صحفيو اليمن.. واقع مرعب يفرضه الحوثيون
تدهور حاد في الحريات الصحفية باليمن منذ الانقلاب الحوثي، وخلافا للقتلى والمشردين، يقبع 10 صحفيين خلف قضبان المليشيا المدعومة من إيران
"البلد الأخطر على الصحافة والصحفيين، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".. بهذه العبارة وصفت منظمة (مراسلون بلا حدود) وضع الصحافة في اليمن، بالتزامن مع اليوم العالمي للصحافة.
المنظمة أرجعت هذا الوضع المتردي إلى القمع والتضييق الذي تمارسه مليشيا الانقلاب الحوثية ضد ممتهني الصحافة في اليمن، بحسب تقريرها السنوي، الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية".
ومنذ بداية الانقلاب الحوثي، قتل عدد من الصحفيين بنيران قناصة مليشيا الحوثي الانقلابية، فيما اعتقل العشرات قضى معظمهم فترات سجن متفاوتة، لكن 10 منهم لا يزالون خلف قضبان مليشيا الحوثي منذ 4 سنوات.
مؤشر قاتم
منظمة العفو الدولية أكدت بالدلائل خطورة الوضع الصحفي في البلاد، مستشهدةً بالاحتجاز التعسفي الذي مارسه الانقلابيون بحق الصحفيين، معتبرةً ذلك مؤشرا قاتما للحالة التي تواجهها حرية الإعلام في اليمن.
وذكرت العفو الدولية، أن الحوثيين اعتقلوا 10 صحفيين قبل قرابة 4 سنوات، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم، عشية اليوم العالمي لحرية الصحافة.
واحتجز الصحفيون العشرة منذ صيف 2015، وتتم محاكمتهم بتهم تجسس (ملفقة)، بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير.
والصحفيون المعتقلون هم: عبدالخالق عمران، وهشام طرموم، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، وحسن عناب، وأكرم الوليدي، وهيثم الشهاب، وهشام اليوسفي، وعصام بلغيث، وصلاح القاعدي، أغلبهم كانوا مجتمعين في أحد فنادق صنعاء، بسبب توفر خدمات الكهرباء والإنترنت، قبل أن تداهم غرفتهم قوات حوثية اقتادتهم إلى غياهب سجونها، وفق منظمة العفو الدولية.
تهديد بالإعدام
ووصفت المنظمة، في تقريرها الدوري، الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أوضاع أولئك الصحفيين المحتجزين بالمأساوي، حيث حُرموا من الحصول على الرعاية الطبية، وتعرضوا للتعذيب.
وأضافت: "يجب السماح للصحفيين بالقيام بعملهم دون تعرضهم للمضايقة أو التخويف أو التهديد بالاعتقال التعسفي أو الاحتجاز المطول أو الملاحقة القضائية، وطالبت بسرعة الإفراج عنهم".
العفو الدولية حذرت من إمكانية أن يواجه هؤلاء الصحفيون عقوبة الإعدام لمجرد قيامهم بوظائفهم، وأكدت أن ذلك قد يكون مشيناً، فالتهم الموجهة إليهم زائفة، ويجب إسقاطها فوراً، فلا يجوز استهدافهم بشكل صارخ بسبب عملهم الصحفي.
متى سيعود بابا؟
وتحدث موظفو العفو إلى أفرادٍ من أسر الصحفيين الذين وصفوا التأثير النفسي عليهم وعلى أطفالهم الذين يكبرون بلا آباء.
إحدى زوجات الصحفيين قالت إنها كانت مترددة في اصطحاب ابنها الصغير لرؤية والده؛ لأنها كانت قلقة من تعرضه للصدمة، وأضافت: عندما يرى والده، يسأله فقط: "متى ستعود إلى المنزل معنا يا بابا؟".
كما وصفت كيف التقط ابنها ملابس والده التي أحضرتها إلى المنزل لتغسلها، وبدأ يشمها ويبكي من أجله.
ومضت تقول: "لم أنم أو آكل لمدة 3 أيام بعد رؤية زوجي في مثل هذه الحالة الصعبة، وأحاول أن أكون قويةً أمامه رغم أنني أريد البكاء، وأقول له ابقَ قوياً، ولا تدعهم يحطمونك، وتحلّ بالصبر".
كما أخبر أفراد الأسرة منظمة العفو الدولية أن زياراتهم في السجون كانت غير منتظمة، وكانوا تحت مراقبة شديدة من قبل رجال مسلحين، في محاولة لترهيب المحتجزين من التحدث علناً.
"الصحفيين اليمنيين" تندد
نقابة الصحفيين اليمنيين، نددت هي الأخرى لما يتعرض له المعتقلون في سجون الانقلابيين من تعذيبٍ منذ نحو أربعة أعوام.
ونددت بالجرائم التي يتعرض لها الصحفيون المعتقلون منذ سنوات، وحرمانهم من حق التطبيب، مع إخضاعهم لظروف اعتقال قمعية.
وجددت مطالبتها للحوثيين بالإفراج عن الصحفيين ومحاسبة كل المتورطين بالجرائم التي ارتكبت بحقهم، وحملتهم كامل المسؤولية عن هذه الجرائم بحق الصحفيين المختطفين.
واقعٌ مرعب
إلى ذلك أكد مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان ( hritc) أن أن حرية التعبير في اليمن تمر بأسوأ مراحلها، حيث يعيش الصحفيون حالة رعب حقيقية وبشكل متزايد على حياتهم.
وقال المركز، في بيانٍ بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، رصدته "العين الإخبارية"، الخميس، أن حالة حرية التعبير في اليمن بحالة تراجع حقيقي، كما يعيش الصحفيون في المحافظات الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي واقعاً مرعباً.. مناشداً المجتمع الدولي وعلى رأسه أمين عام الأمم المتحدة الضغط للإفراج الفوري عن المعتقلين من الصحفيين في سجون الانقلابيين.
وبحسب بيان المركز، فإن كل من لم يوافق الانقلابيين بالرأي هو محكوم عليه بالاختفاء التام دون أي تردد، وقال المركز إن تقييم اليمن حسب مؤشرات حريات الصحافة في العالم يجعلها ضمن الدول الأسوأ، ولكن الواقع يقول: أن صنعاء هي أكثر المدن قمعاً لحريات التعبير عالمياً.