معارك الجبهة الداخلية.. نار تحرق مليشيات الحوثي باليمن
فاتورة كبيرة دفعها الحوثيون في صراعات قبلية وكمائن مسلحة في قلب مناطق نفوذهم، امتدت من الحديدة غربا إلى الجوف شرقا وتعز جنوبا وحتى صنعاء وعمران شمالا.
وقدمت المواجهات الدامية التي اندلعت مؤخرا في ماوية شرقي تعز والمعيمرة في الجوف والتحيتا في الحديدة وصوير في عمران دليلا جديدا على عجز مليشيات الحوثي عن الحفاظ على جبهتها الداخلية موحدة شمالا، مع تنامي حالة الغضب الشعبي إثر القمع حتى للموالين لها.
وخلفت هذه المواجهات التي اندلعت في قلب مناطق نفوذ المليشيات في المحافظات الـ4 والتي لم تكن هي الأولى ولن تكون الأخيرة، ما لا يقل عن 38 قتيلا ومصابا بصفوف الحوثيين، بحسب مصادر محلية وقبلية لـ"العين الإخبارية".
ويرى مراقبون أن وقائع هذه المواجهات تكشف أن التناحر في الجبهة الداخلية للحوثي متعدد سياسياً واجتماعياً وقبليا وعسكريا وأن الجماعة بلا حليف محلي حتى على المستوى السياسي والقبلي، وفشل قوتها المفرطة في الحفاظ على مناطق نفوذها والذي راكم الثأر والنقمة الشعبية.
اعتراف حوثي بنذر حرب داخلية
اعترفت مليشيات الحوثي على لسان قيادي بها مرتبط بالحرس الثوري الإيراني بأن الأوضاع في مناطق سيطرة الانقلاب شمال اليمن تنذر بحرب داخلية تصل من "بيت إلى بيت" وأن الصراعات تنخر جبهتها الداخلية.
وحذر القيادي الحوثي سلطان السامعي وهو عضو في مجلس الحكم السياسي للمليشيات في كلمة أمام البرلمان غير المعترف به، من تغول الفساد في مناطق الانقلاب واعتقال المليشيات لكل الأصوات وهو ما ينذر بسقوط حكمها.
وقال السامعي الذي يصطدم بالجناح المتطرف المنحدر من صعدة إنه "لم يعد يعرف من يحكم، وسندخل حرب مخطط لها من بيت إلى بيت، ومن زغط (أزقة المدينة) إلى زغط"، داعيا النواب الموالين للمليشيات للعمل من أجل وقف "العجلة التي تتسارع لإحداث حرب" داخلية.
وأشار إلى أن "العدو بات ينخر في الداخل" في إشارة إلى أن الجبهة الداخلية تتفكك، كما انتقد القيادي الحوثي ما أسماها "منظومة الفساد" والتي ترفع شعار المناهضة لأمريكا وتخدمها من صنعاء.
وحث السامعي مجلس النواب غير المعترف به بصنعاء "لمحاسبة الفاسدين قبل أن يأتي يوم ولن تستطيعوا الاجتماع في هذا المجلس"، في خطوة تشير إلى أن قمع المليشيات وصل للموالين للجماعة ولن يسلم منه أحد.
كمائن في تعز والجوف
يأتي اعتراف القيادي السامعي وهو ذراع لإيران في اليمن، في وقت تنامي الصدمات والمواجهات في قلب مناطق نفوذ المليشيات، كان آخرها معارك أوقعت نحو 25 قتيلا وجريحا في أجزاء محافظتي تعز والجوف الخاضعة للانقلابيين.
ففي تعز، دفعت مليشيات الحوثي بحملة أمنية يقودها ما يسمى مدير أمن التعزية القيادي سعيد الكامل لمطاردة ما أسمتهم المليشيات "مطلوبين أمنيا"، وهي إحدى التهم التي تلفقها المليشيات لقمع كل المناهضين في مناطق نفوذها.
وأكد مصدر حكومي مسؤول لـ"العين الإخبارية"، أن من كانت تلاحقهم المليشيات فروا إلى مديرية ماوية شرقي تعز ونصبوا هناك مع أحد المناهضين للمليشيات يدعى محمد صادق السناوي كمينا مسلحا للحملة الحوثية، ما أدى إلى تكبدها قتلى وجرحى.
وأكد المصدر أنه عندما عرف الحوثيين بوجود السناوي وجهوا حملة واسعة وحاولوا اقتحام بلدة "الترس" في معبر الشرمان بمدينة ماوية ما أدى لاندلاع معارك عنيفة، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة 20 حوثيا بينهم قائد الحملة المدعو سعيد الكامل، فيما قتل السناوي و3 آخرين وعمدت المليشيات للتمثيل بجثثهم أمام العامة.
في الجوف، نصب مسلحين من رجال القبائل كمينا محكما لدورية أمنية لمليشيات الحوثي في منطقة "معيمرة" على الطريق الرابط بين مديريتي المتون والحزم في المحافظة ما أدى إلى سقوط 5 قتلى وجرحى من الانقلابيين.
وأكدت مصادر إعلامية أن رجال القبائل استهدفوا عناصر المليشيات أثناء مرورهم في المنطقة، وأسقطوا منهم 3 قتلى وأصابوا 2 آخرين قبل فرارهم إلى جهة مجهولة.
تناحر أمني وقبلي
وجاءت المواجهات في تعز والجوف بالتزامن مع مواجهات مماثلة في الحديدة بين قيادات حوثية أمنية وقبلية وفي عمران بين رجال القبائل وحملة عسكرية للمليشيات.
ففي الحديدة، فجرت خلافات وتبادل تهم بالعمالة لأمريكا وإسرائيل معارك شرسة بين مسلحي ما يسمى "الأمن الوقائي"، جهاز المخابرات للمليشيات ومسلحين يتبعون الزعيم القبلي عبدالله عبده عطيفي والتي تمنحه المليشيات رتبة عميد ويقود ما يسمى "اللواء السابع حماة الساحل".
ودارت المواجهات في بلدة المغرس جنوب مديرية التحيتا، جنوبي الحديدة، ما أسفر عن مصرع عدد من عناصر جهاز الأمن الوقائي وجرح آخرين فيما قتل 3 عناصر من مجاميع المدعو عطيفي وجرح آخرين، بحسب مصادر أمنية.
وفشلت مليشيات الحوثي في فض الاشتباك وحل الخلافات رغم دفعها بقيادات للتوسط بين الطرفين، فيما لجأ المدعو عطيفي لاستدعاء وجهاء وشيوخ التحيتا لمطالبتهم بالوقوف لجانبه ضد عناصر المليشيات غير المنحدرين من تهامة، وفقا لذات المصدر.
أما في عمران، فاصطدمت حملة عسكرية وأمنية للمليشيات بمقاومة عنيفة من أبناء قبائل "ذو قزان"، و"ذو زايد"، و"المشراقي" بمديرية صوير، الذين تتهمهم المليشيات بتصفية قيادي حوثي داخل إحدى مدارس المديرية، مؤخرا.
ووفقا لمصادر قبلية فقد تحصن رجال القبائل في جبل "ضكان" بعزلة الذيبة والعجيرات في صوير ونجحوا في إجبار المليشيات على التراجع بعد تكبدها قتيلا ومصابين اثنين.
وتعد المواجهات في عمران امتدادا لفشل نهج مليشيات الحوثي القائم على استخدام القوة المفرطة في إخضاع القبائل، وثمنا لتدخلها في القضايا القبلية ومحاولتها أحياء صراعات قديمة بين القبائل وحلها بقوة السلاح.
وفي صنعاء، احتشدت قبيلة همدان، رفضاً لمخطط مليشيات الحوثي تقسيم مديريتهم؛ وضم أجزاء منها لمديريتي معين وبني الحارث التابعتين لأمانة العاصمة، في خطوة وجهت رسالة ردع للانقلابيين.
ويستهدف تقسيم الحوثي لتفكيك قبائل طوق صنعاء، والسطو على أراضيها ومضاعفة الإيرادات، لا سيما مناطق مثل شملان التي تضم مصنع الماء شهير، ومناطق أخرى تضم كسارات ومصانع، وهو ما تراه القبيلة يستهدف مصدر قوتها.
وتنتشر الصراعات الداخلية على امتداد خارطة المحافظات الخاضعة للحوثيين، لا سيما بين القبائل والمليشيات والتي تشعلها العنصرية التي تمارسها الجماعة ضد القبلية، فضلا عن الصراعات البينية على الامتيازات والمناصب والأموال.
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjExNyA= جزيرة ام اند امز