د. محمد البشاري
كاتب رأي
كاتب رأي
بعد الإثباتات التي برهنتها حالة التدين من ضرورة وجودها، ونتاجاتها الإيجابية على الفرد والمجتمع، يظل هنالك سؤال ملح تتدافع محاوره بين طبيعة التدين، ومدى اقترابه من النفس البشرية النقية، بعيداً عن مؤثرات الكم التراثي المتناقل وما يحمله من معطيات.
تدعو كافة السياقات لإدارة الدفة نحو ذلك الوجه الحداثي الجديد الذي يتميز ببهائه منسجماً مع معطيات الزمن الجديد، والتغيرات التي طرأت على حياة الأفراد والمجتمعات، فهل يبقى للدين وحالة التدين حاجة في سياق سعي الإنسان للتخلص من عوالق القديم؟
قد يتوارد لأحد دارسي الفلسفة المتعمقة في الدين، أنها عملية عقلية استنباطية، تحليلية قائمة على العقل، الأمر الذي يشكل علامة استفهام تجدنا ونجدها في كل مضمار بحثي يتطلب الموضوعية والحياد.
انشغلت العديد من الجهات العلمية والبحثية المهمة في احتضان بذور الفلسفة الدينية، سعياً منها للوصول لثمار أكثر قرباً من الينع، في الموضوعات والزوايا الحرجة التي تتضمنها.
إن طرح الانعكاسات "الدينفلسفية" الماسة بعصب حياة الأفراد، يتمخض بصورة واضحة عن المهام الرئيسة التي تقوم على تنفيذها فلسفة الدين بدقة واجتهاد،
تحيط العديد من الإيضاحات حول المجالات كافةً، ما دام وجودها يبدو ظاهراً وذا أثر على سطح المجرة، إذ لا ينفك الإنسان يعيد ويزيد في محاولاته للوصول إلى أقصى فهم ممكن لكل منها.
تتداخل الأولويات في كثير من الأحيان عند الحديث عن الحاجات الملحة في المجتمعات الإنسانية، سيما أن التداعيات الحاصلة لا تنحصر ولا تنحسر على جانب دون الآخر، الأمر الذي يُبرز صبغتها الدينية، ويتمحور حولها بحلة أقرب ما تكون لـ"المركزية".
لم يقتصر الانتشار المفاهيمي لـ"اللا بُعد" على عالم التقنية وانبساط الوسائل الهينة السهلة، التي ذللت مصاعب التواصل والإنتاج البشري.. وبخاصة أن ذات المعطيات سمحت لانكشاف كل ما كان مستتراً فيما سبق، دافعةً بوعي جديد.
عند الحديث عن معظم القضايا الكبرى والمفصلية التي يترتب عليها بناء صورة مجتمعية، إنسانية وثقافية وتربوية وسياسية واقتصادية وسيكولوجية، من شأنها ولادة حضارة.