الحوثي والمنظمات الدولية.. ابتزاز "يخنق" جهود الإغاثة
تشرعن كيانات غير مشروعة ابتكرها الحوثيون، مؤخرا، لابتزاز المنظمات الإنسانية وحرف تمويلات الإغاثة للمجهود والحربي.
وفي مسعى للالتفاف على التهديدات الدولية الأخيرة بسحب أموال المساعدات من مناطق سيطرة الحوثيين شمالي اليمن، إذا لم تخفف الممارسات التي تخنق جهود الإغاثة، شرعت المليشيا في البحث عن طرق أخرى لنهب الأموال من وكالات الإغاثة عبر كيانات وليدة تتولى النقل والتخزين ومسح المستفيدين وتوزيع المعونات.
وقالت مصادر حقوقية و3 عاملين في المجال الإنساني بصنعاء، لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيا الحوثي أسست كيانا غير مشروع قبل أكثر من عام عند ارتفاع حدة الانتقادات الدولية لقيود الإغاثة وذلك تحت مسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي".
ويتدخل المجلس الحوثي في أعمال المنظمات الأممية، من خلال إصدار التصاريح اللازمة لعملها مقابل اشتراطات معينة يفرضها الانقلابيون للإثراء وتمويل المجهود الحربي.
ومجلس تنسيق الأعمال الإنسانية، غير المشروع هو كيان وليد ابتكره القيادي الحوثي، عبدالغني المداني 2019، ويتخذ من مبنى وزارة التخطيط والتعاون الدولي كمقر لنشاطه بصنعاء بقيادة القيادي الحوثي، عبدالمحسن الطاوس، وهو أحد أبرز المقربين من مدير مكتب الرئاسة للمجلس السياسي الأعلى، أحمد حامد، الحاكم الفعلي لسلطة المليشيا.
ولا يعمل هذا المجلس في فرض الخطط لأماكن وأوقات المشاريع الإنسانية للمنظمات الدولية والأممية، بل يصل للتدخل وفرض عاملين منفذين للمشاريع عند تسليمها للمستفيدين.
وتؤكد المصادر، لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيا الحوثي تدخلت في أبتزاز ملايين الريالات من منظمات أممية عاملها في اليمن، واستقطعت آلاف الدولارات من مشاريع تديرها "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين" ومنظمة "الهجرة الدولية" و"الأوتشا" و"الأغذية العالمي" و"الفاو" و"اليونيسيف" و"البنك الدولي".
وطبقا للمصادر، فإن القيادي الحوثي الطاوس يتقاضى أكثر من 4 آلاف دولار أمريكي كرسوم إصدار تصاريح موافقة لتنفيذ أي وكالات أحد المشاريع، فيما يستقطع ما يصل لأكثر من 10 آلاف دولار أمريكي من تكلفة أي مشروع كابتزاز ممنهج لعمل المنظمات.
كما يحتكر التعامل على كيانات معينة عند استئجار سيارات النقل وتخزين ونقل المعونات مقابل صفقات تصل لآلاف الدولارات في إرهاب منظم لشرعنة الحصول على مصدر آخر للمجهود الحربي.
ففي عملية التخزين، أسس الحوثيون ما يسمى "مكاتب تخليص جمركية" مزدوجة المهام، وتقوم بعد إصدار التصاريح الجمركية في المنافذ البرية المستحدثة أو ميناء الحديدة إلى تأجير مستودعات كبيرة لتخزين الأغذية والمؤن والمعدات مقابل مبالغ ضخمة تذهب لصالح المجهود الحرب وجيوب قيادات معينة أبرزها القيادي الحوثي، علي الهادي.
وتقول منظمات دولية، إن مليشيا الحوثي باستغلال المساعدات لمصالح شخصية وعسكرية واستخدامها لتجنيد المقاتلين الفقراء أو تمنح كمكافأة لأسر قتلاهم، كما تقوم ببيعها في السوق لجني المال.
إثراء شخصي
وخلافا عن نهب الكثير من المعونات من مستودعات التخزين قبل وصولها للمستفيدين، ترفض المليشيات السماح بأي تنقل للبعثات الأممية وموظفي الوكالات الإغاثية وفرق العمل التابعة لها، حال عدم التعاقد مع شركات سيارات تدر ملايين الدولارات.
وتعود هذه الملايين لإثراء قيادات حوثية بارزة في الصف الأول، انشأت شركات سيارات لنقل البعثات الأممية أهمها شركتي "جولدن كار" التابعة للقيادي، عبدالله نور، أحد أقارب الطاووس والمداني، و"الرحلة السعيدة" التابعة لأحد أقارب القيادي، أحمد حامد.
وتتبعت "العين الإخبارية"، من خلال وثيقتين تداولها ناشطون، حصول الشركة الحوثية للنقل"الرحلة السعيدة" على عقد ساري لعام كامل مع "وحدة طوارئ المياه والإصحاح البيئي" ضمن مشروع الاستجابة الطارئة بدعم اليونيسيف، مقابل توفير 45 سيارة لطاقم المشروع المخصص لمكافحة الكوليرا بمدينة وريف صنعاء أجور شهرية تصل نحو 78750 ألف دولار أمريكي.
أما الـ"وثيقة" الآخرى فتظهر خطاب موجه من عبدالمحسن طاووس رئيس ما يسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي" للوكالات الإغاثية بالتعامل مع شركة "جولدن كار" عند استئجار السيارات "المدرعة والعادة" في إشارة لتقديم كيان تنسيق الإغاثة تسهيلات إلى جانب عمله في إصدار التصاريح لعملها.
وتقول الحكومة اليمنية إن إنشاء مليشيا الحوثي شركات سيارات لنقل البعثات الاممية وموظفي الوكالات يستهدف مراقبة حركة الفرق الاغاثية وتأخير حركتها في تنفيذ المشاريع الإغاثية والإنسانية، وربطها بشكل مباشر بمصالح مليشيات الحوثي غير الإنسانية.
واتهم وزير الادارة المحلية رئيس اللجنة اليمنية العليا للإغاثة، عبدالرقيب فتح، مليشيات الحوثي باستمرار مضايقة المنظمات والوكالات الأممية والدولية العاملة في المجال الإغاثي، وتقويض العملية الإغاثية، وحرمان شريحة كبيرة من سكان المحافظات غير المحررة والمعتمدة بشكل كبير على المعونات.
وطالب المسؤول اليمني المنظمات الاممية بكشف كافة المضايقات والعوائق التي تقوم بها مليشيات الحوثي بحق المنظمات والتدخلات غير المشروعة بحق العملية الإنسانية، لافتا إلى أن " هذه الأعمال غير مقبولة وغير مبررة".
وضع حرج
وفشلت جهود للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في إقناع الحوثيين بتغيير ممارستهم فيما يخص تسليم المساعدات وتخفيف قيودهم المشددة والابتزازات التي تخنق الجهود الإنسانية.
وشرعت مليشيا الحوثي بتحويل مساعدات برنامج الأغذية العالمي إلى النظام النقدي، بدلا عن المساعدات العينية.
وحسب مصادر مطلعة فإن مليشيا الحوثي رفضت السماح لآلاف الأطنان من المساعدات للمنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام دخلت عبر ميناء الحديدة بذريعة "منتهية الصلاحية".
كما شن القيادي البارز، محمد على الحوثي، هجوما عنيفا على برنامج الأغذية العالمي ومديره التنفيذي، ديفيد بيزلي، واتهمه بـ"بتسيس العمل الإنساني تجاه من يرفض سياسات أمريكا"، وذلك إثر خفض البرنامج للمساعدات في مناطق سيطرة المليشيا.
ويرفض الحوثيون السماح لبرنامج الأغذية العالمي، الذي يحصل على نصيب الأسد من أموال المانحين للمساعدات الإنسانية لليمن، تطبيق نظام "التسجيل الحيوي" للمستفيدين لتأمين وصول المساعدات إلى المحتاجين وللحد من سياسة التجويع كسلاح حوثي لمعاقبة المواطنين المناهضين.
aXA6IDMuMTM4LjEzNC4yMjEg
جزيرة ام اند امز