توتال في العراق.. محاولة جديدة للتحرر من غاز إيران
يحاول العراق يوماً بعد يوم تحرير محطات توليد الطاقة الكهربائية من غاز إيران باهظ الثمن، عبر توسيع رقعة استثماراته النفطية.
أحدث تلك المحاولات، كان توقيع اتفاق مبدئي مع شركة "توتال "الفرنسية.
ورغم أن العراق تأخر كثيراً في استثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط، إلا أنه يخطو مسرعاً منذ عامين لتحقيق إنجاز في هذا المجال.
- توتال تستثمر مليارات الدولارات في 4 مشاريع طاقة بالعراق
- مبادرة "توتال" الفرنسية لإنقاذ حقول النفط الليبية.. إليك التفاصيل
ويستورد العراق، الغاز من إيران لتشغيل محطات التوليد الكهربائية وسد النقص في الإنتاج المحلي بتكلفة تصل إلى نحو ملياري دولار سنويا.
ويهدر العراق ما قيمته 20 طنا من الغاز الطبيعي المصاحب للنفط، سنويا، حيث تصل خسائر البلاد بعمليات احتراق الغاز إلى 7.3 مليار دولار كل عام.
وأعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، عن تمديد إعفاء يسمح للعراق باستيراد غاز إيران لمدة 4 أشهر، لكنها شددت لاحقا على ضرورة سعي بغداد لإيجاد البديل.
عودة توتال
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة النفط عن توقيع مذكرة مبادئ مع شركة توتال الفرنسية التي غابت عن ميادين النفط والاستثمار بعنوانها الصريح عقوداً من الزمن.
وقال وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار في بيان، إن الاتفاق مع شركة "توتال" يتضمن تنفيذ أربعة مشاريع عملاقة، هي جمع وتكرير الغاز في الحقول كافة خارج اتفاقية غاز البصرة والمتمثلة في حقول أرطاوي وغرب القرنة 2 ومجنون والطوبة واللحيس التي تحرق كميات كبير من الغاز.
وأضاف وزير النفط، أن "المشروع العملاق الآخر هو مشروع ماء البحر المتكامل الذي كانت الوزارة تحاول تنفيذه منذ أكثر من 10 سنوات، وأبدت شركة توتال استعدادها لإنجازه".
ولفت إلى أن المشروع الثالث هو مشروع تطوير حقل "أرطاوي" بهدف تعظيم إمكانات إمدادات الغاز.
فيما أشار إلى أن المشروع الرابع هو إنشاء منشآت لإنتاج 1000 ميجاواط من الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية.
"استثمارات مهمة"
ويقول الناطق الإعلامي باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد إن التوقيع مع توتال، يؤمن استثمارات كبيرة ومهمة.
ويأمل جهاد في أن يشهد شهر يونيو/حزيران التوقيع بشكل نهائي مع الشركة الفرنسية على العقود الاستثمارية الأربعة.
ولفت الناطق الإعلامي باسم وزارة النفط، إلى أن "العراق استطاع حتى الآن استثمار ما بين 50 إلى 60% من الغاز المرافق لاستخراج النفط".
وكشف عن وجود مباحثات متقدمة مع شركات أجنبية لاستثمار الغاز في حقول عكاز النفطية وسيكون لها أثر مهم في تعضيد الإنتاج الإجمالي.
وكانت ظروف الحرب واعتداء تنظيم داعش الإرهابي على عدد من مدن العراق قد عطل استثمارات في حقل عكاز والأنبار والمنصورية بعد إحالتهما لشركات أجنبية بين عامي 2010 و2011.
"القرار سياسي"
من جهته، قال علاء الفهد الخبير الاقتصادي لـ"العين الإخبارية": "من المعيب أن يبقى العراق وهو من كبرى الدول النفطية ويمتلك ثاني احتياطي في العالم، معتمداً على استيراد الغاز وبقية المشتقات الأخرى".
ويمتلك العراق 280 تريليون م3 احتياطي الغاز، فضلا عن 332 تريليون قدم مكعب من الغاز العراقي غير المكتشف، كما يصل احتياطي العراق إلى 1.7% من احتياطي الغاز العالمي، و70% من الغاز ينبعث بعمليات استخراج النفط، بينما 30% من الغاز موجود بشكل طبيعي غازا سائلا بباطن الأرض.
ودعا الفهد إلى توسيع رقعة الاستثمار وعدم الاستسلام إلى خيارات محدودة لسد العجز الحاصل في الإنتاج.
وهنالك أسباب كثيرة ترتبط بملف إهدار الغاز الطبيعي في العراق، من بينها التقنيات التقليدية التي تعتمدها الشركات في عمليات استخراج النفط، والتي تحرق فيها الغاز الطبيعي، فضلا عن الضغوط الإيرانية التي تدفع السلطات إلى إبرام صفقات استيراد الغاز الإيراني بكلفة 6 دولارات لكل ألف قدم مكعب، وهو سعر مبالغ به مقارنة بالأسعار المتاحة في الأسواق.
ويؤكد ذلك الخبير في مجال النفط والطاقة، أسعد الحمداني، حيث قال إن الاستغناء عن استيراد الغاز الإيراني "موضوع سياسي وليس فنيا".
ويوضح الحمداني خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "أغلب منشآت الطاقة في العراق ومنذ عقدين بنيت على مقاسات ومعايير تجعلها بحاجة مستمرة لخطوط الإمداد الإيراني بغية استهلاك موارد البلاد لصالح طهران".