«اللواء الأخضر» يختنق.. إب اليمنية في قبضة عنف الحوثي

تحولت محافظة إب اليمنية، المعروفة بـ«اللواء الأخضر»، إلى مسرح يومي لعنف مليشيات الحوثي، التي تمعن في قمع المجتمع المحلي وتفكيك نسيجه، رغم كون المحافظة مصنفة كعاصمة سياحية للبلاد.
ومنذ مطلع يوليو/تموز الجاري، أصبحت هذه المحافظة الواقعة في وسط اليمن، على بعد نحو 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، نموذجاً صارخاً لانتهاكات الحوثيين، الذين استغلوا فترة الهدنة الأممية لتكريس قبضتهم الأمنية وتشديد سيطرتهم على الجبهة الداخلية في مناطقهم.
وترصد «العين الإخبارية» أبرز انتهاكات الحوثي في إب، والتي طالت مختلف جوانب الحياة، من الاختطافات وتشييد السجون السرية، إلى الابتزاز الاقتصادي ونسف التعايش الديني، في مشهد يعكس عمق الأزمة الحقوقية في مناطق الانقلابيين.
نهب واختطافات وسجون سرية
شهدت إب موجة غير مسبوقة من الاقتحامات والاعتقالات، كان أحدثها، الثلاثاء، حين أقدمت المليشيات على نهب منزل المواطن عبد الحميد المصباحي في حي المحافظة بعد اقتحامه، بحجة البحث عنه لاختطافه.
كما داهمت المليشيات أكثر من 342 منزلاً، ونهبت 18 مسكنًا خلال الأيام الماضية، تزامنًا مع حملة اعتقالات جماعية طالت تربويين وأكاديميين وموظفين حكوميين وعمّالًا في القطاع الخاص، في سياق سلوك ممنهج يهدف إلى ترويع المجتمع وتكميم الأصوات.
وبحسب الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، تم توثيق اختطاف 83 شخصًا، بينهم 9 حالات اختفاء قسري، خلال الفترة من 1 مارس/آذار حتى 20 يوليو/تموز 2025.
ومن بين المختطفين:
- 22 تربويًا
- 12 طالبًا
- 3 أطفال
- 14 بائعًا متجولًا
- 4 تجار ورجال أعمال
- 6 خطباء ووعاظ
- 5 شخصيات اجتماعية
- 17 من الفئات العلمية (أطباء، أكاديميون، محامون، موظفون)
كما أنشأت المليشيات 12 سجنًا سريًا في إب، يُمارَس فيها مختلف أنواع التعذيب النفسي والجسدي، بما في ذلك انتزاع الاعترافات تحت الإكراه، في انتهاك صريح للمواثيق الدولية.
ووفق منظمات حقوقية، أجبر القمع الحوثي 160 مدنيًا على النزوح من إب، في وقت يستهدف القمع كافة الشرائح الاجتماعية والمهنية في المحافظة.
انتهاك الخصوصيات
وامتدت انتهاكات الحوثيين إلى الحياة الخاصة، حيث باتت الاعتراضات في الشوارع والمتنزهات والتحقيق مع المدنيين مشاهد اعتيادية.
من أبرز هذه الحالات، اعتداء حوثيين على المواطن عادل مقلي أمام زوجته، أثناء عودتهما إلى منزلهما بمدينة إب على متن حافلة صغيرة. وادّعى المسلحون أن المرأة التي ترافقه ليست زوجته، فاعتدوا عليه وتركوه ينزف قبل اختطافه.
وباتت مثل هذه الاعتداءات تتكرر بشكل واسع، حيث يعمد المسلحون إلى اتهام المواطنين زوراً، وابتزازهم مالياً أمام أسرهم، بحسب تقارير إعلامية.
نسف التعايش الديني
لم تسلم دور العبادة من القمع الحوثي، إذ بدأت المليشيات فرض تقويم ديني خاص بها على المساجد، ومصادرة تقاويم الصلاة المعتمدة، في سعي لفرض مرجعيتها الطائفية القادمة من إيران.
واقتحمت المليشيات مساجد في أحياء المغيرة، ودار القدسي، والمنظر، وأحوال الثلاث، وصادرت «تقويم الجعيدي» الفلكي، وفرضت تقويمًا صادراً عن وزارة الأوقاف الخاضعة لسيطرتها، يتضمن تعديلات مذهبية على مواقيت الصلاة.
كما فرض الحوثيون خطباء موالين لهم على عدد من المساجد، في محاولة لفرض خطاب طائفي وتفكيك الهوية الدينية التقليدية للمحافظة.
وفي 11 يوليو/تموز، أغلقت المليشيات مركز «تاج الوقار» لتحفيظ القرآن الكريم في قرية «اللُّكمة»، بمديرية المخادر، ضمن حملتها لتقييد أي نشاط ديني لا يخضع لهيمنتها.
إغلاق الأسواق والمراكز التجارية
في إطار إحكام سيطرتها على الاقتصاد، أقدمت المليشيات الحوثية، الإثنين، على إغلاق سوق تابع لنادي شعب إب، في محاولة لإجبار التجار على الانتقال إلى سوق بديل تديره المليشيات.
كما أغلقت مركز «ون مول»، أحد أكبر المجمعات التجارية بالمحافظة، واختطفت مديره الإداري وضابط أمنه، ضمن حملة تستهدف القطاع الخاص ورؤوس الأموال، لإجبارهم على التعاون أو الإفلاس.
ووفقاً لتقرير دولي صدر في مارس/آذار، فإن إب باتت مركزًا لاضطرابات سياسية حادة، ونموذجًا صارخًا لقمع الحوثيين، الذين ضاعفوا حملاتهم الأمنية منذ أبريل/نيسان 2022 بثلاثة أضعاف مقارنة بما قبل الهدنة.
وأكد التقرير أن المليشيات تجد صعوبة في السيطرة على إب بسبب الانقسامات الطائفية والهوية الثقافية المميزة لسكانها، ما يجعلها مركز مقاومة داخلية مؤرقًا لصنعاء الانقلابية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTUg جزيرة ام اند امز