قرداحي في ورطة.. هل ينقذه الاعتذار من مصير شربل وهبة؟
ضجة كبيرة، واستياء واسع، واعتذار.. فيما تتصاعد تداعيات تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن، أيد فيها الحوثيّين وأساء لجهود السعودية والإمارات لدعم الشرعية في هذا البلد الذي يئن تحت وطأة الانقلاب.
ورغم بيان أصدره قرداحي مساء أمس الثلاثاء قال فيه إنه لا يقصد الإساءة للسعودية والإمارات، وأن حديثه يعود لما قبل تعيينه وزيرا في الحكومة اللبنانية، متهما بعض الجهات بالوقوف وراء حملة ضده، مشيرا إلى شبكة الجزيرة في هذا السياق، إلا أن ذلك لم يخفف وطأة التصريحات.
الجزيرة في المنتصف
وذكر قرداحي أن حديثه عن حرب اليمن، يعود لمقابلة مع برنامج تابع لشبكة "الجزيرة"، في شهر أغسطس/ آب الماضي، وذلك قبل شهر من تعيينه وزيرا في حكومة نجيب ميقاتي.
وأوضح قائلا: "منذ صباح اليوم (الثلاثاء) وبعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، وبعض المواقع الإلكترونية تتداول مقطعاً من مقابلة أجريتها مع قناة الجزيرة أونلاين، في برنامج (برلمان شعب)، وورد فيها كلام لي عن حرب اليمن".
وأضافت: "ركزت هذه الوسائل الإعلامية على ما قلته بشأن الحوثيين ودفاعهم عن أنفسهم في وجه العدوان الخارجي، لذلك أود أن أوضح ما يلي: أولًا، هذه المقابلة أجريت في الخامس من شهر أغسطس/ آب الماضي.. أي قبل شهر من تعييني وزيراً في حكومة الرئيس ميقاتي".
وأردف قرداحي: "لم أقصد ولا بأي شكلٍ من الأشكال الإساءة للمملكة العربية السعودية أو الامارات، اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء.. الجهات التي تقف وراء هذه الحملة أصبحت معروفة، وهي التي تتهمني منذ تشكيل الحكومة بأني آت لقمع الإعلام"، في إشارة فيما يبدو لقناة الجزيرة.
وتابع قرداحي في بيانه، قائلا: "ما قلته بأن حرب اليمن أصبحت حرباً عبثية يجب أن تتوقف، قلته عن قناعة ليس دفاعاً عن اليمن، ولكن أيضاً محبةً بالسعودية والإمارات، وضناً بمصالحهما".
وفي ختام بيانه ربط قرداحي إيقاف حرب اليمن، بإرادة دول التحالف العربي، قائلا: "عسى أن يكون كلامي والضجة التي أثيرت حوله، سبباً بإيقاف هذه الحرب المؤذية ، لليمن، ولكل من السعودية والإمارات".
غضب في اليمن
وكانت تصريحات قرداحي أثارت ضجة كبيرة أمس الثلاثاء، حيث أدانت حكومة اليمن تلك التصريحات، واعتبرتها تأييدا لانقلاب المليشيات الحوثية على الشرعية، وتبريرا لجرائمها بحق المدنيين في اليمن والسعودية.
وأعلن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك عن توجيه وزارته لسفارة اليمن في لبنان بتسليم رسالة احتجاج واستنكار على تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
كما أدان بنفس اللهجة وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني، تصريحات نظيره اللبناني، قائلا إنها "تعكس جهلا فاضحا بالشأن اليمني، وانحيازا أعمى لمليشيا الحوثي الإرهابية، وتجاهلا لدور نظام إيران وأجندته التوسعية باليمن والمنطقة في إدارة الانقلاب وتفجير الحرب وتقويض جهود التهدئة ووقف إطلاق النار وإحلال السلام".
تبرؤ من قرداحي
كما سارعت الحكومة اللبنانية للتبرؤ من تلك التصريحات، على لسان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي قال إن "كلام قرداحي الذي يجرى تداوله، ويندرج ضمن مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه، مرفوض، ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديداً في السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".
وأضاف رئيس الوزراء اللبناني في بيان: "إن رئيس الحكومة والحكومة حريصون على نسج أفضل العلاقات مع السعودية، ويدينون أي تدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة أو طرف أتى، فاقتضى التوضيح".
بوادر أزمة واستنكار خليجي
وفي ما يشي ببوادر أزمة أججتها تصريحات الوزير اللبناني، بدا لافتاً أن السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري أعاد عبر حسابه على "تويتر" التغريدات التي تتحدث عن أزمة ديبلوماسية حادة ستنشأ. ما بدا أنه تأكيد ضمني على الموضوع.
كما أعاد السفير السعودي التغريدات التي طلبت من الوزير الاعتذار فوراً عن تصريحاته.
من جانبه عبر نايف الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عن رفضه التام جملة وتفصيلا لتصريحات وزير الإعلام اللبناني، معتبرا أنها "تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث في اليمن".
واستنكر الحجرف "تعرض الوزير اللبناني لكل من السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، ودولة الإمارات، خلال حديثه، متهماً إياهم بالاعتداء على اليمن، في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في سبتمبر 2014".
وطالب الأمين العام وزير الإعلام اللبناني بـ"الرجوع إلى الحقائق التاريخية وقراءة تسلسلها ليتضح له حجم الدعم الكبير الذي تقدمه دول التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الشرعية للشعب اليمني في كافة المجالات والميادين، وذلك بهدف الوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية، وفقا للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216".
بيان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي استنكر "دفاع وزير الإعلام اللبناني عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل فيه تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الأزمة اليمنية، في الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي السعودية بالصواريخ والمسيرات، وفي الوقت الذي تستهدف أبناء الشعب اليمني الأعزل وتمنع وصول المساعدات الإغاثية للمناطق المنكوبة.
وطالب الحجرف وزير الإعلام اللبناني "بعدم قلب الحقائق، كما طالبه بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة"، مؤكداً أن "على الدولة اللبنانية أن توضح موقفها تجاه تلك التصريحات".
ولاحقا اليوم الأربعاء أصدرت الخارجية اللبنانية، توضيحا حول التصريحات، مشيرة إلى أن قرداحي "صدر عنه كلام شخصي سابق قبل تعيينه وزيرا، ونشر بالأمس (الثلاثاء)، وهو لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية الذي عبر عنه رئيسها في البيان الصادر بالأمس، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب".
وأضاف بيان الوزارة: "كما وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد أدانت مراراً وتكراراً الهجمات الإرهابية التي استهدفت السعودية، وهي لازالت عند موقفها في المدافعة عن أمن وسلامة أشقائها الخليجيّين، التي تكنّ لهم كل محبة واحترام وتقدير، وتنأى عن التدخل في سياساتهم الداخلية والخارجية".
أخ له من قبل
وليست هذه المرة الأولى التي تحدث ضجة إثر إساءة للسعودية من طرف عضو بحكومة لبنان، ففي مايو/ أيار الماضي، أعلن وزير الخارجية في حكومة حسان دياب شربل وهبة تنحيه عن الوزارة، في أعقاب موجة غضب واستنكار طالته، على خلفية تصريحات له في حوار تلفزيوني، أساء فيها للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
وكان الوزير اللبناني قد دخل في مشادة كلامية مع المحلل السياسي السعودي سلمان الأنصاري أثناء استضافتهما، في لقاء على قناة "الحرة" الأمريكية، حيث وجه وهبة إساءات للسعودية، ووصف ضيفه بأنه من "أهل البدو".
وجاءت التصريحات المسيئة في معرض دفاع مستميت من وهبة عن حزب الله الإرهابي، ليخلص إلى الإساءة لدول الخليج بالقول: إن "بعض دول أهل المحبة والصداقة والأخوة، جلبت لنا (داعش) في سهل نينوى والأنبار وتدمر".
وقوبلت تصريحات وهبة بالاستنكار في لبنان من قوى سياسية وسلطات تنفيذية، حيث تبرأت منها رئاسة الجمهورية، وشجبتها رئاسة حكومة تصريف الأعمال، واتصل رئيس الوزراء المستقيل حسان دياب بالمعني، لاستيضاح ما ورد في التصريحات.
كما فجرت تصريحات الوزير موجة من الرفض والاستنكار شملت مختلف الفرقاء وسط إجماع على رفض الإساءة لدول الخليج والسعودية، قبل أن يقدم وهبة طلب إعفائه من مسؤولياته لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال -حينها- حسان دياب.
aXA6IDMuMTQ0LjkzLjE0IA== جزيرة ام اند امز