سياسي يمني يحصي لـ"العين الإخبارية" ثمار مشاورات الرياض
أحدثت المشاورات اليمنية في الرياض نقلة نوعية في المشهد السياسي لهذا البلد للمرة الأولى منذ أعوام.
ففي أول ثمار للمشاورات التي تجري تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، دفعت جهود الأمم المتحدة إلى الأمام بتحقيق هدنة إنسانية لم تكن تقبل بها مليشيات الحوثي ومن ورائها النظام الإيراني إلا بعد استشعارها خطر توحيد الصف اليمني المناهض لمشروع ولاية الفقيه.
وفتحت مشاورات الرياض التي انطلقت، الأربعاء الماضي، نافذة أمل في جدار حرب حوثية دخلت عامها الثامن لتمنح فرقاء اليمن وقواها فرصة إذابة جليد خلافاتهم وتصويب مسار المعركة المقبلة للسلم أو للحرب في حال استمر الانقلابيون برفض مساعي السلام.
وبحسب عضو المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في مشاورات الرياض يحيى العابد، فإن مليشيات الحوثي عندما رأت توحد كل الفرقاء من خصومها بهذه المشاورات لإزاحة مشروعها الظلامي الإيراني، ذهبت للموافقة على الهدنة رغم أنها ليست وليدة اللحظة، وسبق وطرحتها السعودية في مارس 2021 وبآفاق رحبة.
ويضيف العابد لـ"العين الإخبارية"، أن المليشيات الحوثية كانت تصر على التعنت، لكن مشاورات الرياض جعلتها ترضخ في النهاية في اتجاه قبول هدنة إنسانية، على أن تسعى لاحقا لاستثمارها لصالح أهدافها الخبيثة وتحويلها نسخة أخرى من "اتفاق ستوكهولم" المتعثر حتى اليوم.
في هذا الحوار يحصي السياسي اليمني ثمار مشاورات الرياض وكيف ينخرط الفرقاء السياسيون في رسم خارطة إنقاذ للسلم أو للحرب على خطى قطع الحبل السري للحوثيين ومشروع إيران في البلاد.. فإلى نص الحوار..
* مشاورات اليمن في الرياض، كيف تجري وأين تمضي؟
تجري المشاورات اليمنية التي تبناها مجلس التعاون الخليجي بوتيرة عالية نحو رسم تطلعات الشعب اليمني.
وسبق انطلاق هذه الحدث السياسي الكبير، حضور أكثر من 100 إعلامي منهم مستقلون وبعضهم يمثلون مختلف الاتجاهات السياسية، حيث شكل حضورهم رأي عام استطاع إزالة العوائق والصعوبات، حتى أدى وسائل الإعلام اليمنية في صنع السلام وترتيب الصفوف نحو إيجاد سلام حقيقي، سلام الشجعان، سلام يوحد ولا يفرق، يبني ولا يهدم، سلام يمنح الأمن والاستقرار للبلد.
كما تشكلت نقاط رئيسية ومهمة منذ اليوم الأول من افتتاح المشاورات والتحدث فيها من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومبعوثي الأمم المتحدة وواشنطن والسويد.
* إلى أي مدى ينخرط المشاركون بمشاورات الرياض في بناء مخرجات فعالة لإنقاذ اليمن؟
يمضي الجميع نحو رسم رؤية خالصة للسلام، وهذا ما يعمل عليه كل المشاركين في مختلف الفرق في المشاورات، إذ ناقشت اليوم الأول شراكة مجلس التعاون الخليجي واليمن، أما اليوم الثاني فشهدت جلسات متزامنة توزع فيها المشاركون على المحاور الستة: السياسي، والاقتصادي والتنموي، والأمني مكافحة الإرهاب، والإغاثي والإنساني، والاجتماعي، والإعلامي.
ففي المحور السياسي تم بحث التحديات التي تواجه الوضع السياسي وقراءة شاملة لمشهد اليمن، وهناك توافق للقوى السياسية والفرقاء السياسيين سابقا في العمل على أداء دور هام في إيجاد مخرج حقيقي لإنقاذ اليمن.
وستمضي المباحثات، وفق أجندتها، بما فيه عقد جلسات متزامنة للبحث مع رئيس الوزراء اليمني وأعضاء حكومة الكفاءات للحديث عن التحديات والحلول المقترحة.
* كيف هدمت مشاورات الرياض حواجز القطيعة بين الأطراف اليمنية؟
حقيقة، واجهت اليمن طيلة الـ8 أعوام من عمر الانقلاب الحوثي إشكالات عدة، ساهمت المليشيات كثيرا في تغذيتها قبل أن تفتح هذه المشاورات نافذة للأمل في جدار الحرب، بحثا عن صناعة تحول جديد في البلاد.
وهناك توجه حقيقي لصنع السلام وللخروج بحل حقيقي وفعلي رغم حملة الكيد التي تستهدف المتشاورين عبر أطراف لا تجيد إلا الإساءة والتجريح دون وعي وإدراك بأهمية هذه المشاورات للخروج من المأزق.
ولم تكن الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة إلا أحد نتائج مشاورات الرياض، إذ إن مليشيات الحوثي رأت كل الفرقاء من مناهضيها يتفقون أخيراً من أجل إزاحة مشروعها الظلامي الإيراني الفارسي فسارعت نحو الموافقة على هدنة ليست وليدة اللحظة، وسبق وقدمتها السعودية في مارس 2021 وبآفاق أكثر رحابة ولكن إصرار المليشيات الحوثية على التعنت جعلها ترضخ في النهاية في اتجاه القبول في الهدنة.
نقطة أخرى فاصلة في مشاورات الرياض، حيث إن جميع القوى حاضرة هنا وبقوة في المشاركة أبرزها المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة العميد الركن طارق صالح والمجلس الانتقالي بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي، وهناك نوايا حقيقية -وإذ ما صدقت هذه النوايا وخلصت- إلى وأد القطيعة التي كانت تغذي بقاء الحوثي.
إن الجميع هنا بات يدرك أن توحد القوى والفرقاء السياسيين المناهضين للمشروع الإيراني يقطع الحبل السري للحوثيين بالسلم أو الحرب ورجال اليمن لها.
* هل بحثتم في مشاورات الرياض المحور العسكري؟
نحن نعتقد أن المحور العسكري يتصل على نحو رئيس في الإجماع اليمني، فهو النقطة الحاسمة والفاصلة والمرجعية الأخيرة للشعب اليمني في مواجهة المشروع الحوثي، وإذا تحقق الإجماع فسوف تكون مليشيات الحوثي أمام خيارين إما السلم وإما الحرب، وبالطبع سوف تكون الجبهات أكثر قدرة وفاعلية على تغير المعادلة.
لقد كانت 8 أعوام كفيلة في تقييم وضعنا اليمني، وكفيلة في أن نترك فرصة لعقول اليمن أن تجتمع وتضع الحزبية جانبا وترفع اسم اليمن عاليا للوصول إلى نتيجة إيجابية، نحو شرعية أكثر صلاحية وإصلاحا مما كانت عليه، نحو جيش أكثر احترافية ووطنية وليس تربويين ومدرسين.
ففي وقت قياسي، استطاعت مشاورات الرياض رص الصفوف بالفعل، وكان لتواجد وحضور ولقاء الفرقاء أثره الإيجابي، ونأمل الوصول إلى نتائج مبنية على قرارات حازمة تضع لكل المراحل خططها، سلما أو حربا.
* لماذا برأيك غاب الحوثي عن مشاورات الرياض؟
غابت مليشيات الحوثي لأنها لا تريد السلام وهي تتغذى من الحرب، وتشيد مجدها من أشلاء اليمنيين، ومن الحرب تهدد مصالح العالم باعتبارها مجرد أداة إيرانية تستهدف تمرير مشروع ولاية الفقيه في المنطقة ولكن عليها أن تدرك جيدا أن اليمن سيظل عربيا وشعبه حريص على عروبته وعلى أمن كل الدول العربية من خلال موقعنا الجغرافي، وهذا عهدنا منذ الأزل.
أمامنا في مشاورات الرياض فرصة لاستعادة مجد اليمن وموقعه وموقفه من خلال وأد هذه المليشيات الإجرامية التي يجمع عليها اليمنيون والعالم أنها جماعة نازية وعنصرية وإرهابية ودموية.
كان الأحرى بمليشيات الحوثي لو أنها فعلا تريد السلام الحضور كمكون يمني كالمكونات الأخرى وتوفير بيئة آمنة للحوار، ولكن يبدو أن التوجيهات الإيرانية منعتها من المشاركة، وبالطبع يظل باب الحوار مرحب، وإن رفضت هناك إجماع وطني اليوم لإجهاض مشروعها كأحد مخرجات مشاورات الرياض.
* كيف استقبلتم إعلان الهدنة الأممية مع مليشيات الحوثي وأنتم منخرطون في المشاورات؟
نحن لدينا ملاحظات على الإجراءات الإنسانية لهذه الهدنة، إذ إن اليمنيين يبحثون عن سلام حقيقي، وعن حلول متكاملة، وعن مرتبات نهبها الحوثيون، وعما يسد رمق جوع أطفالهم، وعن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الخروج من ظلام الحرب إلى نور حياة الكرمة.
ويعتقد السياسيون هنا أن الشرعية كان يفترض أن تكون ذا عزم أقوى، وألا تنصاع لأي ضغوط خارجية تقود لتكرار مشهد آخر من اتفاق ستكهولم لأن مليشيات الحوثي لا عهد لها ولا ذمة، وتستغل الاتفاقات لتحقيق مصالحها.
فمثلا، في اتفاق ستوكهولم أخذ الحوثيون ما يحقق أهدافهم وتركوا بقية جوانب الاتفاق، ونحن نخشى أن يستغلوا اتفاق الهدنة الجديدة لتحقيق اشتراطاتهم والتنصل عن التعهدات الإنسانية، ولهذا نحن نتمسك بإطلاق الأسرى وفق مبدأ الكل مقابل الكل، ووقف شامل لإطلاق النار وصرف المرتبات، وأن يقبل الحوثي بحوار يمني يمني لا ذيلا تابعا لإيران.
* هل آثرت الهدنة الأممية على موقف المتشاورين في الرياض؟
أن إعلان الهدنة جاء بعيد شعور مليشيات الحوثي أنها تعرت أمام العالم كجماعة إرهابية تعرقل السلام كان آخرها رفض دعوة مجلس التعاون الخليجي، أنها تعيش في مأزق، أبرز ذلك حديثها في منابر مساجد صنعاء عن ولاية الفقيه ومآل آل البيت ومصير عبدالملك الحوثي.
وظل موقف المتشاورين وبرنامجهم العملي من إعلان الهدنة ولم يتأثر، لأن المشاورات عناوينها وآلياتها واضحة وسوف تكون مخرجاتها ملزمة، سواء كانت هدنة أم غير هدنة وسيكون لليمنيين في نهاية المطاف كلمة الفصل من أجل استعادة وطنهم المختطف لدى عصابة الإجرام.
كما أن هناك مساعي خارج مشاورات الرياض سوف ترغم مليشيات الحوثي للسلام، كان ذلك من أجل اليمن أو هي الحرب وعلى الحوثي أن ينتظر مصير الجحيم في حال استمر في الغي والتعنت.
aXA6IDMuMTQuMjQ5LjEwNCA= جزيرة ام اند امز