المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون تتجه على ما يبدو للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية
المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون عقيلة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تتجه على ما يبدو للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ حظيت حتى الآن بتأييد 1712 مندوبا مقابل منافسها المباشر ساندرز الذي حظي هو الآخر بتأييد 1004 مندوبين، ويلزم للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي الحصول على تأييد 2383 مندوبا، وهو ما يجعل هيلاري الأوفر حظا في نيل ترشيح حزبها، فالفارق بينها وأقرب منافسيها كبير جدا بالمقاييس الانتخابية وساندرز بحاجة لمعجزة لتقليص النتيجة فضلا عن الحصول على المقدمة.
من المرجح أن تواجه هيلاري المرشح الجمهوري الأرعن تاجر العقارات العنصري دونالد ترامب، الذي لا يتمتع بأدنى خبرة سياسية ولم يسبق له تولي منصب سياسي، في الانتخابات الرئاسية المباشرة.
هذا المرشح الجمهوري الملياردير قد أثار حفيظة كثير من الأمريكيين بتصريحاته الغبية المفتقرة للذوق والديبلوماسية، فعلى الصعيد الداخلي هاجم المسلمين ووعد بمنع دخولهم للولايات المتحدة واتهمهم بالإرهاب والإخلال بالأمن الأميركي، ولم يمايز بين مسلم مسالم ينشد الحياة الكريمة وهو ما عليه الغالبية العظمى منهم، وما بين شرذمة منحرفة طالت شرورها المسلمين قبل غيرهم، ثم أتبع ذلك بالقول إنه غير نادم على آرائه بشأن المسلمين، كما وصف الاميركيين اللاتينيين المهاجرين بالإجرام ومخالفة قوانين الهجرة وتعهد ببناء أسوار أمنية متطورة على طول الحدود مع المكسيك، مما جعل البابا فرانسيس يقول: «ترامب لا يمكن أن يكون مسيحيا»، ترامب نقل المنافسة الانتخابية لانحطاط غير مسبوق عندما هاجم زوجة منافسه تيد كروز وسخر من مظهرها، وتجاوز ذلك الانحطاط إلى إسفاف لم يعتد عليه الناخب الأميركي لما أشار بشكل غير مباشر إلى العادة الشهرية لصحافية مشهورة أدارت مناظرة المرشحين الجمهوريين قائلا: «كان بالإمكان مشاهدة الدم يخرج من عينيها والدماء تخرج من أي مكان»، مثل هذا المرشح البذيء صغير العقل الذي لا يستطيع السيطرة على فلتات لسانه ويكيل الشتائم ويوزعها يمنة ويسرة لمنافسيه غير عابئ بمشاعر الناخبين لا يمكن أن يكون في يوم ما مرشحا مثاليا يحظى بثقة الشعب وينال دعمه ومباركته، وبلا أدنى ريب ستشكل سياساته الداخلية والخارجية على السواء السخط والتخبط والتراجع لو نجح في الوصول للبيت الأبيض، وستخسر الولايات المتحدة في عهده حتى حلفاءها الذين لم يوفر الهجوم عليهم ونقدهم بما في ذلك حلف الناتو الذي وصفه بالحلف العتيق غير القادر على مكافحة الإرهاب ويكلف الولايات المتحدة الكثير، وليس من المبالغة القول بأن أوروبا الغربية الحليف التقليدي للولايات المتحدة تتخوف من وصوله للرئاسة حتى لا ينقلب التعاون والتحالف ما بين الطرفين إلى مجرد إملاءات تصدر من المكتب البيضاوي يتذيلها التوقيع الخاص بترامب.
أبرز دليل على رعونة ترامب فيما يتعلق بسياسته الخارجية وأنه لا يأبه بالسلم والأمن الدوليين اللذين ترعاهما الولايات المتحدة وتعمل على الحفاظ عليهما إشارته إلى احتمال السماح بانتشار السلاح النووي والحصول عليه لدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، الأمر الذي يهدد بصورة محدقة مصالح العالم عموما والولايات المتحدة خصوصا في منطقة جنوب شرق آسيا، بل ويشجع دولا أخرى تتحين الفرص على بناء مفاعلاتها النووية العسكرية وضرب عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن والهيبة الأميركية.
بعض المتحمسين للبغيض ترامب من ناخبيه لا يختلفون عنه في رعونتهم وإيذائهم للخصوم قولا وفعلا، في أكثر من تجمع انتخابي تم الاعتداء بالضرب والسب على مناوئين له حضروا للتعبير عن آرائهم في انتخابه وأطروحاته، وليس من الغريب أن نعرف أن مدير حملته الانتخابية نفسه متهم هو الآخر بالاعتداء والخشونة ضد صحافية خلال مؤتمر صحافي لترامب في فلوريدا.
تبدو حظوظ هيلاري كلينتون كبيرة في أن تكون أول امرأة تصبح رئيسة للولايات المتحدة الأميركية، وذلك لأسباب كثيرة أحدها أنها ليست طارئة على الساحة السياسية فهي السيدة الأولى السابقة وزوجة أحد أذكى وأحنك الرؤساء الاميركيين كما يصفه كيسنغر وهو بيل كلينتون الذي حصل على مستويات شعبية كبيرة وفق استطلاعات الرأي حتى في نهاية ولايته الثانية، ولولا أن الدستور الأميركي يقيد البقاء في الرئاسة بولايتين اثنتين لاستطاع الفوز بولاية ثالثة ورابعة، إضافة إلى أن هيلاري مرشحة رئاسية سابقة تحسن تماما التعاطي مع الجمهور وتعرف إثارة الجوانب التي تمس المواطن الأميركي وتثير اهتمامه، وليس ذلك فحسب فقد كانت هيلاري على رأس الديبلوماسية الأميركية لما تولت حقيبة وزارة الخارجية في ولاية أوباما الأولى وتجيد فنون الديبلوماسية مع نظرائها الآخرين، وهو ما يفتقده منافسها المتوقع ترامب، علاوة على أنها تنال دعم غالب الاميركيين من أصل أفريقي وكذلك بدعم العنصر النسائي الكبير من المستقلات، بل حتى من نساء الحزب الجمهوري كرد فعل على إساءات ترامب المتكررة للمرأة، إذ إن 31% من المنتسبات للحزب الجمهوري قلن إنهن لا يردن أن يفوز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري وفقا لاستطلاع أجرته نيويورك تايمز.
جميع هذه العوامل الداخلية ترجح إلى حد كبير فوز هيلاري كلينتون إذا ما حصل ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري، لتخرج الولايات المتحدة من عهد أول رئيس من أصل أفريقي لتدخل في عهد أول رئيس من النساء الأميركيات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة