ليبيا : 3 حكومات و4 تنظيمات عسكرية و5 مشكلات كبرى (تحليل)
بعد وصول حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فايز السراج إلى طرابلس، باتت تتصارع على السلطة 3 حكومات، بشكل يهدد مستقبل البلاد
أخيرا أصبحت حكومة الوفاق الوطنى التي يرأسها فايز السراج فوق الأرض الليبية، بعد إنزالها عن طريق البحر في إحدى قواعد طرابلس البحرية، بعد سجال سياسي طويل، منذ أن أعلن المبعوث الأممي مارتن كوبلر إعادة تشكيلها في حكومة مصغرة بعد رفض البرلمان الشرعي في طبرق لحكومة موسعة، وقد حظيت هذه الحكومة على شرعية يشكك ليبيون في قانونيتها بعد الالتفاف على البرلمان الليبي من خلال بيان بالموافقة تم بالتمرير من بعض الأعضاء.
كان من المفروض أن تحظى هذه الحكومة على الإجماع الذي يسفر عن انفرادها بممارسة سلطة الحكم، لكن الأوضاع المعقدة التي تم القفز عليها لم تسمح بهذا، وأصبحت الدولة الليبية ترزح تحت عبء تنافس ثلاث حكومات، اثنتان منهما في طرابلس والثالثة في بنغازي وكل منها تدّعي لنفسها الشرعية.
والحكومات الثلاث التي تتنازع السلطة في ليبيا هي:
1- حكومة بنغازي وهي الأقرب واقعيا للشرعية لأنها نتاج انتخابات برلمانية تمت بإشراف ورقابة دولية، لكن الغرب لم يؤيدها سوى بتأييد شكلي.
2: حكومة طرابلس وهي غير شرعية نصبت نفسها عنوة بالقوة المسلحة بعد أن فقد الإخوان المسلمون التأييد الشعبي رسميا في الانتخابات العامة، وساعدها على ذلك تأييد مليشيات تنظيمات مسلحة وعدم اتخاذ الغرب أي إجراءات عقابية ضدها، لأنه يبحث لها عن موطئ قدم للإخوان في السلطة بأي وسيلة.
3: حكومة الوفاق الوطني التي تم الاتفاق عليها برعاية أممية في الصخيرات والتي يدعمها الغرب دعما كاملا وتحظى بموافقة دول الجوار أملا في نجاح مهمتها، ومن أجل منحها الثقة إزاء واقع داخلي قائم على تبادل الاتهامات بين أطراف رافضة للحكومة وبين هذه الأطراف وبعضها.
التنظيمات العسكرية
أولا: الجيش الليبي ويتخذ من بنغازي مقرا له، وهو القوة النظامية الوحيدة في البلاد التي يمكن أن يطلق عليها وصف قوات مسلحة بما يتوفر له من هيكل تنظيمي تتعدد فيه الأفرع والأسلحة، ويخضع أفراده لتراتبية عسكرية منضبطة ويحظى بقبول شعبي واعتراف من أغلب دول الجوار، ويتصف بأنه جيش وطني يقتصر عمله حاليا على التصدّي للعناصر الإرهابية على تنوعها ويعمل على تثبيت أركان الدولة الليبية ويقوده الفريق خليفة حفتر، أحد أكفأ ضباط الجيش قبل أن ينفيه القذافي.
ثانيا: حراس المنشآت النفطية، وهو فصيل مسلح غير رسمي يعتبر القوة العسكرية الأكبر بعد الجيش الليبي، وله هيكل تنظيمي بدائي لكنه ذو تسليح جيد كقوة برية منوط بها حماية المنشآت النفطية يربو عددهم على 10 آلاف فرد، وهناك شكوك في وجود بعض الخبراء الأجانب معهم يشرفون على التدريب وتغطية الاحتياجات لضمان تدفق البترول إلى أوروبا، يقودهم إبراهيم الجضران البالغ من العمر 34 عاما ويحمل لقب رئيس المجلس السياسي لإقليم برقة.
ثالثا: الميليشيات وهي عناصر مسلحة في إطار غير شرعي تنتشر في جميع أنحاء ليبيا وتتبع أغلبها لتنظيمات الإسلام السياسي، وهي ذات تسليح متنوع ما بين خفيف ومتوسط وثقيل حصلت على أسلحتها من مخازن القذافي أو من جهات خارجية داعمة ومن أمثلتها كتيبة 17 فبراير- سرايا راف الله السحاتي - درع ليبيا - كتيبة أنصار الشريعة - غرفة عمليات ثوار ليبيا، وبعض هذه الميلشيات مصنفة دوليا باعتبارها إرهابية.
رابعا: تنظيم داعش الذي أُقحم على المشهد الليبي بدعم من بعض دول إقليم الشرق الأوسط وتجاهل الغرب باستغلال حالة التشرذم السياسي وتدهور الأوضاع الأمنية، والأخطر أن هذا التنظيم الإرهابي يتزايد في أعداد أفراده من العناصر الليبية المتطرفة والأجانب على اختلاف جنسياتهم، وجميع عناصره مسلحة ومدربة تدريبا عسكريا متقدما ويجيدون مهارات القتال ويفتقدون إلى أي رادع إنساني أو أخلاقي.
مشكلات ضخمة وأعباء جسيمة
أولا: وقف إطلاق النار في عموم الدولة الليبية وجمع السلاح من أيدي المليشيات واقتصاره على الجيش والشرطة فقط.
ثانيا: بناء توافق سياسي بين القوى المتناحرة وتسييد مبدأ الدولة الحديثة القابلة للتعدد والقبول برأي الأغلبية.
ثالثا: إصلاح الوضع الاقتصادي الذي تدهور في ظل نقص حاد للنفط المصدر وانقسام دولاب عمل الدولة.
رابعا: إعادة النازحين الذين اضطروا لترك بيوتهم إلى داخل وخارج ليبيا بسبب الصراع الدائر مع داعش وغيرها.
خامسا: القضاء على عناصر تنظيم داعش الذي يمثل بؤرة تهديد خطير للأمن ومصادر ثروة البلاد النفطية.