«المهرة» بحقل ألغام الفتنة الحوثية.. استنفار عسكري وحشود قبلية

تعيش محافظة المهرة اليمنية، لليوم الرابع تواليًا، على صفيح ساخن، عقب استمرار حشود عناصر قبلية من خارجها، وسط استنفار عسكري غير مسبوق.
وكانت السلطات اليمنية قد اعتقلت، يوم الثلاثاء الماضي، القيادي الحوثي محمد أحمد علي الزايدي أثناء محاولته مغادرة اليمن عبر منفذ "صرفيت"، مما فجّر مواجهات دامية أسفرت عن مقتل الضابط في الجيش اليمني، العميد عبدالله زايد، وإصابة آخرين.
وأثار اعتقال الزايدي غضب الحوثيين، الذين لجأوا إلى حشد القبائل، ودفع عناصرهم المسلحة للانتقال عبر صحراء الربع الخالي إلى المهرة، مهددين بتفجير الأوضاع في المحافظة الواقعة أقصى شرقي اليمن.
وقالت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية" إن وحدات الجيش اليمني في محور الغيضة العسكري اشتبكت، اليوم الجمعة، مع مسلحين من قبيلة خولان يتبعون المعتقل الزايدي في بلدة "رماه"، وذلك بعد محاولتهم دخول المحافظة مدججين بالأسلحة والمعدات.
وأوضحت المصادر أن "بعض المسلحين من خولان وآخرين موالين للحوثيين عادوا لاحقًا للتسلل إلى بلدة شحن، والتقوا الشيخ القبلي الموالي للمليشيات، سالم الحريزي، في مسعى لتفجير الأوضاع العسكرية".
وأكدت المصادر أن "قيادات كبيرة في وزارة الدفاع اليمنية وصلت إلى المهرة، بالتزامن مع انتشار الجيش في عديد من المناطق، بما في ذلك شحن والغيضة وصولًا إلى رماه، للتصدي لأي محاولات مدعومة من الحوثيين لتفجير الوضع عسكريًا".
توجيهات حازمة
وكان قائد محور الغيضة في الجيش اليمني، اللواء الركن محسن علي مرصع، قد وجّه قواته برفع درجة التأهب إلى أعلى المستويات، وعدم التهاون مع أي تهديد يمسّ أمن واستقرار المهرة، مشددًا على الجاهزية الكاملة لصدّ أي محاولات تسلل أو عبث.
وتوعّد مرصع، في كلمة مصوّرة تداولها ناشطون على نطاق واسع، من يحاول التسلل إلى المهرة بنوايا عدائية، مؤكدًا أن التعامل معهم سيكون بلا تهاون.
وأشاد القائد العسكري بروح المقاتلين ومعنوياتهم العالية، وخاطبهم قائلًا: "تمشون وأنتم رجال أبطال، الحوثيون يقاتلون زملاءنا في جميع الجبهات في مأرب وغيرها، واليوم نقاتلهم وندفنهم في الصحراء".
ووجّه قائد محور الغيضة العسكري الوحدات التابعة له بالتعزيز والانتشار في صحراء المهرة، التي تنشط فيها شبكات تهريب الأسلحة لصالح مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وتأتي هذه التوجيهات العسكرية عقب التوتر الذي شهدته المهرة، الجمعة، أعقبه وصول 20 دورية مسلحة قادمة من مناطق سيطرة مليشيات الحوثي عبر خط التهريب الصحراوي، في محاولة للوصول إلى الغيضة لإطلاق سراح القيادي الحوثي محمد أحمد الزايدي.
الانتقالي يرفض ويحذّر
في السياق، أعرب المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة المهرة، الجمعة، عن بالغ قلقه "إزاء التطورات الأمنية الخطيرة التي تشهدها المحافظة، والمتمثلة في اندلاع اشتباكات مسلحة أعقبت عملية اعتقال أحد القيادات الحوثية في منفذ صرفيت الحدودي، وما تبع ذلك من هجوم مسلح استهدف القوة الأمنية في محاولة لتهريب القيادي المعتقل، مما أسفر عن سقوط شهيد ووقوع عدد من الجرحى".
وحذّر الانتقالي في بيان من "خطورة تنامي نفوذ الجماعات والمليشيات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة، والتي باتت توفر حاضنة آمنة للعناصر الحوثية والمشبوهة، وتسعى لإقلاق السكينة العامة وزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في محافظة المهرة".
وأكد أن "ما يحدث يُعد مؤشرًا خطيرًا على حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المحافظة، ويكشف بوضوح عن وجود تحالفات مشبوهة بين الحوثيين وبعض الأدوات المحلية، تسعى لتمرير مشاريع تهدد السيادة الوطنية وتضرب استقرار المهرة".
ورفض البيان "بشكل قاطع أي محاولات لجرّ المحافظة إلى مربع الصراعات والفوضى"، محذرًا من "استغلال بعض العناصر في التغطية على أنشطة الجماعات الخارجة عن القانون أو التساهل معها على حساب الأمن العام".
وأشاد الانتقالي بدور السلطة المحلية والمؤسسات العسكرية والأمنية، والدور الوطني المشرّف لمشايخ وأعيان محافظة المهرة، بما في ذلك تأمين نقل القيادي الحوثي المعتقل من منفذ صرفيت إلى سجن الغيضة.
وطالب البيان "الجهات الأمنية والعسكرية بفرض هيبة الدولة والتعامل بحزم مع الجماعات الخارجة عن النظام والقانون"، داعيًا "أبناء محافظة المهرة إلى رصّ الصفوف والوقوف صفًا واحدًا في وجه الفوضى ومشاريع الارتهان، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن وسلامة المحافظة".