السواك اليمني.. تجارة وعبادة وسلاح ضد البطالة
عقب كل صلاة، يفترش الباعة الشباب، أمام مساجد عاصمة اليمن المؤقتة عدن، ينثرون عيدانًا غضة على مفارشهم، يقصدون بها المصلين والصائمين.
هؤلاء هم بائعو "السواك"، والسواك أغصان رطبة رقيقة، تستخدم لتنظيف الأسنان والفم، ويستخدمها المسلمون على نطاق واسع.
وتتكاثر أعداد بائعي "السواك" خلال شهر رمضان المبارك بشكل لافت، حيث يزيد إقبال الصائمين والمصلين على هذه العيدان، لعدة اعتبارات دينية وصحية.
سنة السواك
يقول الشيخ لبيب محمد، وهو إمام مسجد في ضواحي مدينة عدن: "إن الإقبال على السواك يزيد في رمضان، مع الحاجة لتنظيف الأسنان نتيجة الصيام، وما قد يرافقه من روائح تصدرها المعدة الفارغة".
ويضيف لبيب لـ "العين الإخبارية" أن استخدام السواك في التراث الإسلامي يعتبر "سُنّة" وعمل متواتر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، اعتاد القيام به في حياته، وفق ما صح من أحاديث نبوية.
وأشار إلى أن الأحاديث الشريفة تضمنت دعوة الرسول للمسلمين باستخدام السواك؛ لأنه "مطهر للفم"، و"مرضاة للرب"، بحسب نص الحديث المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم".
أحد بائعي السواك، أحمد الصبيحي، يتحدث لـ "العين الإخبارية" عن تجارة السواك، وهو يفترش عيدانه وسط أحد الأسواق بمدينة عدن.
ويقول الشاب العشريني: "نجلب السواك من مناطق تواجد شجرة "الآراك"، في غرب محافظة لحج (جنوب البلاد)، والتي تنمو في الأودية وعلى مجاري السيول".
والآراك.. هي الشجرة المفضلة للسواك، وفي التراث الإسلامي ثمة أحاديث نبوية تشير إلى تفضيلها على ما دونها من الأشجار.
وأكد أحمد الصبيحي أن هذه العيدان هي عبارة عن جذور الشجر، ويقوم بائعو السواك بنبش التربة تحت تلك الأشجار، واستخراج العيدان وتنظيفها وتقليمها وتجهيزها للبيع.
فرصة عمل
ويشير بائع السواك إلى أن سعره في متناول الجميع، الصغار قبل الكبار، حيث لا يزيد سعر عود السواك الواحد، بطول بضعة سنتيمرات، عن مائة ريال يمني فقط.
"ويحظى السواك بإقبال كبير من قبل الصغار والكبار، خاصةً في شهر رمضان المبارك، باعتباره سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يعمل السواك مقام المعجون في تنظيف الفم والأسنان خلال فترة الصيام في نهار رمضان"، يقول أحمد الصبيحي.
ويضيف: "يزيد بيع السواك خلال الشهر، كما يكثر بائعوه بشكل كبير؛ نتيجة الفوائد المادية التي يجنوها من هذه التجارة".
ويكشف الصبيحي عن الفوائد المالية من بيع السواك لكل "كيس" كامل من السواك، حيث تتراوح أرباحه الخالصة ما بين 4 - 5 آلاف ريال يمني، من وراء كل كيس يقوم ببيعه، وهو مبلغ يعادل (6 - 7 دولارات أمريكية).
الناشط المجتمعي والشبابي، أيمن العديني يؤكد أن بيع السواك لا يقتصر على عتبات المساجد والجوامع، ولكن الباعة ينتشرون حتى في الأسواق العامة والشعبية، التي تزدحم خلال شهر رمضان، ما يمثل فرصة أمام بائعي هذه العيدان.
ويقول العديني لـ "العين الإخبارية": "بالنسبة للشباب اليمني القادم من الأرياف المحيطة بمدينة عدن، تمثل تجارة السواك مجالاً متاحًا أمامهم لطلب الرزق، في ظل تضييق فرص العمل؛ نتيجة استمرار حرب المليشيات الحوثية على اليمن واليمنيين".
حيث خلفت الحرب أوضاعًا معيشية صعبة، فاقمت أعداد الشباب العاطل عن العمل، ونشرت البطالة على نطاق واسع، بحسب أيمن العديني.
ويؤكد أن الشباب اليمنيون يلجأون إلى مثل هذه الأعمال لتوفير دخل مادي يعينهم على أوضاع الحرب وظروفها الاقتصادية الصعبة.