الحرب بقوت اليمنيين.. سياسة حوثية تهدد بموجة مجاعة
بات اليمن على أعتاب مجاعة محتملة إثر سياسة ممنهجة للحوثيين تستخدم قوت الضعفاء ورقة لابتزاز العالم.
وصعّدت مليشيا الحوثي من العنف لقمع السكان في المناطق التي تسيطر عليها، كما كثفت الهجمات البرية والجوية الدامية ضد سكان المحافظات المحررة لتأجيج الحرب، التي تهدد بجلب أسوأ مجاعة قد يشهدها العالم منذ عقود إلى هذا البلد الفقير، وفقا لأحدث تقديرات أممية.
وطيلة 6 سنوات من عمر الانقلاب تغامر مليشيا الحوثي بمواصلة حربها ضد ملايين اليمنيين، والإمعان في إفقارهم وابتزاز المنظمات الإغاثية، في مسعى لاستثمار التمويلات الإنسانية والمعونات كوقود لآلة القتل.
كما استهدفت مليشيا الحوثي دفع أكبر نسبة سكانية تستوطن المحافظات الخاضعة لسيطرتها شمالا إلى الفقر المدقع، ثم خلق أزمات معيشية لإنهاك الآلاف ممن يعيشون منذ إسقاط صنعاء أواخر 2014 بلا مرتبات، بينهم 135 ألف معلم.
ومؤخراً رفعت مليشيا الحوثي كلفة الحياة المعيشية في تجويع طال الغذاء والدواء عبر فرض إتاوات وجبايات كنفقات لأنشطتها الإرهابية، بلغت نسبتها أكثر من 50 ، وفقا لتقديرات رسمية.
وأعاد المجلس النرويجي للاجئين، الجمعة، مجددا دق جرس الإنذار لأسوأ مجاعة على مستوى العالم منذ عقود قد يشهدها اليمن، وذلك بعد نحو شهر من تحذيرات أممية بشأن أرقام مقلقة، مفادها أن أعداد الجوعى سوف تتضاعف 3 مرات تقريبا في النصف الأول من العام الجاري.
وذكر الأمين العام للمجلس النرويجي جان إيجلاند أن الوقود وقطع المرتبات وتصاعد العنف الحوثي يقوض الأمن والغذاء، ويدفع الملايين نحو مجاعة كارثية.
وأكد المسؤول الأممي في تدوينة على "تويتر" اطلعت عليها "العين الإخبارية"، أن أحدث توقعات الجوع في اليمن تشير إلى أن 2021 قد يجلب أسوأ مجاعة، لكنّ قادة العالم قادرون على منع الكارثة الناتجة عن الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي.
وفيما حذر إيجلاند من اقتراب نقطة الكارثة من اللاعودة، وأن عدد الجياع من المرجح أن يستمر في الارتفاع خلال الأشهر الـ6 المقبلة، نبه بأن أزمة الوقود الملحة وقطع المرتبات عن الأطباء والمعلمين وتصاعد وتيرة العنف في البلاد، تدفع اليمن نحو كارثة محققة.
وتتعمد مليشيا الحوثي إحداث المجاعة واستثمارها ضمن أوراق ضغط سياسية وعسكرية واقتصادية، وحرب العقاب الجماعي.
وفي الوقت الذي بات اليمن قاب قوسين من مجاعة محتملة مع تدهور العملة المحلية إلى مستويات قياسية، تتغاضى مليشيا الحوثي عن الاستجابة لمبادرات حكومية وأممية لتحييد الاقتصاد، وتسليم مرتبات نحو مليون موظف يمني.
والتزمت الحكومة اليمنية -التي شكلت وفقا لاتفاق الرياض- بوضع نظام الرعاية الاجتماعية وحتى نظام المرتبات ضمن برنامجها في العام الجديد تجاه المواطنين في المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي، منعا لوقوع أية مجاعة محتملة.
وتقول حكومة الكفاءات اليمنية إن دفع المرتبات في المناطق غير المحررة يصطدم بعراقيل لمليشيا الحوثي، أبرزها "اتخاذ إجراءات لخلق نوع من الانفصال المالي والنقدي"، وذلك عقب حظر تداول العملة المحلية المطبوعة حديثا شمال اليمن.
تجويع ممنهج
تعتبر الحرب بغذاء اليمنيين تكيتك مليشيا الحوثي الخبيث، لقمع المناهضين وفرض حصار وتجويع جماعي للسكان، خصوصا في المعارك التي تشنها لإخماد الانتفاضات القبلية.
واليومان الماضيان استخدمت مليشيا الحوثي سياسة الحصار والتجويع ضمن استراتيجية واسعة لتطويع قبائل بلدة "الحيمة" التابعة لمديرية التعزية شرقي محافظة تعز.
ولم تكتف المليشيا الحوثية باحتجاز الشيوخ وأخذ الأطفال رهائن والحصار القاسي، وعمدت لقصف البلدة وقطع الإنترنت وتنفيذ مجازر وحشية وبشعة خارج مرأى العالم، ووفقا لمصادر يمنية لـ"العين الإخبارية" فإنها منعت دخول الغذاء والدواء ضمن حرب بدوافع طائفية بحتة تعتمد الجوع والرعب.
وليست "الحيمة" إلا أحدث فصل حوثي للحصار والتجويع لإخضاعها واجتياحها، وهي تحاكي عديد مناطق تقع تحت سيطرة الانقلابيين، أهمها "حجور" التي ظلت شهرا كاملا تحت الجوع والحصار، وتلاها "القفر" و"العود" ثم العام الماضي قبائل "آل عواض" بالبيضاء.
ويعد حصار مدينة تعز المستمر منذ 6 أعوام أوسع ظاهرة لمصير حرب المجاعات الحوثية، حيث لا تزال منافذ المدينة خطا ملتهبا، فيما تخلد شوارعها حتى اليوم من قبيل"معبر الموت"، والتي خنق منه الحوثيون إمدادات الحياة لصناعة أكبر أعداد من الجياع.