هدنة اليمن بمرمى نيران الحوثي.. ترنح قبل الانهيار
دخلت الهدنة المعلنة من قبل الأمم المتحدة في اليمن الأحد، أسبوعها الثالث على التوالي، في خضم سجل قياسي من خروقات مليشيات الحوثي.
وصعد معدل الخروقات الحوثية من 723 خرقا خلال أول أسبوع إلى 1577 انتهاكا في الأسبوع الثاني منذ سريان الهدنة الإنسانية مساء يوم 2 أبريل، خلافا لتوقعات رجحت تراجع العنف في الخط الأمامي للجبهات.
وشهد الأسبوع الثاني للهدنة التي دخلت حيز التنفيذ أول شهر رمضان المبارك، جولة مكوكية هي الأولى للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء، كما عقد مجلس الأمن جلسته الدورية بشأن البلاد، لكن المليشيات واصلت التصعيد بزعم أن الجهود الدولية مجرد "أكاذيب".
كما استمر الحوثيون في إعلان أرقام فلكية للخروقات لإبقاء الهدنة تحت طائلة الاتهامات المتبادلة والتعتيم على تحركاتهم على الأرض، التي اعتمدت استقدام التعزيزات وحرب التسللات عبر معارك كر وفر استهدفت فتح ثغرات في دفاعات القوات الحكومية المعترف بها.
وتقدم "العين الإخبارية"، في هذا الإحصاء الذي اعتمد المصادر الرسمية للقوات اليمنية على كافة جبهات القتال، مؤشرات واقعية على مدى بقاء أو انهيار محتمل لهدنة تقف في مرمى نيران مليشيات الحوثي وتدخل أسبوعها الثالث.
وظلت محاور تعز والحديدة والضالع ومأرب أكثر الجبهات سخونة ووصلت إلى المعارك الشرسة خلال أيام متفرقة من الأسبوعين الماضيين، الذي ارتكب فيها الحوثيون في جبهات 7 محافظات 1577 انتهاكا.
تعز ومأرب
تخطت انتهاكات مليشيات الحوثي حاجز الألف اختراق للهدنة الإنسانية في مسرح قتال 5 محافظات، ينشر فيها الجيش اليمني قواته أبرزها مأرب وتعز، فيما وصل إجمالي الضحايا إلى 24 قتيلا وجريحا بينهم مدنيون.
وباستثناء يوم 12 أبريل/نيسان، بلغت خروقات مليشيات الحوثي التي أعلن عنها الجيش اليمني (2-15 أبريل) 637 انتهاكا في جبهات محافظات مأرب، الجوف، صعدة، حجة، ووقع نصف هذه الخروقات بشكل رئيسي على جبهات مأرب.
وتضمنت خروقات مليشيات الحوثي سلسلة من الهجمات البرية في مسعى لتغيير خطوط التماس، فضلا عن استقدام تعزيزات قتالية وصل غالبيتها إلى محيط مدينة مأرب في مسعى لتطويقها عسكريا.
كما استخدم الحوثيون على نحو لافت الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على مأرب، وامتدت إلى الجوف كخروقات متقدمة لتقويض السلام الهش ما أسفر عن مقتل جندي وإصابة آخر بنيران المليشيات.
في جبهات تعز، ارتكب الحوثيون 489 خرقا في مدينة وأرياف تعز باستخدام السلاح الثقيل والمتوسط والطيران المسير والقناصة، فضلا عن تشييد الخنادق وطرق الإمداد وتحصين المواقع المتقدمة واستقدام المقاتلين والآليات.
وبحسب بيان لمحور تعز العسكري طالعته "العين الإخبارية" فإن خروقات مليشيات الحوثي أسفرت عن مقتل جنديين وجرح 16 آخرين خلال 14 يوما مضت من سريان الهدنة الإنسانية.
كما تسببت هجمات مباشرة بالمدفعية والقناصة على الأحياء السكنية ومخيمات النازحين عن إصابة 4 مدنيين غالبيتهم بجروح خطيرة، بينهم سيدة تم قنصها برصاصة في الرأس.
وتخضع تعز لتفاهمات بموجب اتفاق ستوكهولم وتتصدر أولويات المبادرة الجديدة للهدنة لفتح منفذ إنساني إلى المدينة المحاصرة منذ 8 أعوام، لكن معدل الخروقات الأعلى التي شهدتها تشير إلى أن مليشيات الحوثي تنوي تحويلها لساحة هجوم عسكري قادم.
الحديدة بين هدنتين
ووفقا لإحصاء تتبعته "العين الإخبارية" من البيانات اليومية للإعلام العسكري للقوات المشتركة، فقد ارتكبت مليشيات الحوثي 229 خرقا على جبهتين فقط في الساحل الغربي لليمن خلال 14 يوما مضت.
وتنتشر القوات المشتركة على جبهات في جبل رأس والجراحي والتحيتا في الحديدة ومقبنة والبرح غربي تعز، وتنوعت فيها الخروقات بين الهجمات البرية والمدفعية باستخدام السلاح الثقيل والمتوسط والطائرات المسيرة.
كما طالت هجمات مليشيات الحوثي أحياء وقرى سكنية جنوبي محافظة الحديد (غرب) وغربي تعز، إلا أنه لم ترد تقارير عن وقوع ضحايا من الجنود والمدنيين.
وتقف الحديدة بين هدنتين أمميتين، حيث تقع بشكل منفصل ضمن سلام هش برقابة دولية بموجب اتفاق ستوكهولم منذ أواخر 2018، وفي إطار الهدنة الشاملة الأكثر هشاشة التي باتت تترنح تحت خروقات مليشيات الحوثي في أسبوعها الثالث.
الضالع محور ملتهب
جنوبا، حيث ترابط قوات المقاومة الجنوبية في الضالع ولحج وحدود أبين مع البيضاء، تركزت خروقات مليشيات الحوثي في 4 جبهات من محافظة الضالع التي ظلت أكثر الجبهات اشتعالا جنوبي اليمن.
وبينما لم تجد "العين الإخبارية" أي حصيلة يومية معلنة لمحوري لحج وأبين، سجل بيان صادر عن محور الضالع العسكري ارتكاب مليشيات الحوثي منذ سريان الهدنة الأممية نحو 222 خرقا، على مدى الأسبوعين الماضيين.
وبلغت خروقات الأسبوع الأول 96 انتهاكا فيما وصلت خروقات الأسبوع الثاني 126 خرقاً تركز غالبيتها في جبهات "باب غلق" و"الفاخر" و"بتار" و"مريس" وأسفرت عن سقوط جنديين بجروح متوسطة وخطيرة.
موقف حاسم
في هذا الصدد، استهجن الجيش اليمني في بيان استمرار المليشيات الحوثية خرق الهدنة الأممية ومحاولتها استغلال التزام قواته بوقف إطلاق النار لتعزيز موقفها وترتيب وضعها الميداني المتهاوي.
وانتقد البيان، تلقته "العين الإخبارية"، محاولة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ غض الطرف إزاء خروقات مليشيات الحوثي الصارخة منذ إعلان الهدنة.
كما طالب القيادة السياسية والعسكرية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي باتخاذ موقف حاسم إزاء الانتهازية الحوثية، حيث أثبتت خلال أسبوعين عدم رغبتها في السلام وأنها تستعد للحرب.
وكان رئيس أركان الجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز بحث الخروقات الحوثية والتصدي لها، وأكد أن قواته في أتم الجاهزية والاستعداد لتنفيذ توجيهات مجلس القيادة الرئاسي، وخوض المعركة المقدسة الفاصلة.
ما بعد الهدنة
وهددت مليشيات الحوثي بنسف الهدنة الإنسانية عبر تصريحات على لسان أبرز قياداتها، منهم رئيس ما يسمى المجلس السياسي وما يسمى وزير الدفاع، بزعم أنها "لا توحي بنوايا صادقة" من قبل تحالف دعم الشرعية.
وكانت مليشيات الحوثي رفعت منذ دخول الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ شعار "ما بعد الهدنة ليس كما قبلها"، في خطوة اعتبرها مراقبون دليلا كافيا على مراهنتها على كسب الوقت في إعادة ترتيب صفوفها العسكرية واستقدام مزيد الحشود من المقاتلين لخطوط النار.
وعلق رئيس منظمة رصد للحقوق والحريات اليمنية مجاهد القب أنه واهمٌ من يظن أن الحوثي يوماً ما فكر بالسلام، من هو قريب مما يحدث في مناطق سيطرة الحوثي يجزم بأن هذه الفئة الباغية تعد لـ8 أعوام حرب".
وكتب الحقوقي اليمني على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" طالعته "العين الإخبارية"، أن "الهدنة منحت الحوثي فسحة من الوقت، حيث أطلق منذ الساعة الأولى شعار "ما بعد الهدنة ليس كما قبلها"، في إشارة لاستعداد لجولة حرب دموية.
وأضاف "نذر تصعيد عسكري غير مسبوق ستظهر قبل فترة انقضاء الـ60 يوما، معطيات ما يقوم به الحوثي في هذه الفترة تؤكد ذلك"، مشيرا إلى أن "الحوثي لا يقبل بإيقاف المعارك إلا في حالتين فقط، عند كسر ظهره أو أخذ وقت يلتقط فيه أنفاسه ليتأهب لجولة معارك أشد".
وبدأت الهدنة الإنسانية بين مليشيات الحوثي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عند الساعة (16 بتوقيت غرينتش) السابعة مساء السبت بتوقيت اليمن في 2 أبريل/نيسان الجاري وتستمر لمدة شهرين.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDMuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز