الرقابة المالية المصرية تقاوم ضغوطًا لخروج الأموال عبر GDR
تقاوم مصر ضغوطًا من قبل مؤسسات ومستثمرين محليين لإلغاء الإجراءات التي فرضتها الرقابة المالية قبل عام لتقييد خروج الأموال
تقاوم الهيئة العامة للرقابة المالية المنوط بها تنظيم عمل البورصة المصرية ضغوطًا يمارسها مؤسسات ومستثمرون ذوو ملاءة مالية لإلغاء القيود التي فرضتها الهيئة بالتنسيق مع البنك المركزي المصري العام الماضي على تداول المصريين على شهادات الإيداع الدولية المعروفة بـ "GDR" في عدة بورصات خارج البلاد.
وشهادات الإيداع الدولية هي أداة مالية تشتق من الأسهم المقيدة في البورصة المصرية بهدف إتاحة الفرصة للتداول على الشركات في عدة بورصات عالمية هي لندن ونيويورك ولوكسمبورج، ويعادل كل شهادة عدد محدد من الأسهم.
ولعبت شهادات الإيداع الدولية أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 دورًا رئيسيًا كبوابة لخروج الأموال من مصر، وتكرر الأمر خلال ثورة 30 يونيو/حزيران.
وسعيًا لتحجيم إمكانية استخدام شهادات الإيداع الدولية كبوابة لتدفق الأموال للخارج وقت الاضطرابات تم إصدار قواعد جديدة في 2013 بألا تتجاوز نسبة الشهادات ثلث رأس المال المصدر لأي شركة.
وبعد عامين، وتحديدًا في مارس/آذار 2015 استهدفت الرقابة المالية بالتنسيق مع البنك المركزي التحكم في مسار تدفق الأموال الناتجة عن حصيلة بيع شهادات الإيداع الدولية بإصدار قيود على التعاملات عليها.
وتمثلت القيود في منع المستثمرين من الحصول على حصيلة بيع الشهادات بالنقد الأجنبي بل ووضع آلية تلزمهم تحويل الأموال إلى حساباتهم المصرفية داخل البلاد.
وتعتمد هذه الآلية على تسوية عملية بيع الشهادات وإيداع حصيلتها بحساب شركة مصر للمقاصة لدى إحدى جهات المقاصة الدولية أو أمناء الحفظ خارج البلاد، ثم يتم تحويل الأموال إلى حساب مصر للمقاصة داخل البلاد تمهيدًا لتحويلها لحساب المستثمر داخل أحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي المصري.
"لا نفكر في إلغاء القيود التي تم فرضها العام الماضي ولم يستجد أي شيء حتى نعيد طرح موضوع شهادات الإيداع الدولية للنقاش مرةً أخرى الآن" بحسب شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية.
وكشف سامي لبوابة "العين" الإخبارية عن وجود مطالب من مستثمرين في السوق المصرية بإلغاء القرار حتى يتمكنوا من الحصول على قيمة بيع الشهادات بالنقد الأجنبي بدعوى أن البنك المركزي ألغى القيود المفروضة على الإيداع وسحب الدولار بالبنوك بالنسبة للأفراد والشركات المستوردة للسلع الاستراتيجية.
وكانت مصر قد وضعت حدًا أقصى العام الماضي للإيداع والسحب بالدولار من البنوك بغرض تحجيم الاعتماد على السوق السوداء في تدبير النقد الأجنبي عبر وضع سقف لقيمة الإيداع والسحب، وذلك قبل أن تتراجع عن قراراتها هذا العام بغرض إتاحة مرونة في السياسة النقدية للبلاد.
وقال رئيس الرقابة المالية إن شهادات الإيداع الدولية هي أداة استثمار تتيح للمستثمرين إمكانية التداول على الأسهم والشهادات في أكثر من سوق والاستفادة من الفارق السعري بين الشهادات والأسهم خلال عملية التحويل من وإلى السوق المحلية لأي سوق خارجية.
وشدد على أنها ليست وسيلة للتخارج أو الاستثمار في العملة حتى نلغي القيود الحالية التي تلزم المستثمرين المحليين بإعادة حصيلة بيع الأموال إلى مصر، مع إمكانية تحويلها خارج البلاد عن طريق الجهاز المصرفي.
وتوجد في بورصة مصر 14 شركة مقيدة تمتلك شهادات إيداع دولية هي حديد عز، البنك التجاري الدولي، جلوبال تيلكون القابضة، المصرية للاتصالات، المجموعة المالية هيرميس القابضة، ليسيكو مصر، باكين، السويس للأسمنت، رمكو لانشاء القرى السياحية، أوراسكوم للاتصالات والأعلام والتكنولوجيا القابضة، ايديتا للصناعات الغذائية، جي بي أوتو، بالم هيلز للتعمير، النعيم القابضة للاستثمارات.
وتكشف الإحصائيات عن دور شهادات الإيداع الدولية كوسيلة لخروج الأموال وقت الأزمات بطرق أقل تكلفة وبعيدًا عن الإجراءات التي تطلبها المصارف.
فخلال العام 2011 بلغت حجم الأموال المحولة عبر الشهاد للخارج 3.9 مليار جنيه منها 2.7 مليار جنيه خرجت خلال أول 3 شهور من العام أي تزامنًا مع ثورة 25 يناير/كانون الثاني.، علمًا بأن البورصة المصرية توقفت عن العمل أكثر من شهر بسبب الاضطرابات المندلعة آنذاك.
وبالمقارنة بالعام 2010 فإن حجم الأموال التي خرجت من مصر عبر الشهادات بلغت 3.8 مليار جنيه كان نصفها من نصيب شهر ديسمبر الذى شهد اندلاع الثورة التونسية.
وأكد رئيس الرقابة المالية أن إصدار قرارات تنظيم عمل شهادات الإيداع الدولية تكون بالتنسيق مع البنك المركزي، وهو أمر في غاية المرونة نظرًا لعضويتي بمجلس إدارة البنك المركزي، فضلاً عن عضوية جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي بمجلس إدارة الرقابة المالية.
فيما كشف مصدر بالبورصة المصرية – اشترط عدم ذكر اسمه – لبوابة "العين" الإخبارية أن هناك اتجاهاً لدراسة تخفيف القيود وليس إلغائها عبر إمكانية عدم الالتزام بأن يتم تحويل الأسهم إلى شهادات إيداع عبر شركة مصر للمقاصة ثم إيداع الأسهم في مصر للمقاصة كأمين حفظ، بل يمكن استبدالها بالاعتماد على الشركات في الخارج.
وأرجع ذلك إلى شكوى المستثمرين من ارتفاع التكاليف على كل عملية تحويل أسهم لشهادات والاحتفاظ بها من خلال مصر للمقاصة خاصةً إذا لم تتم عملية بيع لهذه الشهادات.
وأكد المصدر أنه لا يوجد نية حتى الآن لحصول المستثمر على حصيلة البيع بالنقد الأجنبي والاحتفاظ بها بالخارج.
من جانبه، طالب إيهاب السعيد عضو مجلس الإدارة ورئيس قسم التحليل الفني بشركة أصول لتداول الأوراق المالية بإلغاء الرقابة المالية للقيود المفروضة على شهادات الإيداع الدولية.
وفسر السعيد لبوابة "العين" الإخبارية هذا المطلب بأن البنك المركزي بقيادة محافظه السابق هشام رامز هو من كان وراء فرض هذه القيود بغرض السيطرة على مصادر النقد الأجنبي، وتزامن معها فرض مجموعة من القيود على إيداع وسحب الدولار.
وتابع: طالما تم إلغاء قيود وسحب الإيداع فينبغي تطبيق الأمر على بقية القيود، خاصةً أنه من حق المستثمرين الحصول على حرية دخول وخروج الأموال سواء بالجنيه أو النقد الأجنبي.
من جانبه، اعتبر محمد فتح الله العضو المنتدب لشركة التوفيق لتداول الأوراق المالية في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية أنه من الأفضل تمتع التعاملات على شهادات الإيداع الدولية بالحرية الكاملة تحت إشراف الرقابة المالية والبنك المركزي لكونها وسيلة لجذب النقد الأجنبي.
ولفت فتح الله إلى أن البلاد باتت أكثر استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا لذا لا يوجد ما يدعو للتخوف من خروج الأموال عبر هذه الشهادات، بل إنها الآن وسيلة جيدة للمستثمرين الأجانب والمصريين لضخ استثمارات في سوق الأسهم.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuMTk5IA== جزيرة ام اند امز