عام على حراك العراق.. وعود يبترها نفوذ إيران
تقترب الاحتجاجات الشعبية في العراق من ذكراها السنوية الأولى لانطلاقها، معلنة طي سنة بأكملها، يقول العراقيون إنها لم تحمل لهم التغييرات المنشودة
احتجاجات غير مسبوقة بدأت بالعراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، مطالبة برحيل طبقة سياسية انتقد المتظاهرون ولاءها لإيران.
مظاهرات أطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، ومنحت ورقة خلافته، بعد أشهر من الجمود السياسي، لرئيس المخابرات مصطفى الكاظمي الذي تعهد بإدماج مطالب المحتجين في خطط حكومته المؤقتة.
واليوم، تقترب الاحتجاجات الشعبية في العراق من ذكراها السنوية الأولى لانطلاقها، معلنة طي سنة بأكملها، يقول العراقيون إنها لم تحمل لهم التغييرات المنشودة.
بين الوعود والواقع
إلى العراق، توجهت أنظار العالم مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019، لتتابع احتجاجات غير مسبوقة، تخللتها أحداث عنف قاسية، راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى في مصادمات لم يشهد لها مثيل.
نجح الحراك في إسقاط حكومة عبد المهدي، وتغيير أدوات اختيار الحكومة الحالية، تماما كما أفرز تشكيلات سياسية جديدة، وكيانات سياسية قيد الإنشاء.
وحدد الكاظمي موعدا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 6 يونيو/حزيران 2021، أي قبل عام تقريبًا من الموعد المحدد، لكن، ورغم ذلك، إلا أن التغييرات لم تكن ملموسة بالشكل الكافي على الأرض.
مراقبون يرون أن أذرع إيران المهيمنة على مفاصل سياسية في بغداد هي من يكبح التغييرات المنشودة، وهي أيضا من اخترقت المحتجين أنفسهم، من أجل تشتيتهم وإخضاعهم للتوجيه، ما تسبب في ضياع بوصلة الاحتجاجات.
فمليشيات طهران في العراق، ورغم صدمتها في مرحلة ما من حجم الحراك، والدعوات المنددة بالتدخل الإيراني بالبلد المجاور، إلا أنها استطاعت استيعاب الصدمة لاحقا، وأعادت ترتيب أوراقها وتأقلمت مع السلطة الجديدة.
تمسك بالوعود
في الأثناء، تطرح السلطات العراقية خطابا متمسكا بتلبية مطالب المظاهرات.
وفي تصريحات إعلامية، أكد عبد الحسين الهنداوي مستشار الكاظمي لشؤون الانتخابات، أن بغداد تقوم بالترتيبات اللازمة لإجراء انتخابات مبكرة، وإقرار قانون انتخابي جديد، تماما كما أراد المحتجون.
لكن، على الأرض، لا تسير الأمور بذات الحماس، ففي الوقت الذي أقر فيه البرلمان العراقي قانون الانتخابات الجديد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لم يتفق المشرعون بعد على النقاط الأساسية، بما في ذلك حجم الدوائر الانتخابية وما إن كان المرشحون سيخوضون الانتخابات بشكل مستقل أو ضمن قوائم.
أصابع الانتقاد تتجه أيضا إلى الكاظمي، وسط تكهنات بأن الرجل يستعد لخوض معركة انتخابية، رغم تأكيداته المتكررة بأنه ليس لديه طموحات سياسية.
ريناد منصور، الباحث في "تشاتام هاوس" بالمملكة المتحدة، يرى أن الكاظمي "عالق".
واعتبر منصور، في تصريحات إعلامية، أن على الكاظمي اتخاذ قرار بشأن إن كان يريد أن يصبح رئيسًا للوزراء لمدة أربع سنوات أخرى ويمارس السياسة، أم يريد تغيير شيء ما الآن؟.
العدالة ومليشيات إيران
الكاظمي وعد أيضا بتقديم المسؤولين عن مقتل نحو 600 متظاهر وناشط في احتجاجات أكتوبر الماضي إلى العدالة، في تحد بات يثقل محصلة رئيس الوزراء الذي لم ينجح حتى الآن في الوفاء بوعده.
ورغم إعلان حكومته تخصيص أموال لتعويض عائلات الضحايا، إلا أن القرار لم يتخذ أي خطوات ملموسة حتى الآن.
في غضون ذلك، استمرت حملات تقودها المليشيات الإيرانية بهدف الترهيب. وتواترت الاغتيالات والاختطافات التي طالت نشطاء وباحثين، أمثال هشام الهاشمي.
ويؤكد متابعون أن جميع العراقيين يعرفون من يقف وراء الاغتيالات وقتل المتظاهرين، ويعرفون أن أيادي طهران هي التي تحرك مليشياتها في العراق لإغراق الوضع في الفوضى، ضمانا لاستمرار وضع يدها على قرارات بغداد.
وتفاقمت الهجمات الصاروخية على البعثات الدبلوماسية والأرتال اللوجستية العسكرية، كما باتت التنظيمات المتطرفة أكثر جرأة في تهديداتها ضد الكاظمي وتهديدها لأمن العراقيين، أبرزها ما يعرف بهيئة الحشد الشعبي التي أصبحت تشكيلا حكوميا.