اليمن في اختبار إعادة الحسابات.. ميادين القتال أم مائدة التفاوض؟
بينما تتصاعد حدة الهجمات الحوثية، تقف الحكومة الشرعية في اليمن أمام خياراتها لتعيد الحسابات بين ميادين القتال ومائدة التفاوض.
ومع ارتفاع التهديدات العسكرية للحوثيين، دعا رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية لاستعادة زخم المعركة، فيما أكد خبراء ضرورة تفعيل الخيار العسكري كضرورة لكبح جماح قوة السلاح التي تلوح بها المليشيات لمناهضيها.
وظلت الحكومة اليمنية ملتزمة بما توصلت إليه من تفاهمات السلام التي جرت برعاية أممية في ستوكهولم عام 2018، وتمسكت بمواقعها وردت مئات الهجمات الحوثية على خطوط التماس.
لكن الحوثيين المدعومين إيرانيا لم يعد يردعهم الشجب الدولي، وأصبحوا خصوصا بعيد اختراقاتهم في جبهات البيضاء وشبوة ومأرب مؤخرا، أكثر اندفاعا نحو إحراز مزيد المكاسب على الأرض سيما نحو تلك المحافظات الغنية بالنفط والغاز لتمويل حربهم.
وبالتزامن مع رفع وتيرة الهجوم البري، تكثف مليشيات الحوثي اتصالاتها الهاتفية مع شيوخ القبائل ووجاهات اجتماعية والشخصيات الفاعلة في المناطق اليمنية المحررة وذلك لتحيدهم بعيدا عن جبهات القتال.
وشملت هذه الاتصالات شخصيات بارزة في "تعز"، و"مأرب"، و"شبوة"، و"أبين"، و"الضالع"، و"لحج"، و"الساحل الغربي لليمن" التي تنظر لها المليشيات الحوثية كأهداف استراتيجية قادمة، بحسب مصادر أمنية خاصة لـ"العين الإخبارية".
وأوضحت المصادر أن المليشيات الانقلابية منذ توعد زعيمها باجتياح جنوب اليمن باتت تسابق الزمن للسيطرة على مأرب لولا المقاومة المستميتة من قبائلها التي تعوق مخططها، حيث يسعى الحوثيون لنقل الهجوم لجبهات أخرى كتعز ولحج وأبين وشبوة والساحل الغربي.
المصادر أكدت مضي مليشيات الحوثي في الخيار العسكري بتشجيع وإدارة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي بزعم الحرب على القاعدة وداعش وتستغل التراخي الدولي لتضع يدها على حقول النفط.
واتهم سياسيون وعسكريون تنظيم الإخوان بالتواطؤ مع الحوثيين للنيل من شركائهم التقليدين في المعركة، مشددين على ضرورة ضبط بوصلة الحرب وإجراء المراجعة السريعة وتوحيد القوى على الأرض.
قوة وهمية
ومنذ مطلع العام الجاري، تركزت المعارك في مسرح عمليات جبهات مأرب، فيما سادت حالة الجمود ومعارك الكر والفر أكثر من 50 جبهة أخرى، ما دفع الحوثيون لحشد كل طاقتهم صوب المحافظة النفطية.
ويُعزى ذلك، وفقا للمحلل السياسي، عمار علي، إلى هيمنة الإخوان على القرار العسكري داخليا الذي كان من نتائجه صناعة قوة وهمية بمعدل 70% ونصبت فيما تبقى عناصر إخوانية مدنية لا علاقة بها بالمجال العسكري أو قيادات عسكرية فاسدة موالية لها.
وحمل المحلل اليمني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، مسؤولية الانتكاسات وانهيار الجبهات وسقوط مديريات لتنظيم الإخوان الإرهابي، فضلا عن محاربة القيادات العسكرية الوطنية وحرف بوصلة المعركة الأساسية ضد مليشيات الحوثي إلى معارك جانبية تعادي دول التحالف.
من جانبه، يعتقد رئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى أن تضخيم الحديث عن جمود جبهات القتال ضد مليشيات الحوثي يصرف النظر عن القضية الرئيسية المتعلقة بتحرير صنعاء والتي تعد من الناحية السياسية والعسكرية معركة استراتيجية ومركزية وبتحريرها ينتهي الانقلاب في كل مكان دون قتال.
واستبعد الباحث اليمني الخيار العسكري حاليا إثر ما وصفه بـ"التآمر الإخواني بتسليم نهم والجوف والبيضاء وبيحان للحوثيين" فضلا عن "إدارة الإخوان على جبهات صعدة وحجة وتعز والتي تسببت بانتكاسات كرد فعل عسكري على اتفاق الرياض".
كما تسببت المؤامرة "بإبقاء القوات الجنوبية في الضالع ولحج في حالة الدفاع مخافة التوغل في أراض شمالية تزامنا مع التهديد الإخواني - الحوثي باتجاه الجنوب"، وفقا لمصطفى في تصريحات لـ"العين الإخبارية".
ويشدد على ضرورة ضبط بوصلة الحرب وإجراء مراجعة سريعة وشاملة ومحاسبة قاسية للمتسببين بهذه الانتكاسات وإجراء تغيير في أعلى هرم القيادة العسكرية.
الخيار العسكري ضرورة
في السياق، يعلق الخبير والمحلل العسكري الرائد وضاح العوبلي على دعوة رئيس الوزراء اليمني الموجهة للتحالف لاستعادة زخم المعركة ضد الحوثي، بأنها "ردة فعل على العمليات التصعيدية الحوثية المستمرة في جبهات مأرب".
كما هي إشارة "مفادها أن الحكومة اليمنية والتحالف يمضيان نحو السلام من طرف واحد فيما يعزز الحوثيون مكاسبهم العسكرية على الأرض باستمرار رافضين أي حلول سلمية"، حد تعبيره.
ويؤكد العوبلي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن العودة لتفعيل واعتماد الخيار العسكري بات ضرورة حتمية لمواجهة الصلف الحوثي المدعوم إيرانيا.
وانتقد الخبير اليمني ما وصفه بـ"التعاطي الحكومي الساذج مع دعوات السلام التي تطلقها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي"، مشيرا إلى الرد المشروع للدفاع أمام هجمات الحوثي لتحصين "حسن النوايا" من أي اختراقات حوثية.
وأعرب العوبلي عن أسفه من عجز الأطراف عن تشخيص مليشيات الحوثي كمشروع طائفي مليشياوي، "لا يمكن التعاطي معه وإخضاعه إلا بالقوة، مالم فسيظل خطره قائماً لو لم تتبقى بيده إلا بندقية واحدة"، حد قوله.
وأكد أن "مليشيات الحوثي تسعى لتطوير قدراتها بدعم إيراني باستمرار بدءا من الرشاش والمدفع إلى الدبابة والصاروخ والطيران المسير باعتباره مشروع حرب لا تعرف قواميسه السلام".
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xOTUg جزيرة ام اند امز