترو السويسرية.
توصل المشاركون فيه إلى سبع توصيات، بينها إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مواعيد لا تتجاوز 18 شهرا، والعمل على مسار المصالحة الوطنية والاجتماعية، وإنهاء ظاهرة الاحتجاز غير القانوني والإدانة لأسباب سياسية، وتفعيل قانون العفو عن السجناء السياسيين، والعمل على العودة الآمنة للمبعدين والنازحين.
وشملت التوصيات "إعادة هيكلة السلطة التنفيذية لتتشكل من مجلس رئاسي من رئيس ونائبين، ومن حكومة وحدة وطنية مستقلة عن المجلس، واختيار أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة في إطار أعمال لجنة الحوار السياسي الليبي، على أن يكلف الأخير بتشكيل الحكومة، بما يراعي وحدة ليبيا وتنوعها الجغرافي والسياسي والاجتماعي، ويطرحها لنيل الثقة".
لقاء الغردقة
لم ينصرم الشهر حتى شهدت الساحة الليبية في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، لقاء اعتبره المحللون هو "الأهم"، تمثل في عقد اجتماعات بين قيادات عسكرية وأمنية ليبية تمثل شرقي وغربي البلاد، بمدينة الغردقة المصرية، اتفق خلاله الفرقاء، على تشكيل هيئة عسكرية مشتركة تضم جميع الليبيين، وتوزيع المناصب العسكرية بحسب الأقاليم الليبية، ضمن خطط دمج أبناء ليبيا في مؤسسة عسكرية موحدة، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية المختلفة.
بوزنيقة 2
بعد أيام من لقاء الغردقة، احتضن المغرب الجولة الثانية من حوار بوزنيقة في الفترة بين 2 و6 أكتوبر/تشرين أول الماضي، ووقع وفدا مجلس النواب الليبي وما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة، مسودة اتفاق بشأن معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية في ليبيا.
وتتمثل المؤسسات السيادية، في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.ويتطلب تعيين شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
برلين 2
بالتزامن مع لقاء بوزنيقة 2، عقدت ألمانيا بالتعاون مع الأمم المتحدة في 5 أكتوبر/تشرين الثاني المنصرم، قمة افتراضية بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وعدد من وزراء الخارجية وممثلي أطراف النزاع في ليبيا، للضغط من أجل عودة الالتزام بنتائج مؤتمر برلين، ومنها وقف تدفق الأسلحة داخل البلاد والوصول لحل سياسي سلمي.
وحذرت الدول المشاركة من استمرار إرسال المسلحين والمرتزقة من قبل تركيا إلى ليبيا، كما طالبوا بإخراج مرتزقة أردوغان وتثبيت وقف إطلاق النار، مع ضرورة الالتزام بحظر توريد السلاح المفروض من مجلس الأمن على ليبيا.
حوار القاهرة
بعد أيام من برلين 2، استضافت العاصمة المصرية القاهرة، في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اجتماعات لممثلين عن مجلسي النواب والدولة في ليبيا وأعضاء هيئة الدستور لبحث المسار الدستوري، اتفقت خلاله الأطراف الليبية على "إنهاء المرحلة الانتقالية والوصول لصيغة توافقية حول الدستور واستكمال المناقشات بشأنه لاحقاً، على أن تعقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات البناءة حول الترتيبات الدستورية، ولكي يجري مجلس النواب حواراً مجتمعياً للوصول إلى توافقات دستورية تسمح للبلاد بالمضي قدماً في المسار الدستوري.
اتفاق جنيف
في الشهر نفسه، وتحديدًا في 23 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اتفاق اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5)، على تثبيت وقف إطلاق النار، وخفض التصعيد العسكري، فضلاً عن فتح المسارات الجوية والبرية، ورحيل كافة المقاتلين والمرتزقة من البلاد، خلال 90 يوماً، بعد تشكيل حكومة موحدة.
غدامس العسكري
بعد أيام من لقائهم في جنيف، اتفقت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة في 4 نوفمبر/تشرين الثاني خلال اجتماع عقد بمدينة غدامس الحدودية مع الجزائر على بنود تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة عسكرية فرعية للإشراف على عودة كافة قوات الطرفين إلى مقراتها وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس، وعلى اختيار مدينة سرت مقرا للجنة (5+5)، وسرت وهون مقرا للجنة العسكرية الفرعية للترتيبات الأمنية، ومطالبة مجلس الأمن بالتعجيل لإصدار قرار ملزم لتنفيذ بنود اتفاق جنيف الموقع في تاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2020.
حوار تونس
بعد أيام من اتفاق جنيف، انطلقت في تونس أولى جلسات الحوار بين الفرقاء الليبيين، في الفترة بين 9 و16 نوفمبر/تشرين الثاني، بإشراف أممي، واتفق المجتمعون على تحديد تاريخ إجراء الانتخابات الوطنية يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وحل عدد من النقاط العالقة، إلا أنه حتى الآن لم يتم التوافق حول آليات اختيار السلطة التنفيذية والتي من المقرر أن تقود المرحلة الانتقالية في ليبيا حتى نهاية العام المقبل.
اجتماع طنجة
احتضنت المملكة المغربية خلال الفترة ما بين 23 و 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، الاجتماع التشاوري لأعضاء مجلس النواب الليبي، والذي تم الاتفاق خلاله على كون مدينة بنغازي المقر الدستوري للمجلس، وإنهاء حالة الصراع والانقسام بكافة المؤسسات، والاتفاق على الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق إطار دستوري وإنهاء المرحلة الانتقالية، على ألا تتجاوز العام من تاريخ التئام مجلس النواب.
كما اتفق المجتمعون على ضرورة نبذ خطاب الكراهية ودعوة كافة المنابر الإعلامية إلى اعلاء خطاب التصالح والتسامح، مع الدفع بمسار المصالحة الوطنية والعودة الآمنة للنازحين والمهجرين قصراً وجبر الضرر.
حوار المغرب
وبعد حوالي شهر من لقاء جنيف، عقد ممثلون عن مجلس النواب الليبي، وآخرون عن ما يُسمى بـ"المجلس الأعلى للدولة الليبية"، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني المُنصرم، لقاء في مدينة طنجة المغربية لمناقشة توحيد المؤسسات السيادية، واتفق المجتمعون على تشكيل مجموعة عمل مصغرة من فريقي الحوار ستباشر عملها خلال أيام لهذا الغرض.
كما اتفقوا على ضرورة تكثيف اللقاءات المباشرة، واعتمادها كوسيلة فاعلة وشفافة لمعالجة القضايا التي تعيق توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام ووقف التدخلات الخارجية، والتمسك ببناء الدولة المدنية التي يتطلع لها الليبيون وبذلوا في سبيلها تضحيات غالية ، مع ضرورة بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي الليبية.
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز