قتل وتشريد وتمزيق اجتماعي.. حيثيات حكم إعدام الحوثي وقيادات الانقلاب
قتل وتهجير وتمزيق للنسيج الاجتماعي والتخابر مع دول أجنبية، هذه هي حيثيات حكم الإعدام ضد عبدالملك الحوثي، و173 من قادة المليشيات.
هذه الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الانقلابية بحق اليمن واليمنيين، منذ سبتمبر/أيلول 2014، وامتلأت بها سجلات الحوثيين السوداء، في كافة المجالات الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية.
جميع تلك الجرائم استحق عليها زعيم الحوثيين، وقاداته ممن حرض ووجه وقاد الحروب في كافة الجبهات ومناطق اليمن، حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة العسكرية في مأرب اليمنية، أمس الأربعاء.
بالإضافة إلى تصنيف المحكمة للمليشيات كجماعة إرهابية، عطفا على ما اقترفته من انتهاكات بحق اليمنيين.
الارتهان لإيران
على رأس تلك الحيثيات يأتي "التخابر" الحوثي مع دولة أجنبية، وهي إيران، والذي سهل من عملية تدمير اليمن، عبر أدوات طهران المتمثلة بالمليشيات الانقلابية.
الأمر الذي دفع المحكمة العسكرية بمأرب إلى الإعلان عن مقاضاة "إيران" -وفق نص الحكم- أمام القضاء الجنائي الدولي لثبوت اشتراكها مع مليشيات الحوثي في الجرائم محل الدعوى.
ومعروف خطورة الدور الإيراني وتدخلاتها في المنطقة العربية، والتسبب بإرباك المشهد السياسي والاستقرار في كافة الدول المتورطة فيها.
ولعل تجارب مثل لبنان وسوريا والعراق، وأخيرا اليمن، شواهد حية على الرغبة الإيرانية في زعزعة أمن واستقرار الدول العربية.
ووفق مراقبون، فإن الارتهان الحوثي و"انبطاحاته" للأوامر الإيرانية في تدمير اليمن، ساهم في تدمير البلاد واستمرار الحرب فيها.
وما يؤكد ذلك أن السفير الإيراني في صنعاء، المدعو حسن إيرلو هو الحاكم باسمه داخل مناطق سيطرة مليشيات الحوثيين، وهو الذي دخل متنكراً الى أراضي اليمن بهدف التجسس، والاشتراك في الجرائم مع الحوثيين وارتكاب جرائم عسكرية وجرائم حرب.
حتى أن سياسيون أكدوا تفوق نفوذ إيرلو على نفوذ زعيم الحوثيين عبدالملك، والذي فرط بسيادة بلاده، فاستحق الإعدام مع مرافقيه.
تمزيق النسيج الاجتماعي
تعايش اليمنيون منذ آلاف السنين، رغم اختلافاتهم المذهبية، التي حولها أبناء هذا البلد إلى فرصة للتنوع والتعدد.
بينما رفض الإماميون، ومنهم البيت الحوثي، هذا الوضع المستقر للبلاد، وأبوا إلا العمل على تمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن.
وانتهج الحوثيون منهجية مذهبية سلالية لتصنيف اليمنيين إلى طبقات اجتماعية بين السادة والأقل حظا، يكون فيه التمييز للمنتمين للبيت الحوثي أو الهاشمي.
وهو اضطهاد حقيقي تجسد مؤخرا في حادثة استبعاد المليشيات لكل من لا ينتمي إلى آل الحوثي، أو البيت الهاشمي للالتحاق بكليات القضاء والمعاهد القانونية، ليبقى السلك القضائي حكرا على الانتماء السلالي.
المحكمة العسكرية تنبهت لخطورة أمر كهذا، فقضت بإلزام الحكومة اليمنية بوضع "استراتيجية وطنية شاملة للقضاء على التمييز بين اليمنيين بسبب العرق أو اللون أو الأصل أو المذهب".
كما قضت المحكمة بتصنيف "جماعة الحوثي منظمة إجرامية إرهابية، وحضر أنشطتها وحلها ومصادرة جميع ممتلكاتها، ونزع جميع الأسلحة والذخائر والعتاد العسكري منها وتسليمه لوزارة الدفاع".
فليس أكثر إرهابا من تمزيق وتهديد استقرار المجتمع، وضرب تماسكه الذي استمر آلاف السنين عرض الحائط، وفق سياسيين.
قتل وتشريد
انتهاكات الحوثي، وزعيمه الذي وجه وحرض عليها، تؤهله كذلك لأن يحاكم في محاكم الجنايات الدولية، لأنها ترتقي لمستوى جرائم ضد الإنسانية، والتي وثقتها المنظمات المحلية.
حيث أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، توثيق 20 ألفا و977 واقعة انتهاك ضد أطفال اليمن، بالإضافة إلى تهجير مليشيات الحوثي وتشريد أكثر من 43 ألف طفل، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2017 إلى مارس/آذار 2021.
ووثق تقرير الشبكة ألفا و343 حالة قتل خارج نطاق القانون، بينهم 31 رضيعًا، نتيجة أعمال القنص، ومقذوفات عشوائية على الأحياء السكنية، و136 حالة قتل بسبب زراعة الألغام الأرضية.
التقرير، الذي أوردته وكالة "سبأ" الحكومية، خلال يونيو/حزيران الماضي، رصد 146 حالة قتل نتيجة المجازر الجماعية، و298 حالة قتل بطلق ناري، و342 حالة قتل بسبب الحصار الذي تفرضه المليشيات وانعدام الأوكسجين والدواء وإغلاق المستشفيات.
كما وثقت الشبكة مقتل ألف و716 طفلاً أثناء قتالهم بصفوف مليشيات الحوثي التي زجّت بهم في جبهات القتال، ورصد 12 ألفا و341 طفلا لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً جندتهم مليشيات الحوثي بالإكراه والإجبار، فيما وثقت الشبكة 522 حالة اعتقال واختطاف خاصة بالأطفال.
بالإضافة إلى آلاف الإصابات والإعاقات الحركية والتشويه الذي تعرض لها صغار اليمن؛ نتيجة ذات الأسباب كأعمال القنص والتشريد والهجمات الصاروخية.
انتهاك الحقوق والحريات
مناطق سيطرة المليشيات لا تخلو أيضا من السجون والمعتقلات التي خصصت لانتهاك الحقوق والحريات في اليمن.
وليس أدل على ذلك شهادات أهالي الضحايا الذين نقلوا عن ذويهم جرائم وحوادث اغتصاب وتعذيب لكافة المعتقلين والمعتقلات في السجون الحوثية.
بالإضافة إلى الاستهداف المباشر للصحفيين والصحفيات والناشطات والفنانات، بهدف تكميم الأفواه، والتحكم في حرية التعبير.
كقضية الصحفيين العشرة المحتجزين لدى المليشيات، والذين صدرت بحق أربعة منهم أحكام إعدام.
جميع تلك الحيثيات استحق بناءً عليها زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي حكم الإعدام، هو ومئات من قادته العسكريين والسياسيين.
يذكر أن المحكمة العسكرية بدأ مطلع ابريل/نيسان من العام الماضي أولى جلساتها لمحاكمة قيادات جماعة الحوثي وعلى رأسها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بتهم الانقلاب على الدولة وتأسيس تنظيم إرهابي والاضرار بالمجتمع اليمني.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yMTAg جزيرة ام اند امز