هدنة اليمن 2022.. السلام الأممي يتبخر بسبب الحوثي
عند السابعة مساء 2 أبريل/نيسان 2022 بتوقيت اليمن بدأ سريان هدنة أممية للمرة الأولى بالبلاد منذ 8 أعوام لقيت ترحيبا دوليا واسع النطاق.
لكن السلام الأممي الهش سرعان ما تبخر تحت رحمة عراقيل وتصعيد مليشيات الحوثي التي رفضت تمديد الهدنة واتجهت صوب التصعيد العسكري على الأرض بعد أن اتخذت الهدنة محطة للحشد من أجل جولة حرب جديدة.
ومع قرب إسدال عام 2022 ستاره، لا تزال بركة الهدنة راكدة على مدار نصف عام، فيما لا يزال المجتمع الدولي يضغط من أجل تمديدها مستمرا من قبل الحوثيين.
اختبار في مرمى الخروقات
عندما أذاع المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ موافقة الأطراف اليمنية على هدنة أممية مطلع أبريل/نيسان 2022، قال إن الهدنة "لحظة ثمينة" واعتبرها "اختبارا" للحكومة اليمنية والحوثي للوصول للحل سلمي.
غير أن مليشيات الحوثي وعبر أسلوب المناورة والمراوغة، أوصلت تفاؤل المبعوث الشاب إلى طريق مسدود هذا خلافا عن وقوعها في شراك آلاف الخروقات التي ارتكبت على الأرض وهي شواهد حية عززت من قناعة اليمنيين أنه لا سلام بلا ردع.
وبلغ إجمالي خروقات الحوثيين، وفقا لما أعلنه الجيش اليمني في بيانات منفصلة وتحققت منها "العين الإخبارية"، نحو 14 ألفا و343 خرقا خلال 181 يوما أي خلال 6 شهور من سريان الهدنة التي انهارت في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
كما بلغت ذروة خروقات مليشيات الحوثي في شهر يوليو/ تموز 2022، حيث وصلت انتهاكات مليشيات الحوثي إلى نحو 2913 خرقا وذلك بعد تجديد هدنة الشهرين لمرتين.
وبدأت خروقات مليشيات الحوثي بالتصاعد تدريجيا، حيث وثقت القوات اليمنية 2313 خرقا خلال الشهر الأول أبريل/ نيسان فيما سجلت 2103 خروقات في شهر مايو/ أيار 2022.
وعقب تجديد الهدنة للمرة الأولى، ذهبت مليشيات الحوثي لرفع منسوب الخروقات لترتكب خلال شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز أكثر من 5 آلاف و123 انتهاكا.
أما خلال أغسطس/آب وسبتمبر/ أيلول، أي بعد تمديد الهدنة للمرة الثانية، فقد استمرت خروقات مليشيات الحوثي بذات الوتيرة لتبلغ نحو 4 آلاف و804 خروقات.
وبحسب تقديرات للحكومة اليمنية فقد بلغ متوسط أعداد الخروقات الحوثية يوميا بنحو 50 خرقا حوثيا في مختلف محاور القتال، فيما سقط أكثر من 1100 مدني بين قتيل وجريح.
وحاول الحوثيون دائما الهروب من استحقاقات الهدنة إلى المجازر الاستفزازية المنهجية ضد تجمعات الأطفال، حيث لا يزال هجوم زيد الموشكي الذي وقع في يوليو/تموز بتعز وخلف 11 قتيلا وجريحا من الأطفال عالق في ذاكرة اليمنيين وحتى العالم.
ألغام وتجنيد
واستغل الحوثيون توقف الغارات الجوية للتحالف العربي بقيادة السعودية في زراعة أكبر عدد من الألغام برا وبحرا، فضلا عن تجنيد الأطفال والشباب إلى معسكرات شمال اليمن.
ووثقت تقارير الأمم المتحدة ومنظمات محلية أرقاما صادمة عن ضحايا ألغام مليشيات الحوثي، وذلك منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في 2 أبريل/نسيان وحتى 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
كما وثق المرصد اليمني للألغام سقوط 273 ضحية بألغام مليشيات الحوثي في محافظة يمنية واحدة فقط وهي محافظة الحديدة، حيث أكبر حقل الألغام، فيما وثق مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة باليمن (أوتشا) مقتل وإصابة أكثر من 340 مدنيا بألغام مليشيات الحوثي وذلك خلال 6 شهور من الهدنة الأممية.
على صعيد تجنيد الأطفال والشباب، دأبت مليشيات الحوثي على استغلال الهدنة في إجراء عروض عسكرية كان أخطرها بمدينة الحديدة أواخر أغسطس/آب 2022 ما مثل ضربة قاصمة للسلام.
كما اعترفت مليشيات الحوثي بتجنيد 3 آلاف عنصر، خلال الهدنة الإنسانية، ضمن ما تسمى "المنطقة العسكرية المركزية" بقيادة شقيق زعيم المليشيات عبدالخالق الحوثي المدرج على قوائم الإرهاب العالمية.
مكاسب إنسانية
خلافا عن الوجه القاتم الذي رسمه الحوثيون للسلام الأممي فإن الستة أشهر من الهدنة تضمنت فوائد لمسها الشعب اليمني في مناطق المليشيات الانقلابية، كما انخفضت نسبة الضحايا بسبب الهجمات الحوثية بنسبة 60 بالمائة، وفقا لمبعوث الأمم المتحدة.
وقال المبعوث في إحدى إحاطته إلى مجلس الأمن، ساردا فوائد الهدنة، إن خلال ستة أشهر تم "إعادة فتح مطار صنعاء وتسيير 56 رحلة تجارية ذهاباً وإياباً، نقلت على متنها أكثر من 29 ألف مسافر ممن سعوا إلى الحصول على العناية الطبية أو الفرص التعليمية أو التجارية خارج البلاد".
كما وفرت "ما يزيد على 1.4 مليون طن متري من منتجات الوقود عبر موانئ الحديدة وذلك أكثر بثلاثة أضعاف من كمية المنتجات النفطية التي دخلت في عام 2021 بأكمله"، وفقا لذات المصدر.
وتقول الحكومة اليمنية إن مليشيات الحوثي ذهبت في استغلال الوقود عبر ميناء الحديدة عسكريا في التربح وتمويل جبهاتها الحربية، إضافة إلى التنصل من دفع مرتبات الموظفين بحسب اتفاق الهدنة الأممية.
مفاوضات بلا نتائج
خلال الهدنة رعت الأمم المتحدة محادثات معقدة بين مليشيات الحوثي والحكومة اليمنية حول فتح الطرق والتنسيق العسكري، حيث اختارت الحكومة المعترف بها فريقين منفصلين فيما اعتمد الانقلابيون على فريق واحد لخوض المفاوضات ما أدى إلى فشلها في نهاية المطاف.
يعود ذلك إلى أسباب عدة، منها على مستوى فتح الطرقات رفض الحوثيون مقترح أممي بفتح 5 طرق إلى مدينة تعز بينها شريان حيوي رئيسي وذهبت لإعلان أحادي الجانب بفتح طريق كانت قبل عقود للدواب.
وانتهت المفاوضات الثنائية حول فتح الطرقات بعد نحو جولتين، فيما استمرت محادثات لجنة التنسيق العسكري إلى أواخر أغسطس/ آب دون التوصل إلى غرفة عمليات لإدارة الخروقات وقد توقفت عند الهجوم الحوثي للسيطرة على بلدة "الضباب" منفذ تعز الوحيد في ذات الشهر.