أربعة أسباب لإحجام المصريين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية
في مقدمتها "الملل" من كثرة الاستحقاقات الانتخابية خلال خمسة أعوام
أربعة أسباب رصدتها "بوابة العين"، وقفت خلف مشهد المشاركة المحدودة في الانتخابات البرلمانية المصرية بمرحلتيها الأولى والثانية
تغلق مراكز الاقتراع في التاسعة من مساء اليوم الاثنين أبوابها، معلنة انتهاء المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية، التي تجرى في 12 محافظة مصرية، وسط "مشاركة محدودة"، رصدتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
ووصفت وكالة رويترز -في تقرير نشرته، أمس الأحد- نسبة المشاركة مع انتهاء اليوم الأول للمرحلة الثانية بأنها "محدودة"، وهو الوصف نفسه الذي كانت قد أطلقته على الإقبال بالمرحلة الأولى، التي أجريت فيها الانتخابات بأربعة عشر محافظة.
وانتخاب البرلمان، هو المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق، التي أعلنها عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو عام 2013، الذي كان قائدًا للجيش، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عامًا.
وتعيش مصر دون برلمان منذ عام 2012، بعد قرار أصدره المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد، بحل البرلمان الذي كانت تسيطر عليه أغلبية من الإخوان المسلمين، استنادًا إلى حكم أصدرته المحكمة الدستورية.
ورغم أهمية هذا البرلمان -الذي طال انتظاره- إلا أن "المشاركة المحدودة" كانت أمرًا لافتًا للانتباه، لكنها لم تكن "مفاجئة"، وهو ما يمكن إرجاعه للأسباب الآتية:
أولا: ملل المصريين من كثرة الاستحقاقات الانتخابية
ربما كان هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع المصريين إلى عدم المشاركة في الانتخابات، وهو ما عبر عنه مصريون في تقرير وكالة رويترز، أمس الأحد.
ويدخل المصريون في يناير المقبل عامهم الخامس منذ عزل الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وخلال هذه الأعوام الخمسة حدث ما يمكن وصفه بـ"السيولة الانتخابية"، متمثلة في ثمانية اقتراعات "5 انتخابات و3 استفتاءات".
وأجري في عهد المجلس العسكري -الذي تولى السلطة عقب الإطاحة بمبارك- استفتاء على تعديلات دستورية وثلاثة انتخابات، اثنان برلمانية (شعب، وشورى)، وثالثة رئاسية.
وفي عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي تم الاستفتاء على دستور 2012، وفي عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور تم الاستفتاء على دستور 2014، وأجريت الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار 2014.
وفي عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، أجريت الانتخابات البرلمانية، لتكون الاستحقاق الثامن خلال خمس سنوات فقط.
وعكست نسب المشاركة في الاستحقاقات التي أجريت في عهد مرسي، ومن بعده الرئيس المؤقت عدلي منصور، ميولا نحو العزوف، لذلك لم يكن المشهد في الاستحقاق الثامن مفاجئة، وإنما كان ملفتًا، لأنه منحنى المشاركة اتجه نحو مزيد من التناقص.
ثانيا: تردي الأحوال المعيشية
لم يلحظ المواطن المصري رغم هذه الاستحقاقات حدوث تغيير ملحوظ في أحواله المعيشية، بل إنها صارت تتجه نحو مزيد من السوء.
وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض القوى الكارهة للنظام الحالي تصدير رؤية مفادها بأن الشعب استمع لنصائحهم بعدم المشاركة في الانتخابات، فإن مواطنون التقتهم "بوابة العين"، قالوا إنهم في الأساس لا يتابعون قنوات تلك القوى، وإن السبب الأساسي لإحجامهم هو الانشغال بالسعي وراء لقمة العيش.
وركز أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة د.محمود خليل، على تلك النقطة في مقال نشرته جريدة "الوطن" الخاصة في 19 أكتوبر الماضي، بعد المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، حيث قال إن التدني الملحوظ في نسبة مشاركة المصريين في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، لا يعبر عن إحساس لدى الناس بأن السياسة ماتت، كما يتصور البعض، ولا يعكس نوعًا من العناد من جانب الناخب.
وذهب إلى أن الإحجام سببه أن الناس "تعبانة"، وأوضح ما يقصده بذلك قائلا: "حقيقة الأمر أن المواطن أصبح عاجزًا عن ملاحقة الارتفاعات المتواصلة فى ثمن كل ما يحتاج إليه فى معيشته، ومن الصعب على هذا المواطن العاجز اقتصاديًّا أن يُصغى لصوت السلطة التى تحدثه عن تهديدات كبرى تواجه الوطن، فى حين يشعر هو أن حياته ومعيشته مهددة".
ثالثا: عودة وجوه النظام السابق للمشهد الانتخابي
وفي ظل حالة من الملل، وضيق ذات اليد، لم يجد المصريون ما يفتح شهيتهم على المشاركة في الانتخابات، بل إن عودة ذات الوجوه التي كانت تقدم نفسها أيام نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، كان عاملا مساعدا على مزيد من الإحجام.
ورصدت وسائل الإعلام المحلية 106 اسمًا من أعضاء الحزب الوطني "حزب مبارك" تقدموا للترشح في الانتخابات البرلمانية، في مشهد وصفه د.محمد عبد القوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزقازيق (شمال القاهرة) بـ"العبثي".
وقال عبد القوي لبوابة العين: "كان أحد أسباب انتفاضة 25 يناير هو برلمان 2010، الذي شاركت فيه هذه الوجوه، فكيف يسمح لها بالعودة من جديد؟".
رابعا: أحزاب ضعيفة
السؤال الذي طرحه عبد القوي، كانت تلوكه ألسنة المصريين، ولم تتمكن الأحزاب الموجودة على الساحة الآن من تقديم إجابة تقنع الناخب بمبرراتها لاختيار هؤلاء للترشح باسمها أو من خلال قوائمها، لأنها أحزاب "هشة"، كما وصفها نبيل عبد الفتاح مدير مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية.
وقال -في تصريحات لبوابة العاصمة بعد انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية-: "الأحزاب الموجودة حاليًا في المشهد السياسي المصري هشة وضعيفة؛ لأنها لا تعتمد على قاعدة راسخة، إضافة إلى ضعف مستويات تكوين القيادات السياسية والحزبية".