30 دقيقة تعاقب كسل البارسا وتنقذ الريال من قلة حيلة زيدان
الريال الأقل سوءا فاز رغم استسلام الفرنسي زيدان لتكتيك منافسه إنريكي في الشوط الأول بينما كانت ردة فعل اللاعبين طبيعية بعد تقدم برشلونة
في واحدة من المرات النادرة في تاريخ الكلاسيكو، على الأقل في السنوات الأخيرة، نجح الريال في خطف الفوز من برشلونة في عرينه، ليس لأنه الأفضل ولكن فقط لأنه كان الأقل سوءًا.
شهدت المباراة، التي غلبت عليها الأجواء الاحتفالية في رثاء الأيقونة الكروية الهولندية يوهان كرويف، تفاصيل صغيرة أسهمت بشكل كبير في تحديد مسارها على مدى دقائقها التسعين.
فطوال الشوط الأول، أخفق الريال في استغلال الكسل الواضح من لاعبي البارسا ورغبتهم المكشوفة في تفادي الإجهاد بعد رحلة الثلاثي المرعب ميسي ونيمار وسواريز الطويلة إلى أمريكا الجنوبية لخوض مباراتين في تصفيات المونديال خلال 4 أيام ثم العودة إلى إسبانيا، فضلًا عن تفكيرهم في المباراة الصعبة أمام أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال بعد 3 أيام.
لكن بدلًا من أن يستغل الريال حالة الكسل واللعب "على الواقف" من نجوم البلوجرانا، استسلم الفرنسي زيدان تمامًا لتكتيك منافسه إنريكي، الذي نجح في فرض إيقاعه بحصر اللعب في ثلث الملعب الأوسط فقط، مع اعتماد مصيدة التسلل لتحقيق هدفين مهمين، أولهما توفير جهد لاعبيه والاعتماد على المهارات الفردية التي يتفوق بها لاعبو البارسا على منافسيهم.
الهدف الثاني هو منع الريال من استغلال أهم نقاط قوته وهي الاندفاع البدني، وهي ميزة كان يمكن أن تقود المباراة لنتيجة كارثية على برشلونة لو لم يكن زيدان قليل الحيلة ونمطيًا في تعامله مع مجريات الشوط الأول.
تكتيك الفرنسي بني على أن البلوجرانا سيخوض المباراة بقوته المعتادة، لذلك اعتمد نهجًا دفاعيًا صريحًا وواضحًا قلل من ثقة لاعبي وفريقه في أنفسهم وقدرتهم على تحقيق الفوز في الكامب نو.
أبزر مشاهد هذا النهج العقيم، المهام التي أوكلها لكلٍ من جاريث بيل ورونالدو طوال الشوط الأول كجناحين؛ حيث كانت مهمتهما الأولى منع الظهيرين ألبا وألفيش من التقدم، ثم استغلال المساحات خلفهما إذا سمحت الظروف وهي لم تسمح طوال الشوط الأول.
كذلك اعتمد الفرنسي على الدفاع المتأخر فكان يتكتل في نصف ملعبه مع انتشار لاعبيه في 3 صفوف 4-5-1 أو 4-4-2 أولها يبدأ من نصف الملعب والأخير على خط منطقة الجزاء، وذلك حينما تكون الكرة في حوزة لاعبي برشلونة.
لو لم يكن زيدان خائفًا من منافسه لغير طريقة اللعب ولو بعد مرور ربع الساعة الأولى وظهور لاعبي البارسا بهذا الكسل ليعتمد على الدفاع الضاغط أو المتقدم على مدافعي برشلونة وإرهاقهم مع لاعبي الوسط بدنيًا لدفعهم على ارتكاب أخطاء يمكن أن يستغلها هجوميًا لحسم المباراة في شوطها الأول.
تغيرت الحال نسبيًا في الشوط الثاني دون أن يكون لزيدان في الحقيق أي فضل في تغييره، وإنما يمكن القول إن ما فعله الريال كان ردة فعل طبيعية ومنطقية ومتوقعة بعد هدف التقدم البرشلوني في الدقيقة 54.
كان طبيعيًا أن يتقدم لاعبو الريال بحثًا عن هدف يعيد لهم كبريائهم المفقود منذ مباراة الذهاب التي تلقوا فيها 4 أهداف مع الرأفة، ربما ضاعف من جرح كبريائهم شعورهم بأن البارسا وثلاثيه المرعب ليس في أفضل حالاته، لكن بقيت المشكلة الأساسية أمام لاعبي المرينجي هي كيفية تشكيل خطورة على مرمى برافو في ظل افتقادهم للثقة.
تفصيل صغير جديد قلب أحداث المباراة تمثل في هدف التعادل للريال، قبل نصف ساعة تقريبًا من النهاية، فالهجمة لم تكن منظمة أو مخططة وإنما كانت اجتهادًا شخصيًا من مارسيلو حينما استلم الكرة ومر بها حتى دخل منطقة البارسا ومررها عرضية سانحة إلى توني كروس الذي مررها عرضية سيئة ضربت في أحد مدافعي البارسا وتهيأت لبنزيمة الغائب منذ بداية المباراة فسددها مقصية داخل الشباك.
الهدف أعاد للاعبي الريال كثيرًا من ثقتهم بأنفسهم فشنوا عدة هجمات طوال الدقائق الثلاثين الأخيرة وانطلق بيل ورونالدو ومودريتش إلى الأمام بحثًا عن تسجيل هدف الفوز، وهو ما تحقق قبل النهاية بخمس دقائق من هجمة نموذجية انتهت بعرضية من بيل إلى رونالدو هيأها لنفسه بالثقة المعهودة فيه والتي لم نشاهدها في الساعة الأولى من المباراة، قبل أن يسددها بأريحية داخل المرمى.
من باب الإنصاف، فإن التفصيلة الوحيدة التي تحسب لزيدان الدفع بكاسيميرو كمحور دفاعي في وسط الملعب، ما أعطى مساحة أكبر لمودريتش في صناعة اللاعب والتقدم إلى الأمام، خاصة في النصف ساعة الأخيرة بعدما تحرر مع زملائه من الخوف.