عام على هدنة اليمن.. السلام في نفق الحوثي المظلم
عام مر على إعلان الهدنة في اليمن في 2 أبريل/ نيسان الماضي، ولا يزال البلد في نفق مظلم على خلفية تعنت مليشيات الحوثي ورفضها للسلام.
وانتهت الهدنة الإنسانية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عقب رفض مليشيات الحوثي تجديدها لتستمر من طرف واحد ممثلا بالمجلس الرئاسي اليمني وذلك رغم ما شهدته الجبهات من تصعيد كبير كاد يدمر جهود السلام.
وكانت الهدنة التي استمرت 6 شهور قد شهدت نحو 14 ألفا و343 خرقا خلال 181 يوما وفقا لما أعلنه الجيش اليمني في بيانات منفصلة تحققت منها "العين الإخبارية".
وتأتي الذكرى الأولى للهدنة التي مثلت أبرز اختراق في أزمة البلد، في وقت تسعر فيه مليشيات الحوثي الحرب مجددا عبر التحشيد والاستعراضات العسكرية والهجمات البرية والهجمات الجوية بالطائرات بدون طيار على المناطق المحررة.
وكان آخر هذه الهجمات محاولة اغتيال وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري ومحافظ تعز نبيل شمسان فضلا عن تفجير مواجهات عنيفة في جبهات مأرب وشبوة وتعز والحديدة ولحج، لكن الجيش اليمني والقوات المشتركة والجنوبية نجحت في إفشال مخططات المليشيات.
هذا التصعيد دفع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتوجيه رسائل حاسمة في الذكرى الأولى السنوية للهدنة تضمنت جميعها دعوة مليشيات الحوثي للتوقف عن العنف والتصعيد.
وترصد "العين الإخبارية"، في هذا التقرير أبرز المواقف التي تبنتها الأمم المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي وروسيا وواشنطن وذلك في ظل دخول البلد نفق مظلم بسبب حالة اللاسلم واللاحرب التي يستثمرها الحوثيون من طرف واحد.
إنجازات هشة
بعد مرور عام منذ إبرام اتفاق الهدنة، قال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إن "الهدنة ما زالت قائمة إلى حد كبير، ويستمر تنفيذ الكثير من بنودها حتى اليوم".
وأشار المبعوث الأممي إلى أن أهم ما بشرت به الهدنة هو تعزيزها لفرصة إطلاق عملية سياسية جامعة تهدف إلى إنهاء النزاع بشكل شامل ومستدام.
وأضاف "قبل عام من اليوم، اتفقت الأطراف اليمنية على هدنة استمرت 6 أشهر، وانتهت في أكتوبر/تشرين أول الماضي، مثلت الهدنة لحظة من الأمل لكونها انفراجة نادرة في دورة من العنف والتصعيد استمرت دون انقطاع تقريبًا على مدى 8 أعوام".
وأقر المبعوث الأممي بالإنجازات الهشة للهدنة وبوجود مخاطر كبيرة تهدد تجديدها إثر التصعيد العسكري والاقتصادي والخطابي في الأسابيع الأخيرة من قبل مليشيات الحوثي.
وقال "اليوم، ومع الزخم الوطني والإقليمي والدولي المتجدد للوصول إلى السلام في اليمن، فإن تحقق هذه الفرصة ممكن لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة يذكرنا بهشاشة إنجازات الهدنة إن لم ترتكز على تقدم سياسي نحو حل سلمي للنزاع".
وأكد الحاجة لحماية مكتسبات الهدنة والبناء عليها وصولًا للمزيد من الإجراءات الإنسانية، ووقف إطلاق للنار على الصعيد الوطني، وتسوية سياسية مستدامة تلبي تطلعات اليمنيين نساءً ورجالًا.
ويتطلب ذلك، وفقا للمبعوث الأممي، عملية تجمع أصحاب المصلحة اليمنيين معًا لتنفيذ التدابير المتفق عليها، ونزع فتيل التوترات، والتفكير بشكل تشاركي في الأسئلة الرئيسية المتعلقة بالأمن ومؤسسات الحكم وتصميم عملية الانتقال.
كما يتطلب أن يكون كلا الطرفين (الحكومة اليمنية والحوثيون) على استعداد للجلوس معًا والتحاور بشكل جاد ومسؤول، فهذا الاستعداد هو مقياس مدى التزامهم بشراكة سياسية في المستقبل، وفقا للمبعوث الأممي.
إجماع دولي
في السياق، حملت السفارة الفرنسية في اليمن مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن عدم تجديد الهدنة التي تم التوصل إليها من خلال وساطة الأمم المتحدة.
وقالت السفارة الفرنسية في بيان طالعته "العين الإخبارية"، إن "الحوثيين هم المسؤولون عن عدم تجديدها، لقد أتاحت هذه الهدنة إمكانية التخفيف من معاناة الشعب اليمني"، وشددت على ضرورة تجديد الهدنة والحفاظ عليها.
ودعا البيان جميع الأطراف، وخاصةً الحوثيين، إلى نبذ العنف والتفاوض بحسن نية برعاية الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن السلام يتطلب حواراً مباشراً بين الحكومة والحوثيين للتوصل إلى حل سياسي شامل.
ما قالته السفارة الفرنسية كرره الاتحاد الأوروبي في الذكرى الأولى للهدنة التي رعتها الأمم المتحدة مؤكدا دعمه الثابت لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إن "الهدنة قدمت إحساسا نادرا بالأمل وكان لها أثر إيجابي جدا على حياة كثير من اليمنيين، مع انخفاض كبير في الإصابات بين المدنيين والرحلات المنتظمة من صنعاء وشحنات الوقود عبر موانئ الحديدة وهي عناصر أحدثت فارق إيجابي، ما يؤدي إلى إظهار الفوائد التي يمكن أن يجلبها السلام".
وخص الاتحاد الأوروبي الحوثيين بالدعوة إلى "تجنب الأفعال الضارة، والانخراط بشكل بنَّاء مع المبعوث الأممي غروندبرغ من أجل هدنة موسعة ومطولة من شأنها أن تُمهد لوقف إطلاق النار ولعملية سلام شاملة وجامعة برعاية الأمم المتحدة".
دعم روسي وأمريكي
من جهتها، رحبت السفارة الروسية في اليمن بالتحسينات البارزة التي ساهمت الهدنة في تحقيقها، بما في ذلك زيادة فرص الحصول على العلاج الطبي في الخارج، وتحسين توافر الوقود والغذاء، وانخفاض الوفيات الناجمة عن العنف".
لكن السفارة الروسية وصفت الهدنة في بيان أنها مثلت "هدوءا نسبيا ضعيفا وحثت جميع الأطراف على بذل كل ما في وسعهم لتجنب العودة إلى الحرب وإظهار التزامهم بالسلام".
وشددت على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة، بما في ذلك الحوار اليمني_اليمني برعاية الأمم المتحدة كخطوة تالية للهدنة، مشيرة إلى أن "التسوية السياسية الشاملة على أساس الاعتبار لمواقف جميع القوى السياسية اليمنية هي الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلد الذي مزقته الحرب".
وقال البيان إن "روسيا تواصل عملها بلا كلل لتحقيق هذه الأهداف وتقف بثبات في عمل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن هانس غروندبرغ، تستحق اليمن السلام".
الرئيس الأمريكي جو بايدن هو الآخر وجه رسائل في الذكرى الأولى لتوقيع الهدنة في اليمن وقال إن "الحفاظ على الهدنة في اليمن وتعزيز التقدم نحو السلام كانا محور التركيز الرئيسي لالتزام إدارته مع الشركاء في الشرق الأوسط".
ومضى قائلا إن "الهدنة في اليمن أنقذت أرواحا لا حصر لها ومكنت من تدفق المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد".
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز