لوحات بديعة من رحم النفايات.. فنانو اليمن يتحدون واقعهم (صور)
لم يستسلم أبناء اليمن للخراب والتدمير الذي أحدثته آلة الحرب الحوثية فشكّلوا من بقايا المخلفات لوحات فنيّة بديعة.
نحّت الفنانون معالم عدنية و"سفينة نجاة" ولوحات عدة منها لـ"أم كلثوم"، و"مهاتما غاندي" من بقايا البلاستيك والكراتين وأقراص CD وأخشاب وجرائد وعلب السجائر الفارغة والملابس ومواد مخلفات مختلفة.
واستغرق نحو 30 تشكيلياً وتشكيلية أكثر من شهرين في صقل إبداعهم في رسم أكثر من 50 لوحة فنيّة خارجة عن المألوف لتكون صديقة للبيئة ولتعكس في الوقت ذاته ظروفهم المادية وقلة الإمكانيات.
وقال الفنانون إن الواقع الصعب إثر حرب الحوثي التي تضرب بلدهم دفعهم للتفكير خارج عن الصندوق لإكساب المخلفات منظوراً جمالياً ذي قيمة، وذلك بعد أيام من معرض أقاموه في مدينة عدن واستمر يومين فقط تحت اسم "ماهيات".
وترى التشكيلية اليمنية صالحة جمال أن فكرة إعادة تدوير النفايات إلى لوحات فنية كانت "محببة وسعينا لتطويرها إلى رسومات وأشياء ذات حسن وجمال".
وأوضحت لـ"العين الإخبارية" أن الدافع وراء نحت اللوحات الصديقة للبيئة أنها رُسِمت وصُنِعت "باستخدام البدائل الموجودة التي استطعنا توفيرها".
وأضافت: "الغلاء رفع أسعار مواد الفنانين وأصبحت بالعملة الصعبة ويتم شرائها من خارج اليمن وكانت فكرتنا أن نستمر في الإبداع وعدم التوقف"، وأن أي بدائل لن تخذل موهبتك وإبداعك.
الفن يتلاشى
ويرى الفنان التشكيلي اليمني محمد رياض جوبح أنه وزملاءه حاولوا تجسيد الواقع الصعب من المواد البسيطة التي لا تحتاج لأدوات الرسم التقليدية بهدف عكس معاناة الفنانين وأن غلاء الأسعار فاقم ظروفهم المادية ولا قدرة لديهم لتوفير أبسط أدوات الرسم.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "فكرنا أن نوصل رسالتنا بعنوان (الفن يتلاشى) وباستخدام البلاستيك والثياب والكراتين حولنا المخلفات إلى قيمة جميلة تجذب الأنظار بعد أن كان منظرها سيئاً".
وأشار إلى أنه شارك في معارض عدة غير أن "ماهيات" "عكس معاناتنا ومنحنا فرصة في صقل الحس الإبداعي.
ونصح التشكيلي اليمني كل الفنانين بأن خوض تجربة جديدة كهذه تكسر قيود الماديات وتتطلب في البداية وضع "خطة مسبقة للوحة النهائية حتى لا يضيع الوقت في شيء بلا قيمة".
كما حث الجهات اليمنية والدولية المعنية بدعم الفن في زمن الحرب ودعم الفنانين في عدن واليمن عامة حتى لا يتلاشى، كون الفن له دور بارز في صناعة السلام وصناعة الأجيال الواعية.
رسالة حية
"أوصلت اللوحات الفنية رسائل عن السلام والأمان والضغوطات التي تواجه الفنانين التشكيليين"، وفق ريام بدر، المسؤولة الإعلامية للمعرض التشكيلي "ماهيات" الذي اختتم يوم 18 يونيو/حزيران الجاري.
وتحدثت بدر لـ"العين الإخبارية" عن صعوبات الإعداد للمعرض وخوض تجربة إعادة تدوير مواد مستهلكة والتي تعد أصعب من الرسم على الأوراق أو الجدران أو غيره.
وأشارت إلى أن العمل بدأ قبل شهر رمضان الماضي و"استغرقنا وقتاً طويلاً لولادة هذه الرسومات في نهاية المطاف، ونأمل أن تبقى رسائلها حية حيثما تحضر".
ويعد معرض "ماهيات" للفنون التشكيلية هو الأول من نوعه على مستوى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
وبحسب ندى صلاح، مديرة المشاريع في معرض "ماهيات"، فإن المعرض "استهدف استخدام أكثر من حقيقة للشيء الواحد، وماهيات تعني الأجور المادية".
وأوضحت أن "الفكرة ولدت عندما كنا نسعى لإقامة أعمال فنية كبيرة وحاولنا الحصول على الدعم لكن لم يبادر أحد فقررنا نقيم (ماهيات) ليجسد معاناتنا ويبرز قدرة الفن على تغيير واقع البلد بيئياً ومخلفات الحرب".
وأضافت لـ"العين الإخبارية" أنه "بسبب شح الدعم للأعمال الفنية ونقص الوعي بأهمية الفن، قررنا نصنع من أبسط الإمكانيات أعمال فنية إبداعية وتحويل المخلفات إلى صورة أكثر جمالاً وإشراقاً".
ولفت إلى أن الفنانين استخدموا في لوحاتهم "كراتين، مواد حافظة للأكل، سجائر، أخشاب، جرائد، أقراص سيديهات، ومواد مخلفات متنوعة".
وأوصل الفنانون اليمنيون رسالة مفادها "أن كل إنسان قادر على فعل كل شيء وليس في طريقه أي مستحيل ومن أبسط الإمكانيات يستطيع صناعة ما لم يتوقعه أحد، فقط امتلك الإرادة والعزيمة وغيّر واقعك بيدك"، وفقاً للفنانة التشكيلية ندى صالح.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA== جزيرة ام اند امز