فتحية أبو حية: هذه قصة فوزي بلقب "الأم العربية المثالية"
الأردنية فتحية أبو حية تحكي لـ"العين" كيف كافحت للنجاح في عملها ورعاية أسرتها، ثم فوزها بلقب الأم المثالية على مستوى الوطن العربي.
في ظل صعوبات العصر التي نعيشها من الانفتاح على التكنولوجيا وانشغال الوالدين بالعمل لساعات طويلة، يبقى التساؤل العظيم الذي يشغل علماء التربية والنفس: هل سيحظى أطفال هذه الأجيال برعاية كفيلة من شأنها أن تحافظ على أخلاقهم وتردعهم عن الزلات، وألا تجعل منهم آلات على شكل بشر؟
الأردنية فتحية أبو حية، رئيسة قسم المراكز والمؤسسات في مديرية شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة بالأردن، منحتها الجمعية الكويتية للأسرة المثالية، التي ترأسها الشيخة فريحة الأحمد الجابر الصباح، لقب الأم المثالية لعام 2016 بعد منافسة ما يقرب من 7 آلاف أم من مختلف أرجاء الوطن العربي.
تقول فتحية: "الأمومة مهمة صعب ومسؤولية لا يمكن التخلي عنها، خاصة إن كانت الأم تعمل، فالجهد الذي ستبذله سيكون مضاعفاً. في البداية درست علم الإجتماع في الجامعة الأردنية عام 1983، وكان هذا أول تحد بالنسبة لي فقد كنت الفتاة الأولى التي تلتحق بجامعة مختلطة. ومن ثم عملت في وزارة التنمية الاجتماعية في 1993، كباحثة واخصائية اجتماعية مع الفئات الأضعف في المجتمع من أيتام وأحداث وغيرهم".
وتضيف "تزوجت خلال فترة دراستي، وأصبح لدي الآن 4 أبناء، ومن هنا تبدأ معاناة الأم العاملة في التنسيق بين منزلها وعدم إهمال زوجها وأطفالها، ومراعاة كل التفاصيل الخاصة بعملها دون أي تقصير، فالخوف يلاحق الأم التي تعمل ويكون تركيزها أقل، فهي تفكر في الأبناء باستمرار، وتظل تدعو الله أن يحميهم لها، فهي حائرة بين ترك العمل والبقاء فيه، وكيف لها ولزوجها العيش ضمن حياة كريمة دون الحاجة لمساعدة".
وتتابع فتحية "عشت فترات صعبة كأم وموظفة في نفس الوقت، ولا أنكر أن أمي وحماتي لم تبخلا بمساعدتي دومًا دون تردد منهما، وفي بداية حياتي عشت مع والدة زوجي وشقيقته، في غرفة واحدة، واستطعت التأقلم لشعوري بمحبتهم، وقمت بواجبي تجاههم وتجاه أطفالي أيضًا، أما الآن فقد تغير الحال وأصبحت أعيش في شقة مستقلة عن العائلة، وهذه العوامل في بداية الزواج تشكل تحديًا كبيرًا، ومعظم النساء يعشن حياة صعبة في بداية الزواج، لكن وجود زوجي بجانبي ودعمه المستمر لي جعلني أصبح أقوى، خاصة أن عملي ميداني ويحتاج للتغيب عن المنزل لساعات طويلة، إلا أنني استطعت التنسيق رغم التعب الذي لا أنكره، والآن ابني (مؤيد) مهندس إلكترونيات متميز، وابنتي (مي) تخصصت بطب الأسنان، وابنتي (هديل) تخصصت بهندسة الحاسوب، وبقي ابني الصغير (خليل) ما زال على مقاعد الدراسة، وكل هذه النتائج تثلج قلبي، وتجعلني أشعر بالثقة، وأن تعبي أنا وأبيهم لم يذهب هباء".
الأمومة المثالية
وعن فوزها بجائزة الأم المثالية على مستوى الوطن العربي، أوضحت فتحية أنها ترشحت للجائزة بعد إقناع زميلاتها في الوزارة لها بأحقيتها في الترشح، وكذلك أفراد أسرتها، خاصة أن شروط المسابقة كانت تنطبق عليها، حيث كانت تشترط مثلًا ألا يقل عمر المتسابقة عن 50 عامًا، وأن يكون مضى على زواجها أكثر من 25 عامًا، فضلًا عن تقديم سيرة ذاتية وخطابات التوصية.
وقام مسؤولو المسابقة بالمقارنة بين المرشحات وفقًا لمجموعة من المعايير، مثل قدرتها على التنسيق بين الوظيفة والأسرة، وتحمل أعباء الحياة، ومدى القدرة على تطوير الذات وحسن تربية الأبناء، ومعايير أخرى ما بين اجتماعية وأخلاقية وغير ذلك.
وتقول فتحية: "الأمومة المثالية هي التي تأتي عن طريق مصدرين، أمومة بالفطرة، وأمومة يتم تعليمها، فالأم تحب أن تهتم بأطفالها لكن حتى تترك عليهم لمسة إيجابية يجب أن تتعلم الطرق الصحيحة والصحية للتنشئة، وأن تلم بكل ما هو حديث من خلال الاطلاع والقراءة المستمرة. لذا فالأمومة بالفطرة لا تكفي وحدها هذه الأيام، فالمصاعب التي ستواجهها كثيرة، وطفل هذه الأيام أيضاً شخصيته مختلفة تماماً عن طفل السبعينات مثلًا، وبالتالي يجب أن تتطور الأم وألا تبقى على معلومات ورثتها من أمها أو جدتها، فهذا لا ينفع مع طفل هذه الأيام".
وتضيف "من الأسس المهمة في التنشئة السليمة منح الطفل كامل حقوقه، وألا يتم قمعه عندما يسأل أو يبحث عن أمر يفكر به، فالأم الذكية هي التي تطور التفكير لدى الطفل وتجعله يبحث بشكل دائم، وألا يصبح متلقيًا للمعلومة دون النقاش بها، فالأمومة رسالة مقدسة ويجب الحفاظ عليها فهي عماد المجتمعات".