مخرج "10 أيام قبل الزفة" لـ"العين الإخبارية": رغم الظروف حصدنا الجوائز بفيلم عن عدن بعد الحرب
الفيلم اليمني "10 أيام قبل الزفة" يناقش تحديات ما بعد الحرب في مدينة عدن من خلال شاب وفتاة في طريقهما للزواج.
نجح المخرج اليمني الشاب عمرو جمال في إعادة بلاده من جديد إلى خريطة السينما العربيّة، إذ حصد فيلمه الأول "10 أيام قبل الزفة" عدداً من الجوائز؛ ليؤكد قدرة الشباب اليمني على الإبداع وتحدي الظروف الصعبة التي يعيشها حالياً.
وقال المخرج عمرو جمال، في حوارٍ مع "العين الإخبارية"، إنَّ فيلمه يطرح المشكلات التي تواجه مدينة عدن بعد الحرب من خلال شاب وفتاة في طريقهما للزواج، مؤكداً أنَّ هناك العديد من العقبات التي تواجه السينمائيين في اليمن خلال الوقت الراهن، وإلى نص الحوار:
بداية.. متى راودتك فكرة الفيلم؟
الفكرة تراودني منذ عام 2005، كنت قد انتهيت من مرحلة الثانوية العامة وانخرطت في فريق المسرح المدرسي بوزارة التربية والتعليم في مدينة عدن، وكانت أدوات المسرح متاحة نوعاً ما في بلد مزقته الحروب الأهلية، لذا أسسنا فرقة مسرحية وأجلنا فكرة تقديم الفيلم حتى تسمح الظروف، وقدمنا عرضاً مسرحياً في إحدى دور السينما القديمة في عدن عام 2005، وبدأ الجمهور يأتي للعرض ويتفاعل مع الفن بعد سنوات طويلة من الغياب عن حضور الفعاليات الثقافية، واستمرت تجربة تقديم عروض مسرحية حتى عام 2010، ووصل الحضور الجماهيري إلى قرابة 1000 مشاهد في العرض الواحد.
بعد ذلك، انتقلنا للعمل التلفزيوني، وبدأنا نتعامل مع الكاميرا والإضاءة والمونتاج والصوت وإدارة الوقت والاستديو ومواقع التصوير، واقتربنا خطوة من إنتاج محتوى أشبه بالإنتاج السينمائي، وفي عام 2011 تراجع نشاطنا المسرحي والتلفزيوني بسبب الأوضاع السياسية في ذلك الوقت، لكن استمرت تجربة العمل التلفزيوني حتى بدأت الحرب في عام 2015 وتوقف العمل المسرحي والتلفزيوني تماماً.
وفي لحظة يأس كنت أجلس مع صديقي محسن الخليفي وهو المنتج المنفذ للفيلم، وقال لي: "لماذا لا تعود لحلمك القديم وتعمل في السينما؟"، وبدأت أفكر في كلامه، وقلت لنفسي "لماذا لا أخاطر مثلما خاطرت في 2005 وأعدت مع زملائي إحياء المسرح في اليمن؟، فلو نجحنا سيكون هذا إنجازاً تاريخياً كبيراً في هذا الوقت الاستثنائي، وسنكون نموذجاً للشباب بأنه لا يوجد مستحيل"، ومن هنا بدأ التحدي الذي غاب عن حياتي منذ عام 2005، وبدأت وزملائي بالفعل في التحضر للفيلم.
كم من الوقت استغرق تحضير وتصوير الفيلم؟
بعدما اتخذنا القرار كان أول شيء أمامنا هو بدء الكتابة مباشرة، وكنا في البداية نريد كتابة الفكرة كمسلسل، لكننا فشلنا في كتابتها بهذه الصيغة، فقررنا أن تكون فيلماً، وعدّلنا النص، واستغرق العمل في السيناريو الذي كتبته مع مازن رفعت نحو 5 أشهر.
ثم قضى مازن شهرين في كتابة الحوار، وأثناء كتابة الحوار كنت أجري بروفات وأبحث عن ممولين للعمل، وانتهينا من التصوير خلال شهر بسبب ضعف الميزانية التي لم تتجاوز 30 ألف دولار جمعناها من بعض الرعاة، بينما التصوير مكلف جداً، فضلاً عن أننا سعينا للانتهاء من العمل في أسرع وقت بسبب الانفلات الأمني في مدينة عدن، فيما استغرق العمل في المونتاج شهرا بالكامل.
ما أبرز المهرجانات التي شارك فيها الفيلم؟
البداية كانت مع مهرجاني بونا وجيبور في الهند، وفاز الفيلم في مهرجان جيبور بجائزتين هما أفضل مكياج وأفضل ملابس وإكسسوارات، ثم شارك في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في مصر وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وهي أهم جائزة حصلنا عليها حتى الآن، كما حظي الفيلم بإعجاب الجمهور في مدينة أسوان.
وبعد ذلك، عُرض الفيلم في مهرجان سان دييجو للفيلم العربي في الولايات المتحدة الأمريكية، وفاز هناك بجائزة الجمهور، وتمَّ عرض الفيلم في عروض خاصة بمجموعة من أعرق الجامعات الأمريكية مثل هارفارد، بنسلفانيا وجورج تاون.
كما عرض الفيلم في مقر الأمم المتحدة، كأول فيلم يمني ينال هذه الفرصة المهمة، وبعد ذلك شارك الفيلم في مهرجان كازان للسينما الإسلامية في روسيا، وفي الفترة المقبلة سيشارك بمهرجانات في كوريا الجنوبية والأردن، وعرض الفيلم تجارياً لمدة 3 أسابيع في الإمارات.
وكيف استقبله الجمهور الإماراتي؟
أعتقد أن الفيلم حظي بنجاح جيّد خصوصاً أنَّه عرض في البداية بمعظم دور العرض في الإمارات، ثم انحصرت عروضه بعد ذلك في أبوظبي ودبي، ولكن استمر عرضه لمدة 3 أسابيع وهذا يدل على أن هناك قبولا مبدئيا للفيلم اليمني.
وبالتأكيد أغلب من حضروا الفيلم في الإمارات كانوا من الجالية اليمنية، خصوصاً أنَّ الجالية اليمنية كبيرة هناك، ولكن كانت هناك تعليقات كثيرة على الفيلم عبر "تويتر" و"فيسبوك" من جانب الإماراتيين وكانوا ينصحون الناس بمشاهدته.
هل عُرِض "10 أيام قبل الزفة" في اليمن؟
عُرِض في مدينة عدن فقط، فنحن لم نستطع عرضه خارجها لأن بقيّة المدن تحت وطأة الحرب، لدرجة أننا استأجرنا قاعات الأفراح لعرض الفيلم فيها، لأن صالات السينما تمَّ تدميرها، ورغم أن عدن غارقة في مشكلات ما بعد الحرب، إلا أن الفيلم حقق نجاحاً كبيراً عند عرضه.
النجاح الجماهيري يعود لتعطش الجمهور اليمني للسينما أم لأسباب أخرى؟
بالتأكيد، الجمهور متعطش للسينما، لكن العمل أيضاً عبَّر عن الواقع الذي يعيشه اليمنيون، فالناس من جميع المحافظات كانوا أثناء زياراتهم لمدينة عدن يأتون لمشاهدة الفيلم وكانوا يتفاعلون معه بشكل رائع؛ لأن الموضوعات التي طرحها تمس كل الناس.
الأفلام تعبِّر غالباً عن مأساة الحرب نفسها لكن نادراً ما نجد أفلاماً تعتني بتحديات ما بعد الحرب، ونحن ناقشنا هذه الأمور في الفيلم بشكل رومانسي وكوميدي ساخر، والأهم أننا منحنا المشاهد بصيص أمل بدلاً من عرض المشكلة فقط، إذ أردنا أن نقول للعالم إنَّ المجتمع اليمني مقاوم ويحاول أن يستمر في الحياة رغم الظروف الصعبة.