فيديو بغزة يدعو أطفالا للتوبة يثير جدلا واسعًا
التقط في إطار نشاط نفذته مجموعة دعوية بأحد المدارس
فيديو يحث طلبة مدرسة في غزة على التوبة يثير جدلا واسعًا بين منتقدين ومؤيدين
أثارت مقاطع مسجّلة لملتقى دعوي في مدرسة بقطاع غزة تضمن دعوات للطلبة للتوبة، جدلا واسعا في أوساط نشطاء ومثقفين فلسطينيين، بين مؤيد ومعارض.
والتقط الفيديو المثير للجدل في مدرسة "النيل" الثانوية بغزة، لنشاط نفذته مجموعة تطلق على نفسها "سفينة النجاة الدعوية" بالتنسيق مع وزارة الأوقاف في غزة، وتضمن مواعظ وصفها المنتقدون بأنها "قاسية وترهيبية"، حيث يظهر عدد من الطلبة وهم يخرجون للشيوخ باكين ومعلنين توبتهم.
وحمل الفيديو مشاهد لأطفال يسجدون في ساحة المدرسة وبعضهم تبدو عليه ملامح الخوف، فيما يبكي بعضهم بشكل هستيري، ويقوم القائمون على الإلقاء باحتضانهم.
ويرى الباحث الحقوقي مصطفى إبراهيم، إن القائمين على هذه الحلقات الدعوية ينطلقون من رؤية حزبية يقومون بصبغها دينيًّا لخدمة مصالحهم وترهيب الناس.
وأوضح أن هذه الحلقات في المدارس جزء من ظاهرة جديدة بدأت تنتشر في قطاع غزة، وهي "الملتقيات دعوية"، حيث يقام منصة يصعد إليها بعض الدعاة فيما يتجمع أهالي الحي، وتلقى عليها مواعظ ذات وقع شديد، ليعلن بعضهم التوبة بعد انتهاء الموعظة، وهو محاكاة لأسلوب منتشر في عدة دول عربية.
وبدأت مجموعات سلفية بتنظيم هذه الملتقيات في الساحات العامة، قبل أن تقلدها مجموعات موالية لحركة حماس في إطار محاولات استقطاب الجيل الذي يبدو يائسًا في ظل حصار ووضع اقتصادي متفاقم منذ 10 سنوات، بحسب الباحث.
تحطيم للبراءة
ورفض الناشط محمد أبو حسنة، الهجوم الواسع على الفيديو، ناشرا في المقابل فيديو آخر في أحد مطاعم غزة لعرض أزياء تراثي، لنساء وفتيات، وقال: "لو أن أحدا انتقد هذا الحدث لتم اعتباره تعديا على الحريات الشخصية، ولو تم منعه لأصبحت حكومة غزة طالبان .. أما وقد سُمح للحدث لا أحد يتحدث عنه".
وأضاف "في المقابل جهد دعوي محمود وواضح يُظهر تأثرا من الفتية وليس بالضرورة مذنبين تائبين، يأخذ حيزا كبيرا من النقد والجدل".
واستدرك "قد يكون القائمون على حملة سفينة النجاة يحتاجون لموائمة الأسلوب مع تغير الشريحة العمرية، فما ينفع في الحي ووسط تجمعات الشباب قد لا يناسب الطلبة الفتية في الإعدادية والابتدائية".
غير أن الناشطة أسماء الغول رفضت هذه المقاربة، وقالت إن ذلك "يدل على محاولة توازن سطحية ومضحكة ومنافقة"، متسائلة "كيف يتساوى فعل فرح وفخر لأطفال يعرضون أزياء قراهم.. بفعل إهانة علني وكسر للشخصية، واستخدام سلطة دينية بحق من لا يملك من أمره شيئا".
وتابعت "هل هذه هي الدعوة؟.. إحراج طفل أمام زملائه، فيخر باكيا من الإهانة وأنت تتفاخر أمام الفيديو أنه تاب.. تاب لمن بالضبط..لك أم للمجتمع أم للسلطة أم للخجل العلني؟".
امتهان للكرامة
من جهتها، علقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على المشاهد التي تضمنها الفيديو المسجل داخل مدرسة "النيل" في مدينة غزة، بأنها تُظهر "إخضاع الطلاب إلى ظروف نفسية غير إنسانية تمتهن كرامتهم وطفولتهم".
ودعت الجبهة في بيانٍ لها تلقت بوابة "العين" نسخةً منه، وزارة التربية والتعليم التي تسيطر عليها "حماس" في غزة "إلى فتح تحقيق في هذا الموضوع الخطير"، مطالبةً بضرورة "إبعاد المسيرة التعليمية والطلاب عن أي برامج وتأثيرات وممارسات غير إنسانية، يمكن أن تزرع التطرف الديني التكفيري في عقول الطلاب والأطفال".
ورأت أن غزة تحتاج بدلا من ذلك إلى برامج تنويرية ووطنية هادفة تعزز من الهوية الوطنية الفلسطينية، ومن القيم والمبادئ السامية، وتستثمر طاقاتهم الخلاقة وأفكارهم الإبداعية في خدمة الوطن".
تشويه متعمد
ووصف المشرف على الملتقيات الدعوية في وزارة الأوقاف، حبيب الوحيدي، منتقدي الملتقيات بأنهم أقلية ودعاهم للوزارة لعرض مقترحاتهم وأفكارهم، معتبرا أن فكرة الملتقيات قديمة وأخذت توجها جديدا؛ حيث كانت تأخذ شكل المواعظ الدعوية التي كانت تقتصر على المساجد ومرتاديها فقط.
وأشار إلى أن هناك 6 مجموعات دعوية على الأقل تعمل في هذه الملتقيات ورأى أن هناك تشويها متعمّدا لهذه الملتقيات، مشيرا إلى أنها تقام تحت شعار "الإسلام يجمعنا"، وتتضمن المواعظ والأناشيد والتلاوة العذبة والابتهال الرائع والمسابقة الهادفة والكلمة الدعوية.
aXA6IDMuMTQxLjQ3LjE2MyA= جزيرة ام اند امز