قبائل مأرب اليمنية.. "سد سبأ" بين كماشة الإخوان والحوثي
تقف قبائل مأرب اليمنية أو "سد سبأ" كما يحلو للبعض وصفها بين كماشة الإخوان الذين يسيطرون على حاضرتها ومليشيات الحوثي التي تحاصرها من أريافها و3 جهات.
ويسعى الإخوان والحوثيون على حد سواء لاستنزاف قبائل مأرب في الجبهات، كما حدث مع قبائل مراد وجهم والجدعان وبني جبر التي سلم الإخوان مناطقها بخيانات مخزية للمليشيات فيما لا تزال قبيلة "عبيدة" حارس عرين سبأ تقاتل بصلابة ضد المليشيات الحوثية والإخوانية.
وخلافا عن مؤامرات الحوثي "البائسة" تعد مكائد إخوان اليمن ضد قبائل مأرب أشد وطأة بسبب ضرب القبائل ببعضها كما حدث بين قبيلتي "آل فجيح" و"آل راشد منيف" التابعتين لقبلية "عبيدة" الكبيرة مؤخرا.
ويمتد المخطط الإخواني ضد قبائل مأرب إلى اغتيال شيوخها كما تعرض له الشيخ مبارك بن طالب الأيام الماضية على يد أفراد ما يسمى "قوات أمن الطرقات" التابعة للإخوان وذلك على خلفية تشييد حاجز أمني ببلدة" مفرق حريب" ما فجر معارك عنيفة بين القبائل والشرطة.
ورغم محاولات الإخوان احتواء الموقف، إلا أن جميع المؤشرات توحي بنذر تصعيد ضد الوجود الإخواني لكن ما يعطلها حتى الآن هو القلق في صفوف القبائل من إمكانية استغلال الحوثيين للوضع للسيطرة على مدينة مأرب، وفق مصادر إعلامية.
سلوكيات إخوانية طائشة
ويرى مراقبون أن قبائل مأرب تستشعر أنها عالقة بين فكي الإخوان ومليشيات الحوثي حيث هناك علاقة تخادم بينهما واضحة، وهذا ما يجعلها تتأنى في أي خطوات تصعيدية.
وقالوا إن الفوضى الإخوانية وإشعالها للمعارك مع قبائل مأرب المعروفة بأنها آخر حائط صد في مواجهة الحوثيين في المحافظة النفطية يستهدف إسقاطها من الداخل لصالح المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
وذكر الأمين العام لمجلس شباب سبأ في اليمن خالد بقلان أن حزب الإصلاح، الذراع السياسية لإخوان اليمن، استغل سيطرته على الشرعية لفرض هيمنته ونفوذه الكلي على السلطة في مأرب بشكل خاص وذلك منذ فترة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.
وبحسب السياسي اليمني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، فإن إخوان اليمن رغم أعمالهم لم يستطيعوا إضعاف المكون القبلي في مأرب ولكنهم "استطاعوا بحكم نفوذهم في السلطة أن يستقطبوا بعض الرموز الاجتماعية مقابل مناصب أو اعتمادات أو منح على هيئة بضعة لترات بترول تُصرف بشكل شهري تحت مسمى محطات وهمية".
كما استغل حزب الإصلاح الإخواني "التهديد المتمثل في مليشيات الحوثي ووظف كل ذلك في تصنيف كل من يحاول رفض هيمنة حزب الإصلاح أو مقاومة سلوكياته الطائشة وقد أسس منظومة أمنية في مأرب معظم أفرادها وقادتها ليسوا من أبناء مأرب ويتعاملون مع أبناء مأرب كخصوم"، وفقا لبقلان.
وأكد أن "المجتمع المأربي يحترم الشرعية ويدافع عنها ويرفض الحوثية ولذلك "يتقبل كل القرارات باسم الشرعية رغم أنها صادرة عن الإخوان وتخالف طموحاته وهناك من يداهن لكي لا يتم تصنيفه لأن الإخوان لديهم آلة إعلامية ضخمة تصور كل من يرفض هيمنتهم بمأرب أنه حوثي".
غنيمة مأرب
توصف مأرب بأنها آخر معاقل الحكومة المعترف بها شمال اليمن وتحوّلت إلى رقم صعب في المعادلة السياسية والاقتصادية والعسكرية في اليمن، نظرا لما تتمتع به من ثروات نفطية وتاريخية ولتماسك بنيتها القبلية وتقع شمال شرقي صنعاء، وتبعد عنها نحو 173 كيلومترا مربعا.
وتضم مأرب أكبر حقول تصدير الغاز (صافر) وهي مصدر الغاز المنزلي لكل البلاد، وفيها أكبر محطة غازية لتوليد الكهرباء، فيما بلغت طاقة مصفاة مأرب النفطي الإنتاجية 10,000 برميل يوميا.
وتبدو مأرب غنيمة كبيرة في نظر إخوان اليمن، وكنزاً ثمينا يجب الحفاظ عليه خصوصا بعد تضاعف ضرائبها إلى مستوى عال تجاوز الـ 200 بالمائة.
وبحسب أمين عام مجلس شباب سبأ، ومقره في مأرب فإن موارد المحافظة الكبيرة ليست فقط مبيعات غاز وما يتم تكريره يومياً في مصفاة مأرب كرقم معترف به 9 آلاف برميل بينما تؤكد المصادر أنه "يتم تكرير حوالي 20 ألف برميل بترول يومياً".
وأضاف: "هناك ضرائب إضافية لا يتم توريدها للبنك المركزي اليمني ومقره عدن ولكنه "يتم العبث بكل هذه الموارد من قبل سلطة مأرب لبناء رأس مال خاص في الجانب العقاري و الاستثمار في دول خارجية".
كما يستخدم الإخوان موارد مأرب في "شراء الولاءات وتكريس النفوذ والرشاوى التي تقدم لجهات في مستويات حكومية عليا من أجل التغاضي عن حالة التسيب وعدم توريد الموارد المركزية لفرع البنك أو لحساب الحكومة اليمنية".
وعن كيفية تحجيم نفوذ الإخوان، قال السياسي اليمني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إنه يمكن ذلك عبر دعم "أبناء مأرب في إنشاء رافعة سياسية تعبر عن المجتمع الذي قدم تضحيات كبيرة من أجل الدفاع عن شرعية التوافق والشراكة السياسية الفاعلة".
وأكد على "ضرورة صدور قرارات رئاسية تقضي بتعيين محافظ لمأرب توافقي ومدير أمن من أبناء مأرب الذين تتوفر فيهم شروط الوظيفة وكذلك قائد جديد لفرع قوات الأمن الخاصة وتشكيل لجنة رئاسية لحصر القوة الفعلية في الأمن بشكل عام وفرع الشرطة العسكرية والمنطقة الثالثة".
في الجانب المالي، شدد بقلان على ضرورة "التدقيق من خلال جهاز الرقابة والمحاسبة والكشف عن مصير الفوارق فيما يخص مبيعات الغاز المنزلي الذي كان يباع لمناطق سيطرة الحوثي ويتم تحويله إلى مأرب عبر صرافين ويذهب الفارق في الصرف لجيوب خاصة" يتبعون الإخوان.
وفي ختام تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، يؤكد بقلان أن "المجتمع المأربي وإن كان قبليا هو متقبل لفكرة الدولة ومؤمن بها ويحتاج لقرارات جادة تهدف لتحويل هذه المجتمعات لدولة من خلال ربطها بمصالح في إطار مؤسسات الأمن والجيش وحماية الطرق".