الدور الأممي وتجاهل جرائم الحوثي.. أكسجين حرب المليشيات
ينظر للدور الأممي باليمن على أنه أحد أسباب إطالة أمد الحرب؛ فعدم ممارسة ضغوط جدية شجع مليشيات الحوثي على ارتكاب فظاعات بحق اليمنيين.
معطيات كثيرة أوصلت اليمنيين إلى استنتاج محزن، وهو أن التراخي الأممي مع مليشيات الحوثي أسهم في إطالة الحرب وأتاح للمليشيات المدعومة إيرانيا، ممارسة الأعمال الإرهابية، وتهديد استقرار وأمن المنطقة.
- الردع ضرورة.. "التراخي الدولي" يغذي أطماع الحوثي
- أعضاء بالكونجرس يطالبون بإعادة تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية"
واستنادا إلى مسؤولين يمنيين عملوا عن قرب مع الأمم المتحدة للتوصل إلى سلام دائم في اليمن مع مليشيات الحوثي، فإن أداء الدولية يفتقر إلى الجدية، ولم يكن بالمستوى المطلوب كما حدث في اتفاق الحديدة.
فعدم فرض ضغوط كفيلة بإجبار مليشيات الحوثي على الرضوخ للسلام شجع المليشيات المرتبطة بإيران كثيرا في التملص من أي التزام يتم التحاور من أجله.
غياب الجدية
ويقول عضو فريق إعادة الانتشار في بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة اليمنية، العميد مدين قبيصي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" إن "الموقف الأممي غير الجدي والتخاذل هدفه إطالة أمد الحرب".
المسؤول اليمني لم يكتف بذلك، بل ذهب إلى حد اتهام الأمم المتحدة بدعم مليشيات الحوثي، والمحافظة على سلطتها، وإن لم يكن بالسلاح -حسب قوله- وإنما بتمديد الوقت الذي أتاح لها التوسع وإعادة التموضع والاستعداد من جديد لجولات قادمة من القتال.
العميد قبيصي الذي يستند في حديثه إلى التجربة التي قضاها ضمن البعثة الأممية منذ العام 2018، توصل إلى قناعة بأن الأمم المتحدة هي من تقدم الحماية لمليشيات الحوثي، ويرى أن منحها الوقت الكافي دون أي ضغوط حقيقية، أتاح لها إعادة نشر الإرهاب، خصوصا الألغام بشقيها البرية والبحرية.
ويخلص المسؤول العسكري أنه بعد ما شاهد من مواقف وصفت بعدم الجدية الواضحة للأمم المتحدة على سبيل ممارسة الضغط على الحوثي، لم يتبق أمام الجيش اليمني والتحالف العربي من خيار سوى الحسم العسكري للخلاص من مليشيات الحوثي.
لأن التطلع إلى خيار السلام -بحسب العميد قبيصي- في الوقت الذي تراوغ فيه مليشيات الحوثي من أجل إتاحة الفرصة في تهريب أكبر قدر من الأسلحة والصواريخ التي باتت تهدد الأمن الإقليمي، فضلا عن المخاطر التي أصبحت تهدد الممر المائي في اليمن، يبقى خيار الحسم هو الخيار الأنسب.
تلاعب أممي
لسنوات عدة غامر اليمنيون في إقناع أنفسهم أن الأمم المتحدة يمكنها أن تنقذهم من إرهاب الحوثي على الرغم من معرفتهم المسبقة أنهم قد يخسرون بلادهم لصالح إيران، جراء تلك الثقة.
فخلال السنوات العشرين الماضية لم نجد تدخلا أمميا أفضى إلى حل النزاع بل إنه أسهم في إطالته لأسباب كثيرة أحدها مالية، بحسب الصحفي اليمني نجم المريري.
المريري الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" يقول إن "الدخول في مباحثات مع الأمم المتحدة حول الأزمة القائمة إلى مغامرة؛ لأن المنظمة الدولية تطيل مسألة حل النزاعات، وبالنسبة إلى حركة إرهابية كمليشيات الحوثي فإنها تحسن استغلالها بما لديها من مراوغات وتكتيكات خطيرة، في كسب الوقت، واستغلت ذلك بما مكنها من التنصل من أي التزامات".
"شاهدنا ذلك جميعا".. يقول المريري مستذكرا الدور الضعيف للأمم المتحدة من اتفاق ستوكهولم الذي وقعته الحكومة الشرعية مع مليشيات الحوثي قبل ثلاثة أعوام، ويتساءل هل كانت هناك أي ضغوط أو تحميل مليشيات الحوثي مسؤولية فشل الاتفاق، يجيب قائلا: "بالطبع لا".
ويرى المريري أن "هناك انسجاما على ما يبدو بين الأمم المتحدة ومليشيات الحوثي، رغم أن المليشيات المدعومة إيرانيا توجه رسائل إهانة للمؤسسات التابعة للمنظمة الدولية، كمصادرة مواد الإغاثة، واحتجاز موظفين تابعين لها".
اعتراف
وفي أواخر عام 2020، أقرت نائبة رئيس البعثة الأممية لتنفيذ اتفاق الحديدة في اليمن، دانييلا كروسلاك، خلال زيارتها ضحايا جرائم الحوثي جنوب الحديدة، أن "الأمم المتحدة مهمتها تقريب وجهات النظر بين اليمنيين، ولم تشر إلى استخدام أي وسيلة لدفع مليشيات الحوثي بالتوقف عن ممارسة الجرائم الإرهابية بحق المدنيين".
ورغم تأثرها الواضح لما شاهدته من مآسي مروعة ارتكبتها مليشيات الحوثي بحق المدنيين وغالبيتهم من الأطفال، إلا أن موقفها المماثل لموقف المنظمة الدولية، لم يتح للضحايا الحصول على آمال في محاسبة المجرمين الحوثيين، بتهم ارتكاب جرائم حرب.
لذا استمر صمت الأمم المتحدة، ومعها استمرت جرائم مليشيات الحوثي بحق المدنيين، ورغم تلك المواقف المتخاذلة إلا أنه في النهاية سيحصل اليمنيون على الدولة التي ينشدونها.