اليمن على أعتاب عيد الفطر.. الفرحة أقوى من الحرب
اللحظات السعيدة لن تمر مرور الكرام رغم آلام الحرب.. يمكن لهذه العبارة أن تختزل صورة استعدادات العيد في اليمن.
فالأسواق العامة والمتاجر والمولات تزدحم بالمتسوقين خلال الأيام الأخيرة من رمضان بشكل كبير ولافت؛ لقضاء متطلبات استقبال عيد الفطر.
هذا الإقبال على الأسواق يأتي بالرغم من المنغصات المعيشية التي يكابدها أهالي عدن؛ نتيجة ارتفاع الأسعار وتدني قيمة العملة المحلية، كأبرز تداعيات استمرار الحرب.
إلا أن التصميم على تهيئة أجواء الفرحة العيدية بدا واضحًا على التدفق المتواصل لليمنيين وعائلاتهم إلى الأسواق، لتأمين بهجة العيد.
ويبدو أن اليمنيين مصممون على مواجهة الحرب بطرقهم الخاصة، من خلال ممارسة حياتهم بكل عفوية، وعدم السماح للقتال وآلة الحرب الحوثية بأن تنغص فرحة العيد.
تقول عائشة الجاوي، وهي ربة بيت من مدينة عدن، إن مجرد النزول إلى الأسواق بالنسبة للعائلة العدنية، خاصة ونحن على أعتاب العيد، يعتبر جزءًا من العيد ذاته.
وتضيف الجاوي لـ "العين الإخبارية"، أن الأسعار المرتفعة والأثمان المبالغ فيها لملابس العيد، وكل تبعات الحرب الاقتصادية، رغم تأثيراتها، إلا أنها لن تنغص على العدنيين عيدهم.
وتؤكد أن الأوضاع المعيشية على صعوبتها وثقل حملها إلا أن الناس ماضون في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، حتى لا يتذكروا مزيد من مآسي الحرب، وينسوا ما قد لحق بهم بسببها.
وتجدد عائشة تأكيدها على أن حرب الحوثيين وحتى وباء كورونا العام الماضي لن يقفا حائلاً أمام الاستمتاع بتفاصيل العيد في عدن وغيرها من المدن اليمنية.
ارتفاع الأسعار
ويكشف عمار الوصابي، بائع في محل ملابس بضاحية كريتر في عدن، لـ"العين الإخبارية" عن أسباب الارتفاعات في أسعار الملابس وحاجيات العيد هذا العام.
ويشير إلى أن تدني مستوى العملة المحلية أمام نظيراتها الأجنبية، وفارق سعر الصرف ساهم في مضاعفة أسعار الملابس، خاصةً وأن أغلب البضائع تستورد من الخارج، وبالعملات الأجنبية.
ويلفت الوصابي إلى أن التدمير الذي طال الموانئ اليمنية والمطارات نتيجة حرب المليشيات الحوثية، حد من كمية البضائع المستوردة؛ الأمر الذي تسبب بقلة المعروض وزيادة الطلب.
وتتراوح أسعار الملابس للأطفال ما بين 20 - 25 ألف ريال يمني، أقل من (30 دولارًا أمريكيًا) تقريبًا، وهو ما لا تقدر على توفيره الأسر الفقيرة أو محدودة الدخل، بحسب الوصابي.
أيادي الخير
غير أن ما يميز الأسواق في مدينة عدن كل عام، ومع قرب حلول الأعياد، هو انتشار "البسطات" التي تمنح المواطنين فرصة لاقتناء حاجيات العيد بأسعار في المتناول، يقول المواطن عبود السعدي.
ويتحدث عبود مع "العين الإخبارية" عن تعدد الخيارات التي يقدمها باعة البسطات في شوارع وأزقة عدن الشعبية، للأسر محدودة الدخل، مضيفا "هذا ما يجعل من حياة التسوق في عدن تحمل في طياتها متعةً وتفردًا، لا تمنع أحدًا من اقتناء ما يريده بحسب وضعه وحاجته".
ويشير السعدي أيضاً إلى المولات والمحلات التجارية الكبرى التي افتتحت مؤخرًا في عدن، وواكبت التراجع الكبير الذي شهدته العملة المحلية، كأحد الحلول أمام محدودي الدخل لمواجهة ارتفاع الأسعار خلال الأعياد.
حيث تقدم تلك المولات تخفيضات كبيرة ومناسبة للعائلات اليمنية، على البضائع القادمة من دول الخليج، وخاصة من المملكة العربية السعودية، والتي يجلبها مئات التجار اليمنيين والمغتربين هناك.
ويضيف: "لهذا لا يمكن للأسواق في عدن أن تخلو من مرتاديها، خاصة خلال الأيام التي نعيشها حاليًا والاستعدادات الكبيرة لاستقبال عيد الفطر، الذي بات على الأبواب".
على الجانب المقابل، هناك من يجود بخيره من التجار ورجال الأعمال على المحتاجين وغير القادرين على توفير متطلبات العيد.
فمن اللافت كل عام رؤية مشاريع الكسوة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، والتي توزع على الفقراء والأسر المعوزة، ممن لا تجد ما تواجه به احتياجات أطفالها.
وهذه المشاريع، تمنح للعيد في عدن واليمن عموماً رونقًا فريدًا، عنوانه التكافل والتعاضد وإرساء قيم الخير، في ظل تداعيات الحرب الحوثية المستمرة.