"البارون" .. قصر لا تغيب عنه الشمس ينتظر الحياة
"تراث هليوبوليس" مبادرة شعبية تحولت لمؤسسة رسمية تسعى لإعادة الروح لقصر البارون بشرق القاهرة.
قصر البارون.. رمز الحياه في مصر الجديدة (شرق القاهرة) تلك المنطقة التي أنشاها المليونير البلجيكي البارون امبان (1852-1929) عندما عقد اتفاق مع الحكومة المصرية في 23 مايو/آيار 1905 لبناء ضاحية في الصحراء تكون مستقلة عن القاهرة واختار لها اسم هليوبوليس أي مدينه الشمس في اللغة الإغريقية.
بدأ بناء القصر في عام 1907 وقام بتصميمه المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل، وزخرفه جورج لويس كلود، واكتمل بناؤه عام 1911، وعندما توفى البارون امبان في عام 1929 نقل من بلجيكا ودفن في مصر وبعدها انتقلت ملكية القصر إلى الورثة، وتم ضمه لممتلكات الدولة المصرية بعد ثوره 1952.
والقصر من الداخل حجمه صغير، فهو لا يزيد علي طابقين ويحتوي علي 7 حجرات فقط، والطابق الأول عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو، أما الطابق العلوي فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها.
وصمم القصر بطريقة تجعل الشمس لا تغيب عن حجراته وردهاته أبداً، واستخدم في بنائه المرمر والرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي البلوري الذي يرى من في الداخل كل من في الخارج وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح لمن يجلس به أن يشاهد ماحوله في جميع الاتجاهات.
ورغم قيمته التاريخية الأثرية عانى القصر على مدار سنين لحالة من الفوضى والإهمال، كان يتبع فيها وزارة الإسكان وليس الآثار، وغير مسموح لسكان مصر الجديدة بدخوله ومعرفه تاريخه والاستمتاع بجماله المعماري والفني.
الحالة التي وصل إليها القصر، وعدم دخول البشر إليه، ساهمت فيما نسج الخيال الشعبي لقصص خرافية وحكايات وهمية حول الأشباح التي تسكنه، والأصوات الغريبة التي تصدر عنه، ناهيك قضية أثيرت منذ سنوات عندما أقام شباب حفلة موسيقية صاخبة بطقوس غريبة على أنغام موسيقى (هيفي ميتال)، والتي عرفت حينها بقضية "عبدة الشيطان".
مبادرة شعبية
وأطلق سكان بمصر الجديدة عام 2005 مبادرة أطلقوا عليها "تراث هليوبوليس" تعمل على إحياء وحماية جودة الحياة لقاطني مصر الجديدة من خلال تجمع خبراء متخصصين ومتطوعين في مختلف المجالات لخلق وتحقيق رؤية قصيرة وطويلة المدى تؤثر على طريقه حياة مثالية في تلك البقعة.
تحولت المبادرة إلى مؤسسة رسمية في 2015، وكان على رأس أهدافها ترميم وصيانة قصر البارون وإتاحته كمزار سياحي أثري للجمهور، تبنى المجلس الأعلى للآثار هذه المبادرة التي واجهت صعوبات كبيرة.
ويقول الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: "من سنوات عديدة مضت كان هناك اهتمام من الدولة بترميم القصر وأيضا من السفارة البلجيكية، وقد حضر وفد بلجيكي وعمل دراسات للقصر وقام برصد الاحتياجات المطلوبة للترميم".
ويضيف أمين: "كان هناك شبه اتفاق على أن الوفد البلجيكي سيقوم بالترميم على نفقتهم ولكن انقطع الاتصال بعد ثورة يناير 2011 وبقي هذا الأثر يواجه تعديات الزمن".
واستدرك الأمين العام بالقول إن المجلس الأعلى للآثار لا يمكن أن ينسى هذا الأثر الهام، والأمل في توفير التمويل اللازم لاستكمال المشروع عبر المنح.
شكري أسمر، عضو مؤسسة "تراث هليوبوليس" اعتبر أن قصر البارون هو رمز لمصر الجديدة.
ويضيف أسمر لـ"بوابة العين": "عندنا حزن أن القصر مغلق ويتدهور يوما بعد يوم، وحلمنا هو أن نحكى قصة وتاريخ مدينة مصر الجديدة من خلال متحف مفتوح بطريقه تفاعلية وهى ما يعرف بالحداثة في علم المتاحف".
ويتمنى أسمر أن يكون قصر البارون مناره ثقافية أو مسرحا مفتوحا للجمهور وأن يكون متاحا للجميع وليس كحفلات مغلقة خاصه فقط.
وعن الصعوبات التي تواجه المبادرة يقول أسمر "عندما شاركنا حلمنا مع المتخصصين قالو لنا قبل ما تحلموا لازم يتم دراسة واضحة للقصر ولذلك منذ سنة ونحن على تواصل مع الوزارة (الآثار) وانتهى التعاون على الاتفاق على عقد ورشة عمل وعمل حوار مجتمعي تشاركي بشفافية حول تاريخ مصر الجديدة وإحياء التراث الأثري وترميم قصر البارون وإعادة استغلال القصر مرة أخرى".
وعن تعاون الوزارة مع مؤسسة "تراث هليوبوليس" يقول الدكتور مصطفى أمين: "المبادرة حدث هام جدا وذلك لتدعيم الحفاظ على الآثار وهو ما يتفق مع توجهات الدولة في الوقت الحالي بمشاركة المجتمع المدني مع الجهات الحكومية".
ومن جانب المؤسسة يقول أسمر: "كلنا متطوعون ومستعدون للعمل على الدراسات والترميم وعندنا ولدينا استعداد لعمل حملة تستهدف تمويل ترميم القصر لأننا تحولنا من مبادرة إلى مؤسسة رسمية".
وأوضح أن هدف المؤسسة أن أي تمويل للقصر يوجه إلى ترميم القصر وإعادة توظيفه وليس في أنشطة الوزارة وأن تدار المبالغ المخصصة، بشكل جيد وبطريقه احترافية وأن يكون دخل القصر مخصصا لمنطقة مصر الجديدة فقط.