"أمهات بلا حدود".. آخر صيحة في مكافحة الإرهاب
تستلزم مطاردة الإرهابيين تعبئة قوات الأمن وأجهزة الاستخبارات في العالم، غير أنها تتطلب أيضا جهود أمهاتهم، فهل تلعب الأمهات دور الرقيب
تستلزم مطاردة الإرهابيين تعبئة قوات الأمن وأجهزة الاستخبارات في العالم، غير أنها تتطلب أيضا جهود أمهاتهم، أقرب الأشخاص إليهم واللواتي يعرفنهم أكثر من أي شخص آخر.
وقالت المحللة إديت شلافر بمؤسسة منظمة "نساء بلا حدود" غير الحكومية ومقرها فيينا، إنها "منافسة مباشرة بين الأمهات والمجندين الذين يستخدمون نفوذهم الضار في المساجد عندما يصبح الأولاد فتيانا".
وانطلاقا من ذلك، دعت هذه المرأة النمساوية السبعينية إلى تولّي الأم مهمة الرقيب لرصد أي دليل على التطرف يظهر لدى ولدها أكانت العائلة من بلجيكا أو إندونيسيا أو كشمير أو نيجيريا.
وترمي "مدارس الأمهات" التي أسستها المنظمة غير الحكومية منذ 2012 في عدة بلدان إلى المساعدة لتفادي وقوع الشباب في شباك الإرهاب أو لإخراجهم منها.
وبعد أن تعرفت على نساء أخريات في الوضع نفسه خلال ورشة عمل نظمت مؤخرا في فيينا حول هذا الموضوع، تقول فاطمة الزرهوني، البلجيكية التي رحل ابنها إلى سوريا منذ حزيران/يونيو 2013، "إنها لم تعد تشعر بأنها وحيدة"، حتى وإن كانت تشعر "بأنها لن تراه مجددا".
وورشة العمل التي نُظمت في فيينا شاركت فيها "اختصاصيات" تابعن الدورات العشر للتدريب على مكافحة التطرف، ومشاركات جديدات مثل الزرهوني.
والشعور بالدهشة انتاب صالحة بن علي التي قتل ابنها البالغ الـ 19من العمر في سوريا قبل ثلاث سنوات. وتقول هذه العاملة في المجال الاجتماعي في فيلفورد في ضاحية بروكسل "تطرفه كان سريعا جدا، حصل ذلك خلال ثلاثة أشهر ولم نلاحظ أي دليل على ذلك".
ضرورة التواصل
ودور النساء اللواتي تدربن في ورشات العمل هذه هو توعية وتدريب نساء أخريات في محيطهن.
في فبراير/ شباط الماضي نظمت "مدرسة الأمهات" أول دورة لها في إندونيسيا أكبر بلد مسلم عدديا في العالم.
وقالت إديت شلافر: "التقيت في إندونيسيا نساء يعتقدن أن أبناءهن ذهبوا إلى سوريا للعمل. لم تكن لديهن أي فكرة عن سوريا. عندما قلت لهن إنها ساحة حرب انهرن".
وفي جاكرتا، قالت إحدى المشاركات وتدعى خوتيمون سوسانتي "الأمهات الإندونيسيات لم يعتدن التواصل.. لقد تعلمنا هنا أهمية تطوير ثقافة حوار".
وهي سمعت نساء أخريات يصفن تقنيات تجنيد الجهاديين، وتعتبر إنها باتت تفهم بشكل أفضل "استراتيجياتهم".
وبعد فتح مدرسة أولى في طاجيكستان في 2012 فتحت مدارس أخرى في باكستان ونيجيريا وانتشر المشروع في أوروبا ودشنت مدارس في النمسا وبلجيكا، على أن تفتح مدارس أخرى قريبا في السويد وبريطانيا.
وتعاونت منظمة نساء بلا حدود غير الحكومية مع خبراء في مكافحة الإرهاب من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومقرها أيضا فيينا.
وهذه المنظمة مستقلة وتدعمها ماليا عدة وزارات نمساوية والاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية الأمريكية.
وهناك برامج أخرى خارج منظمة نساء بلا حدود للتصدي للإرهاب تتولاها نساء، وتقف لطيفة بن زياتن، والدة أحد ضحايا الإرهابي محمد مراح في 2012 في تولوز (جنوب غرب فرنسا)، وراء عدة مبادرات بهذا المعنى، لكن يبدو أن المنظمة هي البنية الوحيدة الناشطة في دول عدة.
وفي النمسا، شاركت 15 امرأة إلى هذا اليوم في ورشات العمل التي تنظمها مدرسة الأمهات. وكلهن من الجالية النمساوية-الشيشانية التي تعد 30 ألف شخص وفقدت عددا من الشباب بعد أن انخرطوا في صفوف تنظيم داعش.
وقالت مينات كوبانوفا الصحافية والمدربة في ورشات العمل في النمسا "الأمر ليس سرا. جاليتنا تأثرت بشكل كبير بظاهرة تطرف شبابها".
وبحسب السلطات النمساوية فان 260 شابا توجهوا إلى سوريا والعراق بينهم 80 عادوا من هذين البلدين و40 قتلوا و140 لا يزالون فيهما.
وأضافت كوبانوفا: "لقد غادر الأهل الشيشان لإنقاذ أولادهم من الحرب. والآن يخسرونهم في نزاع في بلد آخر. الصدمة كبيرة. لكن هذا لا يعني أننا عاجزون ونكتفي بالانتظار بإن يأتي المجندون لخطف أولادنا".
وهذا التصميم على محاربة ما سمته "العدو الخفي" واضح بين المشاركات.
وقالت فاطمة: "لقد أعطتني النساء المشاركات الأمل". وأضافت "العديد من الأشخاص ينظرون إلينا كأمهات إرهابيين. لكننا أمهات في غاية الشجاعة".
aXA6IDMuMTYuMTM1LjIyNiA= جزيرة ام اند امز