القمة العالمية للحكومات.. حلول إبداعية لتطوير الاقتصادات الناشئة
ناقش منتدى الاقتصادات الناشئة، الذي تم تنظيمه بالقمة العالمية للحكومات 2024، الاستراتيجيات الناجحة في صناعة السياسات الاقتصادية.
كما ناقش المنتدى آليات تعزيز فرص النمو الاقتصادي، والآثار المتوقعة للذكاء الاصطناعي والمتغيرات الجيوسياسية على مستقبل الاقتصادات الناشئة، إضافةً إلى أبرز استراتيجيات الاستثمار المستدام في الأسواق الناشئة، وقصص النجاح في هذا القطاع الحيوي.
- ثاني الزيودي: مراجعة قواعد التجارة الدولية لضمان مرونة سلاسل التوريد
- موانئ أبوظبي تحقق إيرادات قوية.. 11.68 مليار درهم في 2023
شارك في المنتدى نخبة من المسؤولين الحكوميين والخبراء الاقتصاديين ومستشرفي المستقبل، ورواد الأعمال والقطاع الخاص.
مبادرات رائدة
وأكد أحمد الصايغ، وزير دولة الإمارات، خلال كلمته في المنتدى أن القمة العالمية للحكومات منصة عالمية لتطوير حلول إبداعية لتحديات المستقبل، وتعزيز التعاون الدولي، ودعم جهود توظيف التكنولوجيا الجديدة، مشيراً إلى أن منتدى الاقتصادات الناشئة يمثل إضافة نوعية لأجندة القمة، ويركز على مناقشة سبل الاستثمار المستدام، وأثر الذكاء الاصطناعي على الاقتصادات الناشئة والدروس المستفادة من نجاحاتها.
وقال: "ركزت دولة الإمارات جهودها على تبني حلول ابتكارية لمواجهة التحديات العالمية، والمضي قدماً لاستشراف المستقبل، ويُعد هدفنا للوصول إلى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050 ورئاسة الإمارات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، تجسيداً لأجندتنا الطموحة في مجال الاستدامة، إضافةً إلى المبادرات الرائدة في مجالات حديثة مثل التكنولوجيا الرقمية والتعاون الفضائي، تعكس بشكل واضح التزام الإمارات الثابت بتعزيز مكانتها مركزا عالميا للابتكار والمساهمة بشكل إيجابي في دعم توجهات المجتمع الدولي".
وأضاف:" لسنوات عديدة، لم تتوانَ دولة الإمارات في جهودها المستمرة عن دعوة حكومات العالم والشركاء العالميين لمعالجة التحديات الملحة التي يشهدها عالمنا المعاصر، والعمل على ضمان مستقبل أكثر استقرارًا ومرونة وازدهارًا للإنسانية والعالم".
وتابع: "تؤمن دولة الإمارات بدور الاقتصادات الناشئة في الأسواق العالمية وأهميتها، حيث تمكنت بعض هذه الاقتصادات من وضع نفسها في طليعة أسواق الابتكارات التكنولوجية والمستدامة، والمساهمة بشكل كبير في النمو الاقتصادي العالمي، وعلى الرغم من الصعوبات، أظهرت هذه الاقتصادات مرونة كبيرة، وتمكنت من تنفيذ سياسات بيئية تقدمية وقيادة الجهود في مجال الطاقة المتجددة والتحول الرقمي".
وأشار إلى أن الأسواق الناشئة ساهمت في تعزيز التنمية الاقتصادية وتقديم دروس ونماذج قيمة للعالم، وعلى هذا النحو، فإن فهم الاستراتيجيات التي تعتمدها الاقتصادات الناشئة الناجحة أمر ضروري للتعامل مع التحديات المستمرة للتنويع الاقتصادي وسلاسل الإمداد اللوجستية والتنمية المستدامة.
وأضاف: "نعمل على تسريع التقدم نحو تحقيق أهدافنا المشتركة للنمو الاقتصادي المستدام والشامل، وبناءً على ذلك، تم تصميم جدول أعمال هذا المنتدى لتعزيز نطاق الحوار البناء حول القضايا الحيوية، واستكشاف المزيد من الفرص الاستثمارية في الأسواق الناشئة، والتعمق في تحليل تحديات التجارة الدولية، إضافة إلى تسليط الضوء على التأثير الذي يحققه الذكاء الاصطناعي والابتكارات ذات الصلة على الاقتصادات الناشئة ".
التنمية المستدامة
وخلال جلسة حوارية بعنوان" استراتيجيات الاستثمار المستدام في الأسواق الناشئة"، تحدث مايكل إيفانز الرئيس التنفيذي لشركة "علي بابا"، وخوان ساباتر الشريك والرئيس المشارك لشركة Valor Equity Partners، عن استراتيجيات الاستثمار في الأسواق الناشئة وأهمية تفعيل الشراكات بين المستثمرين والمؤسسات المالية، للعمل على توجيه الاستثمارات نحو القطاعات والمشاريع التي تعمل على تحقيق التنمية المستدامة.
وقال مايكل إيفانز :" تمثل الاستدامة تحدياً في الأسواق الناشئة بسبب اختلاف الأهداف والرؤى، ولابد أن يكون هناك نوع من التوازن والمصالح المشتركة بين مختلف الشركاء، قائم على تحقيق أهداف الاستدامة، وبشكل عام، يتضمن التفكير في الاستدامة في الأسواق الناشئة الاهتمام بتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وحماية البيئة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ومن خلال هذه الأهداف، يمكن للشركات تحقيق الاستدامة في عملياتها".
وأضاف: يعتمد النجاح في تحقيق أهداف الاستدامة في الأسواق الناشئة على القدرة على التفاعل مع مختلف الشركاء والجهات المعنية، وبناء شراكات قوية لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ويتطلب ذلك أيضًا الالتزام بمعايير الشفافية والمساءلة، وتطبيق ممارسات إدارة مستدامة في جميع جوانب العمل، ومن خلال الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا يمكن للشركات تعزيز التنمية الشاملة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الأسواق الناشئة".
من جهته، قال خوان ساباتر: إن هناك اتجاهًا عالميًا نحو التفكير في التحولات التكنولوجية الجذرية، وهو ما يتطلب تقديم إطار تنظيمي مناسب.
وأضاف: يجب على الحكومات والشركات والمستثمرين العمل معًا لتطوير إطار تنظيمي يعكس الاحتياجات المتزايدة لتحقيق التوازن بين الاقتصاد والمجتمع، ويتطلب ذلك وضوحًا في اللوائح التنظيمية والاستقرار العام لتوجيه الاستثمار والجهود لتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.
أسواق ناشئة محايدة
وخلال جلسة بعنوان "مستقبل الاقتصاد في عالم متعدد الأقطاب"، أدارها رئيس قسم العولمة والتجارة والتمويل في "إيكونومست إمباكت" جون فيرجسون، قالت بريتي باتيل عضو البرلمان في ويثام، المملكة المتحدة، إنه على الرغم من التجاذبات بين الكتلتين الغربية والشرقية، فهناك أسواق ناشئة تحاول أن تكون محايدة، وتبحث عن الاستقلالية من الناحية السياسية، وبعضها أعضاء في دول الكومنولث، لكنها تنظر بشكل مستقل للشراكات التجارية.
وأضافت: "الأمم ذات التفكير المماثل تزدهر معاً من خلال الجغرافيا واللغات المشتركة والطموحات، وغيرها، لكن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ازدادت اتفاقيات التجارة تعقيداً، كما أن المفاوضات مع الولايات المتحدة لا تزال جارية".
من جهته، قال كليف كوبشان رئيس مجموعة "يورو آسيا" إنه ليس من الضروري أن تُفاقم التوترات الجيوسياسية الصعوبات التي تواجهها الاقتصادات الكبرى والمجتمعات في العالم، بل على العكس، يمكن العثور على بارقة أمل في هذا التعقيد.
وأضاف كوبشان أن حجم هذه التحديات، التي تشمل أعداداً كبيرة من السكان ومجتمعات متنوعة، قد تكون بمثابة محفز للانتقال نحو مناخ جيوسياسي أكثر تناغماً، لافتاً إلى أن هذا التحول لن يهدف فقط إلى تخفيف التوترات، ولكن أيضاً إلى تعزيز مرحلة عالمية أكثر تعاوناً وأقل مواجهة، ما يحول دون اندلاع صراعات جديدة.
وتابع: "الجيواقتصاد قد يُمهّد الطريق نحو بيئة جيوسياسية تتميز بتقليل التوترات وزيادة التعاون بين الدول. هذا منظور متفائل لكنه معقول بشأن كيف يمكننا أن ننتقل عبر شبكة العلاقات الدولية المعقدة في المستقبل؟".
وأكد أن النظام الاقتصادي العالمي ما زال قوياً، وعلينا أن نتعامل مع القضايا بحسب كل منطقة وجغرافيتها، ما يفتح مسارات جديدة للتجارة وحركة الاقتصاد.
الازدهار المحلي ممكن
وقال محمد عثمان، كبير المستشارين السياسيين للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، إن "التغيرات الديمغرافية تفرض تحديات جديدة على دول الجنوب، وإذا نظرنا إلى هذه المشاكل، فنجدها تتمثل في الأمن الغذائي والتهديدات الأمنية، لكن هناك بعض الأمل في التحرك نحو الازدهار المحلي".
وأضاف عثمان أن التمويلات الدولية تلعب دوراً كبيراً في هذا الأمر، ما يخلق بعض التقارب، لكنه يضع في الوقت ذاته تحديات فيما يتعلق بالتوازن بين الشرق والغرب، حيث الأولويات مختلفة.
وأوضح أن المؤسسات المالية الدولية تتعامل مع العديد من دول الجنوب، وتدرس عن كثب مشاكلها الحقيقية وتحدياتها المتجددة.
وتابع: "السياسيون في الغرب يرون أن هناك تحديات بارزة ستواجهها مجموعة كبيرة من الناس في المستقبل القريب، وخاصة فيما يتعلق بكيف سيكون شكل العالم خلال الـ10 سنوات المقبلة من الناحية الجيوسياسية، والاقتصادية كذلك".
الذكاء الاصطناعي والابتكار بالأسواق الناشئة
وشهد المنتدى عقد جلسة بعنوان "الذكاء الاصطناعي والابتكار.. التغير السريع في الأسواق الناشئة"، تحدَّث خلالها المسؤول عن الشؤون الخارجية في حزب بهاراتيا جاناتا الهندي فيجاي تشوثايويل عن تجربة الهند في دمج وتعزيز تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الأسواق، وحتى خارج حدود بلاده.
وأشار تشوثايويل إلى التعاون بين دولة الإمارات والهند في مجالات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى وجود شركات هندية تعمل بهذا المجال في قطاعات مختلفة مثل الحلول التكنولوجية والتعليم وقطاع المال والأعمال، وغيرها.
ولفت إلى اهتمام الهند بزيادة الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، والتعاون مع الدول الرائدة في هذه المجالات مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.