"حصار العبدية" بمأرب.. القتل الحوثي البطيء لليمنيين
آلاف الأسر اليمنية تحت حصار مطبق تفرضه المليشيات الحوثية منذ أسبوعين، على مديرية العبدية بمأرب، وسط صمت دولي مريب، رغم صيحات الحقوقيين.
الحصار الحوثي الذي يدخل أسبوعه الثالث؛ أكدت تقارير حقوقية أنه ينذر بكارثة إنسانية، ويفاقم الأوضاع المأساوية التي تعيشها المنطقة إثر هجمات الانقلابيين، لكن ما يهم المليشيات هو إسقاط العبدية في إطار حربهم الإجرامية ضد محافظة مأرب، ومحاولات السيطرة عليها.
وفي هذا الشأن، قالت الناشطة الحقوقية اليمنية، انتصار القاضي: إن الحياة مرعبة والوضع الإنساني في العبدية "سيئ جدا"؛ بسبب حصار الحوثيين، الذين منعوا الناس من التنقل للحصول على المواد الغذائية والأدوية.
وأضافت القاضي في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن كل مناطق ومنافذ العبدية أصبحت مقطوعة، ولا توجد أية خطوط أو منافذ توصلها بالمناطق التي تقع تحت سلطة الحكومة اليمنية.
ورأت الناشطة الحقوقية أن الحوثيين يهدفون من هذا الحصار إلى استثارة غضب مواطني العبدية، لتوليد ضغط من المدنيين على مقاتلي القوات الحكومية للانسحاب وتسليم المديرية للمليشيات الانقلابية.
مؤكدة أن هذا أحد أهداف استخدام الحوثيين للحصار، وتوظيفه لأغراض عسكرية وحربية، غير آبهين بالجوانب الإنسانية.
العالم في صمت
ولفتت الناشطة اليمنية إلى أن "المشكلة تكمن في عدم وجود اهتمام دولي بمصير 3 آلاف أسرة محاصرة في مديرية العبدية، يرزحون تحت الحصار، وكأن الأمر لا يعنيهم وغير مهم، بالنسبة لهم".
وأكدت أن "هناك لامبالاة دولية بهذه المعاناة، رغم أن مواطني العبدية يموتون جوعا، وهذا ما يؤكد أن العالم يتعامل بمكيالين ولديه معايير مختلفة للإنسانية، حيث ينظر المجتمع الدولي للانتهاكات نظرة تفاوت، فيدينها في مناطق، ويغض الطرف عنها في أخرى، كما يفعل الآن مع انتهاكات الحوثيين".
الناشطة انتصار القاضي اعتبرت الحوثيين بأنهم "بلا إنسانية، ويضربون بالمبادئ الحقوقية عرض الحائط؛ لأنهم لا يفهمونها أصلا، ولا يؤمنون بها أو بهؤلاء البشر، فقط يهتمون بالسيطرة على المدن".
منوهة إلى أن "الحوثيين يتماهون في انتهاكاتهم؛ لأنهم يدركون أن لا أحد سيعاقبهم أو يحاسبهم، فيمارسون جرائمهم بكل أريحية...لهذا لا شيء قد يمنعهم من استخدام الحصار وقصف المنازل في حالة وجدوا مقاومة شديدة ورفضا شعبيا بدخول أي منطقة".
وأشارت إلى أن الحوثيين سبق أن مارسوا هذه الانتهاكات في الجوبة، التي نالت الكثير من صواريخ الحوثي البالستية، وصلت لمنازل السكان، كنوع من بث الرعب في نفوس المدنيين ومحاول إضعاف معنوياتهم، وإخضاعهم بالقوة.
التمادي الحوثي
ولفتت الحقوقية اليمنية إلى أن الحوثيين لا يأبهون بالتنديدات الدولية تجاه ممارساتهم، ولا يخشون أي استنكار رسمي.
ولفتت إلى أن الحوثيين أوقفوا هجمات مأرب حين تم تصنيفهم كجماعة إرهابية، لكن بمجرد التراجع عن هذا التصنيف أدركوا أن هناك ضوءا أخضر لممارسة الانتهاكات.
وجددت الناشطة اليمنية تأكيدها على وجود صمت دولي تجاه انتهاكات الحوثيين، معللةً ذلك بعدم اكتراث العالم بانتهاك حقوق الإنسان خارج بلدان معينة، ويغض الطرف عن منتهكي حقوق الإنسان كالحوثيين.
كشف تقرير حكومي صادر عن مكتب حقوق الإنسان في محافظة مأرب، عن وفاة 3 مدنيين في العبدية؛ جراء الحصار المطبق من قبل المليشيات، ومنعهم من الانتقال لمدينة مأرب للحصول على الرعاية الصحية.
وحذر التقرير المجتمع الدولي من حدوث أكبر كارثة إنسانية وإبادة جماعية لكافة سكان المديرية النائية، التي تفرض عليها المليشيات حصارا خانقا دون أي مبرر وأمام صمت دولي مريب.
وذكر التقرير أن المليشيات تمنع عن سكان المديرية البالغ عددهم 5300 أسرة تضم 35 ألف نسمة، إمدادات الغذاء والدواء والمياه، في حين أن المديرية خالية من أي معسكرات، ولا مخزون غذائيا ودوائيا ولا مشاريع مياه؛ ما دفع السكان للشرب من المياه الملوثة، ما سيؤدي لكارثة صحية.
إنقاذ الأطفال والمرضى
وناشد التقرير المجتمع الدولي إلى التسريع في إنقاذ حياة 2465 طفلا يعانون سوء التغذية الوخيم المنتشر بالمديرية، من أصل 9827 طفلا يعانون من سوء التغذية، إلى جانب رصد 3415 امرأة بحاجة للرعاية الطبية.
ووثق التقرير 23 حالة مصابة بالفشل الكلوي، و11 إصابة بالسرطان، وجميعها تحتاج لإمدادات دوائية ورعاية طبية في مراكز طبية لا تتوفر بالمديرية، وباتوا مهددين بالموت الحتمي في ظل الحصار ومنعهم من الحصول على الرعاية الطبية والإمدادات الدوائية.
موضحاً توثيق خطف وإخفاء مليشيات الحوثي لحوالي 3278 مدنيا من الطرقات أثناء محاولتهم الدخول أو الخروج للمديرية.
وكشف التقرير، رصد 2523 حالة استهداف لقرى المدنيين بالمديرية، من قبل عناصر الحوثي بمختلف الأسلحة الثقيلة، من صواريخ وقذائف مدفعية وغيرها، وتوثيق إصابة 135 مدنيا بإصابات جراء القصف، بينهم 31 امرأة و17 طفلا، وتضرر 18 مدرسة؛ ما أدى لتوقف التعليم، وحرمان 8392 طالبا من التعليم، وتدمير 442 سيارة ومركبة لمدنيين.
وأكد التقرير، أن المليشيات زرعت ونشرت الألغام الفردية في أطراف المديرية ومداخلها ومزارع المواطنين وفي آبار المياه، وبلغ ما تم رصده 4289 لغماً، وإصابة 262 مدنيا بالألغام المزروعة بينهم 32 امرأة، و26 طفلا.
وطالب التقرير المجتمع الدولي بإدراج الحوثيين في قوائم الجماعات الإرهابية، لاستمرارهم بارتكاب الجرائم، واستهداف المدنيين العزل بالصواريخ البالستية، وهي أعمال إرهابية تؤكد أن هذه المليشيات لا تؤمن بالسلام، ولن تتوقف عن جرائمها بحق اليمنيين، ولا تعير أي اهتمام للدعوات الدولية أو بيانات الإدانة.
aXA6IDMuMTQ0LjgyLjEyOCA= جزيرة ام اند امز