تخوض الحكومة المصرية صباح اليوم اختبارا برلمانيا "غير مسبوق"، منذ 64 عاما، فهذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها البرلمان مصيرها
في العاشرة من صباح اليوم الأحد، يحمل المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة المصرية أوراقه، متجها إلى قبة البرلمان، التي تبعد أمتار عن مقر مجلس الوزراء، لعرض برنامج حكومته، التي تولى مسئوليتها قبل ستة أشهر من الآن.
حكومة إسماعيل، التي تقلدت المسئولية في سبتمبر من عام 2015 ورثت ميراثًا من الأزمات على كثير من المستويات، منها الحالة الأمنية التي لا تزال في حاجة إلى مزيد من الضبط والخدمات المقدمة للمواطنين، التي تشهد تدنيا ملحوظا، ومستوى أسعار السلع والخدمات، التي تشهد ارتفاعات كبيرة هذه الأيام، ربما لم تتمكن خلال الستة أشهر من الوصول إلى حل لها، لكنها على الأقل تملك رؤية للحل، ستخوض بها هذا الاختبار البرلماني الصعب.
مكمن الصعوبة في هذا الاختبار أن حكومة إسماعيل تواجه سابقتين برلمانيتين منذ 64 عاما، وتحديدا بعد ثورة 23 يوليو 1952، فهذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها البرلمان مصير الحكومة، سواء بمنحها الثقة من قبل أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو تكليف حكومة أخرى تُحقق مطالب نواب الشعب.
وقبل ذلك، كان بيان الحكومة إجراءً "روتينيا" يمر بسلام، ولكن المادة 146 من دستور 2014 جعلته لأول مره اختبارا صعبا، لم تخضه حكومة قبل حكومة شريف إسماعيل.
ووفقا لهذه المادة، يتعين على الحكومة الحصول على ثقة أعضاء البرلمان خلال 30 يومًا على الأكثر من إلقاء بيانها أمام مجلس النواب، وفي حال لم تحصل الحكومة على الثقة، يُكلف رئيس الجمهورية رئيسًا جديدًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وإذا لم تحصل الحكومة الجديدة على ثقة أغلبية الأعضاء خلال 30 يومًا يعد المجلس منحلًّا.
أما السابقة الثانية التى تواجهها حكومة إسماعيل، هو أنه لن يعرض إنجازات حكومته، كما اعتادت الحكومات السابقة في المجالس النيابية المنصرمة، بل إنه سيضع رؤية وخطة مستقبلية لتنفيذها، ولعل ذلك هو ما دفع رئيس الحكومة إلى استباق هذا الاختبار البرلماني بلقاءات عقدها مع النواب، في محاولة منه لقراءة أفكارهم وترجمتها إلى خطط وحلول في برنامج الحكومة.
ويتفهم كثير من النواب المشكلة التي تواجهها حكومة إسماعيل، فهي حكومة لم يمر على تعيينها أكثر من ستة شهور، ومن ثم فهي "حكومة بلا إنجازات"، كما وصفها النائب أيمن أبوالعلا، من حزب المصريين الأحرار.
وقال أبو العلا لـ "العين"، إن رئيس الوزراء سيلجأ إلى عرض الأزمات التى تواجهه، ورؤيته المستقبلية وخطط الحكومة الطموحة، ولن يتحدث عن إنجازات، وهذه سابقة فريدة.
ولكن إلى أي مدى سيتقبل النواب بيان الحكومة بلا إنجازات؟
الكاتب الصحفي محمد المصري، المتخصص في الشئون البرلمانية، يتوقع اجتياز إسماعيل هذا الاختبار، لكنه في الوقت نفسه، يشدد على أنه لن يكون "سهلا"، كما اعتاد رؤساء الحكومات في مصر.
وقال المصري: "بخلاف بيان حكومة الدكتور كمال الجنزورى، الذي تم رفضه من قبل برلمان 2011، والذى كان يسيطر عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لم يسبق للبرلمانات التي جاءت بعد ثورة 23 يوليو 1952، رفض برامج الحكومات المتعاقبة عليها، خاصة فى ظل وجود أحزاب الأغلبية".
واعتاد رؤساء الحكومات قبل ثورة 25 يناير 2011 على الوقوف أمام البرلمان للحديث عن الإنجازات في بياناتهم، وينتهي الأمر بالتصفيق الحاد وتجديد الثقة في الحكومة، حسب المصري.
وأضاف: " كانت البيانات مجرد كلمات إنشائية بلا رؤية أو جدول زمني للتنفيذ، ولم يكن رؤساء الحكومات مهددين بعدم منح الثقة كما تتنظر حكومة إسماعيل، لوجود أغلبية قوية وداعمة".
ولن يحصل إسماعيل على رد فوري من النواب على بيانه، فبمجرد انتهائه من عرض برنامجه، أمام البرلمان، وفي حضور كامل أعضاء حكومته، عدا وزراء الدفاع والخارجية والإنتاج الحربي، لطبيعة عملهم، وانشغالهم، يغادر فورًا ولا يسمح بالنقاش تحت قبة البرلمان.
ويقوم رئيس المجلس في الجلسة نفسها، بتشكيل لجنة لدراسة بيان الحكومة، وإعداد تقرير لعرضه في الجلسة العامة لمناقشته.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز