"حرب القمح والبرتقال" بين مصر وروسيا
صراع العض على الأصابع اقتصاديا بين مصر وروسيا دخل مرحلة جديدة بحرب "البرتقال مقابل القمح".
دخل صراع العض على الأصابع اقتصاديًّا بين مصر وروسيا مرحلة جديدة بحرب "البرتقال مقابل القمح".
ففي ظل محاولة القاهرة المستمرة لإقناع موسكو بإعادة حركة الطيران التي توقفت منذ حادث سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر 2015، مما أثر سلبًا على قطاع السياحة المصرية، نشب خلاف اقتصادي جديد بين البلدين حول واردات القمح.
بدأت الأزمة الجديدة مع إعلان القاهرة قبل أسبوعين (نهاية أغسطس/آب 2016) بمنع دخول القمح المستورد المصاب بأي نسبة من فطر الإرجوت في واردات القمح، في تراجع عن قرار سابق يسمح بالأخذ بالنسبة العالمية المقررة في استيراد القمح وهي 0.05%.
واعتبر المحللون الاقتصاديون والسياسيون أن القرار المصري المتشدد بشأن الإرجوت جاء في سياق الضغط على روسيا لاستئناف حركة الطيران، خاصة مع بدء الزيارات المكوكية للوفود الأمنية الروسية إلى القاهرة وشرم الشيخ لإعداد تقرير نهائي حول الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية قبل إصدار قرار نهائي بعودة الطيران الروسي.
فما علاقة الإرجوت بحركة الطيران الروسي؟
إن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم بما يزيد عن 10 ملايين طن سنويًّا، وتعد روسيا أحد أهم مصدري القمح إلى مصر بسعر للطن يبلغ في المتوسط 190 دولارًا. والقمح الروسي مثله مثل القمح في أغلب شرق أوروبا يتضمن نسبة قليلة من الإرجوت في الأغلب أقل من النسبة المسموح بها عالميًّا وهي 0.05%.
من ثم فإن القرار المصري بمنع دخول القمح بأي نسبة من الإرجوت يمثل بالنسبة للتجار الروس وشركاتهم العاملة في شرق أوروبا قرارًا تعجيزيًّا.
ونجحت مصر في الحصول على تأييد من منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التي أعلنت فيه احترام خصوصية القرار المصري، وتأكيدها في الوقت نفسه على النسبة العالمية المسموح بها.
وكانت مصر قد رفضت بالفعل منذ ديسمبر الماضي استقبال أكثر من شحنة من القمح المستورد بعد وصولها إلى موانئها، وبررت ذلك بوجود نسبة من فطر الإرجوت في الشحنات.
وفطر الإرجوت هو فطر شائع في القمح قد يؤدي إلى الهلوسة، ولكن حسب المنظمات العالمية غير ضار عند المستويات المنخفضة.
في هذا السياق، أعربت روسيا عن استيائها من القرار المصري بشأن واردات القمح ولكن بصوت خافت جدًّا قبل القرار الرسمي الأخير في نهاية أغسطس، والذي قاد إلى ارتباك في سوق تصدير القمح العالمي وتضرر الشركات الروسية بشكل كبير.
بل إن العض على الأصابع بين القاهرة وموسكو وصل لنقطة غير مسبوقة خلال الأيام العشرة الأخيرة، بعدم إصدار القاهرة أي موافقات على شحنات القمح الروسي، في مسعى، حسب خبراء، إلى إجبار موسكو على استئناف حركة الطيران.
حرب القمح والبرتقال
في البداية سعت موسكو إلى بعث رسائل إيجابية للطرف المصري بإرسال لجنة رفيعة المستوى في أوائل الشهر الحالي (سبتمبر/أيلول 2016) لمراجعة الإجراءات الأمنية في المطارات وإعداد تقرير نهائي بعودة السياحة الروسية إلى مصر.
وفي سياق حرب الوقت بين القاهرة وموسكو، حيث تسعى مصر لإنقاذ الموسم السياحي الجديد الذي يبدأ خلال أسبوعين عبر عودة الطيران الروسي ومحاولة روسيا إنقاذ موسم حصاد جيد للقمح بتصديره إلى مصر، لجأ الطرفان إلى التشدد أو الدخول في لعبة شد حبل.
وفي محاولة لنقل صراع عض الأصابع إلى ملعب آخر، أعلنت روسيا، اليوم الثلاثاء، (13 سبتمبر/أيلول 2016) أنها تدرس فرض حظر مؤقت على استيراد الفواكه الحمضية من مصر بسبب "المخالفة الممنهجة للمتطلبات الدولية والمتعلقات بالصحة النباتية" من جانب القاهرة، حسب زعم موسكو.
وفي حال إصدار روسيا هذا القرار فإنها ستؤثر سلبًا على صادرات البرتقال المصري الذي يمثل نصف صادرات العالم من البرتقال، وتعد روسيا المستورد الأول له بنحو 220 ألف طن سنويًّا بسعر الطن 450 دولارًا.
هكذا تسعى روسيا للعب بورقتين؛ هما "الطيران والبرتقال" مقابل الورقة المصرية الخاصة بالقمح، وتشير كافة المصادر والتقارير إلى أن كلا البلدين يسعيان إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية قبل تسوية الوضع؛ حيث لن تحتمل روسيا منع مصر استيراد القمح في ظل العقوبات الأوروبية، في المقابل فإن مسألة عودة الطيران الروسي وتصدير البرتقال تقترب من كونها مسألة "حياة أو موت" في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم.
aXA6IDMuMTI4LjE5OC45MCA= جزيرة ام اند امز