نصف مليار دولار مستحقات لموظفي غزة تؤجج الخلافات

إعلان حماس نيتها توزيع مستحقات الموظفين المالية المتراكمة عن طريق توزيع أراضي الدولة، أثارت انقسام الشارع الفلسطيني.

أثار إعلان نائب رئيس حكومة حركة حماس السابقة في قطاع غزة زياد الظاظا، نيتهم  توزيع مستحقات الموظفين المالية المتراكمة على حكومته (السابقة)، عن طريق توزيع أراضي الدولة، انقسام جديد في الشارع الفلسطيني بين مؤيد للقرار ومعارض له بشدة.

وأعلن الظاظا القيادي في حماس أن الأسابيع القادمة ستشهد توزيع مستحقات الموظفين، عن طريق توزيع أراضي الدولة الواقعة تحت سيطرة سلطة الأراضي، التي يديرها عدد من موظفي حكومة حماس السابقة.

وواجهت حكومات حماس المتتالية -منذ تشكيلها الحكومة العاشرة عام 2006، وحتى تسليمها الحكم إبان تشكيل حكومة التوافق الوطني الحالية منتصف العام الماضي- أزمات مالية حادة، أضعفت قدرتها على دفع كامل فاتورة رواتب حوالي (45) ألف موظف عينتهم طوال سنوات حكمها.

ويدور جدل في الوقت الحالي بين حماس وحكومة التوافق حول دمج كامل موظفي الأولى في جهاز السلطة الإداري، فبينما تقترح الحكومة استيعاب موظفي حماس المدنيين فقط دون العسكريين، تصر الأخيرة على ضرورة استيعاب كل الموظفين الذين ما زالوا على رأس عملهم في غزة .

نصف مليار مستحقات
وتقدر مستحقات موظفي حكومة حماس المالية حوالي نصف مليار دولار، وفق تقديرات نائب نقيب الموظفين العموميين في غزة إيهاب النحال.

يرفض رئيس سلطة الأراضي ووزير العدل السابق فريح أبو مدين، توزيع أراضي الدولة على قاعدة "سداد ديوان"، ويقول: "رواتب الموظفين المتأخرة حق قانوني، لا يجوز انتزاع هذا الحق بطريق غير قانوني".

ويوضح أبو مدين: "التصرف في أراضي الدولة لا يكون إلا لرئيس الدولة ووفق قيود واضحة لا لبس فيها"، فلا يجوز لحكومة أو لمجلس تشريعي أن تأخذ هذا الحق إلا وفق الأصول التشريعية المتعارف عليها.

ويؤكد وزير الأشغال العامة والإسكان مفيد الحساينة، أن قرار حماس البدء في توزيع الأراضي على الموظفين بغزة بدلًا من مستحقاتهم المالية "مخالف للقانون الفلسطيني"، ويتجاوز حكومة التوافق الفلسطينية.

ويصر الظاظا على قانونية الإجراء بقوله: "كل الحكومات المتعاقبة على فلسطين كانت تمنح أراضي الدولة للموظفين منذ زمن الانتداب، ومرورًا بالحكم المصري، وخلال حكم الرئيس الراحل ياسر عرفات، وحتى في عهد الرئيس الحالي محمود عباس"، ويتابع: "عباس تصرف بآلاف الدونمات من الأراضي خلال سنوات حكمه (عشر سنوات)، ولم يعترض عليه أحد.

يشاطر أمين عام المجلس التشريعي ( تديره حماس في غزة) نافذ المدهون، الظاظا الرأي، ويؤكد أن كل إدارات الحكم السابقة وزعت أراضي بالمجان على الموظفين والمواطنين، وعلى هذا العرف المتبع سيجري توزيع الأراضي حاليا.

يختلف أبو مدين مع الظاظا والمدهون، ويؤكد أن توزيع الأراضي لم يكن طوال الفترات السابقة سداد ديون لموظفين حكوميين، و"لا يجوز أن تكون أراضي النفع العام للشعب مصدرا لسداد ديون الحكومة"، ويشدد أن هذا التصرف "خطير جداً" ويعد سابقة.

أراضي الدولة تتناقص
وتتناقص مساحة أراضي الدولة المقدرة قبل قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994، بنحو (800) ألف دونم في الضفة الغربية وقطاع غزة، منها (100) ألف دونم في غزة، و(700) ألف دونم في الضفة، بسبب منح تلك الأراضي لمؤسسات حكومية وأهلية ولأشخاص متنفذين.

ويقول أبو مدين لـ "بوابة العين": لا يعطي خرق الرئيس محمود عباس للقانون الأساس (دستور السلطة) مبررا لحماس للسير على خطاه ، ويؤكد "تصرف عباس ( ذكره الظاظا) غير قانوني " وهو لا يقل خطورة في انتهاك الدستور عن خطوة حماس.

وأوضح أبو مدين أن "صندوق الاستثمار له على السلطة ديون تقدر بـ 155 مليون دولار، وقد أقدمت السلطة على خرق فادح للقانون عندما شرعت لنفسها سداد دينها من أراضي الحكومة المنتشرة في الضفة الغربية".

معارضة سياسية
المدهون يرى أن المواقف المعارضة تنطلق من "بعد حزبي سياسي تعطيه غطاءً قانونيًّا" ، ويقول لـ "بوابة العين" ، مشروع القانون قيد الدراسة في المجلس التشريعي (يحضر جلساته نواب كتلة حماس بينما يقاطعه نواب الكتل الأخرى)، ونحن ندعو الكتل البرلمانية عادةً لحضور اجتماعات اللجان التشريعية لمناقشة المشروع قبل رفعه للمجلس لإقراره، لكنها تتخلف عن الحضور لمواقف سياسية.

ويختلف عميد كلية الحقوق السابق في جامعة الأزهر بغزة عبد الرحمن أبو النصر مع المدهون حول دستورية إقرار القانون بالتشريعي، ويقول: "ليس من السلطة التشريعية التصرف كمقام للسلطة التنفيذية"، ويؤكد أن هناك صلاحيات للسلطة التنفيذية لا يمكن أن تقوم بها التشريعية.

ويتفق أبو مدين مع أبو النصر حول دور التشريعي، ويزيد أن "المجلس الحالي غير قانوني"؛ لأن دورات المجلس العاجية التي تنعقد بأوامر من رئيس السلطة غير منعقدة منذ وقوع الانقسام، ويضيف: "التشريعي يشرع في مقريه برام الله وغزة ( نواب فتح يعقدون اجتماعاتهم برام الله ونواب حماس يعقدونها في غزة) لغايات سياسية مخالفة للهدف العام".