محادثات الرياض.. ترقب يمني على جمر الخوف من مراوغات حوثية
حالة من الترقب تسود المشهد اليمني وسط آمال عريضة بتحقيق انفراجة من محادثات الرياض التي تستضيفها السعودية مع وفد حوثي بمشاركة عمانية.
ورغم المخاوف التي يبديها اليمنيون إثر مراوغات الحوثي وسجله الطويل في نقض العهود والمواثيق، فإنهم يراهنون على الوساطة السعودية لتضع حلا سياسيا للأزمة يعكس تنفيذ إراداتهم السياسية في ظل التطورات الإيجابية الأخيرة في المنطقة.
ووسط إعلان الحوثيين عودة وفدهم التفاوضي إلى صنعاء، دون الإشارة إلى نتائج، تشير مصادر إعلامية مقربة من المليشيات إلى أن الغرض منها هو "التشاور مع قياداتهم في الداخل حول ما تم التوصل إليه من تفاهمات مبدئية في محادثات الرياض".
ويأمل اليمنيون أن تحسم محادثات الرياض أكثر الملفات تعقيدا وتتمثل بصرف رواتب الموظفين وفتح الطرقات بين المدن اليمنية المحاصرة، وحل عقدة الأسرى والمعتقلين ووقف دائم لإطلاق النار يمهد لمشاورات أكثر تقدماً وحوارات باتجاه السلام والعودة للمسار السياسي.
وتحظى مشاورات الرياض بدعم إقليمي ودولي واسع، كان آخرها ترحيب دولة الإمارات بالجهود التي تبذلها المملكة وسلطنة عُمان لإحلال السلام في اليمن.
وأثنت الخارجية الإماراتية في بيان لها على المحادثات التي تجري في العاصمة الرياض مع وفد حوثي للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وشددت الوزارة على أهمية دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإيجاد حل سياسي مستدام في اليمن، بما يحقق تطلعات شعبه الشقيق في الأمن والنماء والاستقرار.
مرحلة جديدة
تهدف جهود التحالف العربي بقيادة السعودية، وتلك الإقليمية والدولية المبذولة حالياً إلى تشجيع الأطراف اليمنية كافة لإعلاء المصلحة الوطنية للشعب اليمني، والعمل من أجل تحقيق الازدهار والتنمية في مناطق اليمن كافة، والانتقال إلى مرحلة جديدة من السلام في ظل أجواء التهدئة الإقليمية.
وأشار رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري إلى وجود حيثيات في صنعاء تتكون من 7 نقاط قامت مليشيات الحوثي بطرحها، أبرزها أن ينال 70 إلى 80% من أي إيرادات في الدولة والمشتقات النفطية إذا سمح بتصديرها، كمبلغ أولي للتعويضات، وأن يكون البنك المركزي في صنعاء، وفتح الموانئ والمطارات التي بحوزة المليشيات دون قيد أو شرط، بالإضافة إلى نقاط كثيرة غيرها.
وأضاف الشميري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "هذه النقاط ظلت معلّقة لكن يبدو أن التدخل العماني من رأس هرم السلطة ممثلة بالسلطان هيثم بن طارق عقب لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أثمر عن تشكيل لجنة مشتركة من مليشيات الحوثي والسعودية لصياغة تفاهمات حول هذه النقاط المعلقة، والتي قد تقدم من خلالها تنازلات".
وأكد المحلل السياسي اليمني إلى أن "السعودية لديها اهتمام كبير وتريد أن يعم السلام باليمن وإنهاء الحرب"، لافتا إلى أن "التسوية السياسية الحقيقية في الملف السياسي والعسكري لازالت بعيدة، لكن ربما يتم تحقيق اختراق في الملف الإنساني وهو ما تريده مليشيات الحوثي".
وتابع أن "المليشيات الحوثية لن ترضى بإقامة الدولة اليمنية والاشتراك ببناء الدولة، لكنها ستقوم بالتهام ما يمكن التهامه باسم الملف الإنساني، وهذا سيصب للأسف لصالحها".
وقال إن "اليمنيين منهكون من حرب المليشيات، وربما أي إيقاف للحرب هو مكسب للشعب رغم الخسارات الأخرى التي يمكن أن يكون فيها حل للحق العام، سواء في بناء الدولة أو استعادة شيء من هيبتها، وخدماتها ومركزيتها، أو حتى عدم مركزيتها بدولة على شكل فيدرالي أو أقاليم".
فاتحة حل
من جهته، يرى رئيس مركز نشوان للدراسات باليمن عادل الأحمدي، أنه كان يفترض أن تتم هذه الزيارة الحوثية في رمضان الماضي، بناء على دعوة من المملكة العربية السعودية من أجل حلحلة الملفات الإنسانية والاقتصادية في اليمن، لتخفيف معاناة المواطنين، وبالتالي لابد من التنسيق مع الحوثيين في هذا الجانب في سبيل أن هذه الخطوة إذا نجحت، قد تكون فاتحة حل للسلام الشامل في اليمن.
ويقول الأحمدي لـ"العين الإخبارية"، إن "نجاح مثل هذه الزيارة يظل مرهونا بأي خطوات تجري على الواقع، والتي هي متعلقة بالملفات الإنسانية، وفي مقدمتها رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات بين المدن اليمنية".
وبدون ذلك -يقول رئيس مركز نشوان- "فإن مليشيات الحوثي سوف تكون خسرت فرصة ثمينة لمد الأشقاء في التحالف العربي ذراعهم من أجل تسوية حقيقية وعادلة، وحينها ستبرهن على أنها لا يمكن أن يأتي من مليشيات الحوثي خير للمواطن اليمني على الإطلاق".
ويرى الأحمدي أن "موافقة المليشيات على رفع العراقيل التي تحول دون وصول المرتبات إلى المواطنين، وتسليم ما تعهدوا به في ستوكهولم بتحويل إيرادات ميناء الحديدة كرواتب للموظفين، أمر ضروري في هذه المفاوضات"
وفي السياق نفسه، قال الخبير في الشؤون العسكرية اليمنية المقدم أحمد العاقل، إن "الحل السياسي والعسكري في اليمن لا يزال معقدا لكن آمال الشارع اليمني مرتفعة بتحقيق نتائج إيجابية وحدوث شبه انفراجة في الملفات الإنسانية والاقتصادية".
وأضاف العاقل، لـ"العين الإخبارية"، أن "اليمنيين ينظرون لمحادثات الرياض على أنها فاتحة للحل لا سيما ملفات المرتبات وتوحيد العملة وفتح الموانئ والطرقات وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين وإيقاف إطلاق النار من الجانبين".
وأشار إلى أن "آمال اليمنيين مرتفعة رغم المخاوف من مراوغات الحوثي بحكم معرفتهم بأن المليشيات لديها باع طويل بنقض الاتفاقيات والعهود والالتفاف عليها منذ بداية تمردها المسلح في العام 2004".
وفي وقت سابق، أعلنت السعودية توجيه دعوة لوفد من صنعاء لاستكمال اللقاءات والنقاشات بناء على مبادرة المملكة التي أعلنت في مارس/آذار 2021.
وحينها أعلنت السعودية عن مبادرة للسلام في اليمن تبدأ بوقف شامل لإطلاق النار تحت رقابة أممية وتخفيف قيود شحنات الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء بإشراف من التحالف والأمم المتحدة واستئناف العملية السياسية.