فيضانات اليمن.. فشل حوثي في السيطرة على الكارثة الإنسانية
أم تجلس تحتضن طفلها والطين تحت الأنقاض، أجساد نصف مدفونة، وجثث متناثرة، ومشاهد بالغة القسوة لضحايا الفيضانات في اليمن.
بعد نحو يومين من كارثة "ملحان" في المحويت وتداول صور صادمة أحدها تظهر أما تحضن طفلها وسط الطين، انتشرت مشاهد أخرى، السبت، لضحايا خلفتهم فيضانات ضربت "وصاب السافل" في محافظة ذمار الواقعة على بعد 130 كيلومتراً جنوب صنعاء.
ووفقا لآخر إحصائية معلنة طالعتها "العين الإخبارية"، فإن 27 شخصا على الأقل قضوا في فيضانات نجمت عن أمطار غزيرة لساعات ما أدى لتدفق سيول وانفجار سد مائي وانجراف منازل ومحال في عزلتي "وادي الخشب" و"بني موسى" في مديرية وصاب السافل في ذمار.
فشل يوسع المآسي
وكشف تكرار كوارث الفيضانات فشل ذريع لمليشيات الحوثي في حماية الأرواح والممتلكات لعدم اتخاذها أي استعدادات للمواجهة بما في ذلك خطط الإجلاء والإنقاذ حتى بات ينظر لهذه المآسي الإنسانية أنها "ليست مجرد حوادث طبيعية" ناجمة لتغير مناخي متطرف، وفق مراقبين.
ووقعت أول كارثة في "شمير" في مقبنة غربي محافظة تعز وخلفت 15 قتيلا مطلع أغسطس/ آب، ومع غياب خطط المواجهة للحوثيين أقلها الإجلاء والإنقاذ والإنذار المبكر والاستجابة السريعة لحماية الأرواح وجدت مناطق أخرى نفسها أمام نكبة أشد وتحت وطأة تطرف الطبيعة.
وتصدرت الحديدة هذه المناطق المنكوبة وبشهادة الحوثيين أنفسهم الذين اعترفوا بسقوط 84 قتيلا في مناطق المحافظة الخاضعة لسيطرتهم فيما قتل 10 في مناطق الحكومة اليمنية والتي أظهرت استجابة فورية على الأقل في تشييد حاميات ومجاري للسيول لتجنب وقوع مزيد الضحايا، وإغاثة المنكوبين.
وبرز الفشل الحوثي للواجهة أكثر، في كارثة ملحان في المحويت في 28 أغسطس/آب، عقب تدفق سيول وانفجار حاجزي مياه وانهيارات صخرية وانجراف منازل بمن فيها من عائلات فيما لم تصل طواقم الطوارئ والإجلاء إلا في اليوم التالي بعد ارتفاع أرقام الضحايا إلى نحو 40 قتيلا.
وتكررت الكارثة الإنسانية بكل المقاييس مجددا، السبت، في وصاب السافل في ذمار بعد سقوط 27 قتيلا، فيما طال الدمار 23 منزلا بشكل جزئي وكلي.
ويقول خبراء في الطقس والتغيرات المناخية إن قوة الاضطرابات وعدد مناطق الضغط الجوي المنخفض الشديدة لا تزال موجودة على مناطق عدة مما يجعلها عرضة للفيضانات الكارثية، والتي تستدعي رفع مستوى الاستعدادات لتخفيف آثارها الإنسانية، سواء من قبل مليشيات الحوثي أو من قبل الحكومة اليمنية.
جهود مستمرة
في خضم هذه الكوارث تصدرت دول التحالف العربي -تحديدا السعودية والإمارات بالإضافة للكويت- قائمة الدول المستجيبة لتخفيف وطأة التداعيات الإنسانية للفيضانات، لا سيما في المناطق المحررة من مأرب شرقا وحتى تعز والحديدة وحجة غربا.
ففي الساحل الغربي، من الحديدة وتعز، تستمر قوافل المساعدات الإنسانية للهلال الأحمر الإماراتي في التدفق وسط استمرار خلية الأعمال الإنسانية بالمقاومة الوطنية في إغاثة المنكوبين من منطقة تلو أخرى.
وأعلنت الخلية الإنسانية، وهي الذراع الإنسانية للمقاومة الوطنية التي يقودها طارق صالح، السبت، تقديم مساعدات إيوائية وغذائية للمتضررين من الفيضانات في بلدة "القطابا" بمديرية الخوخة جنوبي محافظة الحديدة، بدعم من الهلال الأحمر الإماراتي.
ووفقا للخلية في بيان تلقته "العين الإخبارية" فإن المساعدات شملت "خيامًا وأدوات إيوائية ومواد غذائية للأسر التي تضررت منازلها من سيول الأمطار، وفق إحصائيات ميدانية لفريق الخلية ولجنة الطوارئ".
وتأتي المساعدات للمنكوبين في الساحل الغربي ضمن قافلة مفتوحة تشمل كافة المتضررين من الفيضانات تنفيذًا لتوجيهات نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح.
وكان صالح قدم مبادرة إنسانية عبر مكتب الأمم المتحدة وبعثتها في الحديدة لتسيير قوافل مساعدات إنسانية لإغاثة منكوبي الفيضانات في أجزاء المحافظة الخاضعة للحوثيين لكن المليشيات رفضتها، على الرغم من أنها إنسانية بحتة، وكان من شأنها إحداث فارق مهم في حياة الناس.
وضربت الأمطار والفيضانات اليمن في نهاية يونيو/حزيران، وتفاقمت في نهاية يوليو/تموز واشتدت بشكل كارثي في أغسطس/آب، رغم عدم مساهمتها في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
ووفقا لتقارير سابقة للأمم المتحدة، فإن نحو 98 شخصا لقيوا حتفهم وتضررت 695 ألف أسرة بشكل مباشر، بعد تدمير منازلها وفقد مصادر رزقها وسبل عيشها، وكانت غالبيتها من العائلات النازحة في المخيمات الهشة.