الإمارات تبرز جهودها المختلفة في مكافحة التطرف بجنيف
سفير الدولة لدى الأمم المتحدة أكد خلال أمام اجتماع الأمم المتحدة لمكافحة التطرف العنيف على الجهود التي بذلتها الإمارات في هذا الصدد
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بوفد ترأسه المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف عبيد سالم الزعابي، وعضوية السيد راشد الشامسي من بعثة الدولة، في أعمال مؤتمر جنيف بشأن منع التطرف العنيف المنعقد يومي 7 و8 أبريل 2016، بحضور ورعاية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير خارجية سويسرا ديدييه بروكهالتر، مُمثلًا عن الحكومة السويسرية.
وألقى الزعابي كلمة الدولة أمام المؤتمر أبرز فيها جهود الإمارات المختلفة في مكافحة الإرهاب والتطرف بأشكاله ومظاهره كافة، وذلك منذ تأسيسها في عام 1971، حيث كانت الإمارات من أوائل الدول التي اعتمدت إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك من خلال 3 محاور رئيسية، وهي المحور القانوني والتشريعي، والمحور الديني والثقافي، والمحور الإعلامي والاجتماعي.
ففي المجال التشريعي والقانوني، استصدرت دولة الإمارات القوانين والتشريعات المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنها المرسوم بقانون اتحادي رقم (1) لسنة (2004) بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والذي أصدره المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقانون اتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية الذي أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2013 بشأن إنشاء مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف والذي استضافته الدولة في ديسمبر 2012 بإمارة أبوظبي، وهو يعد أول "مؤسسة بحثية وتطبيقية" مستقلة لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره وذلك من خلال تقديم أنشطة الحوار والتدريب والبحوث، والذي تأسس من خلال "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب"، وتترأس الدولة من خلاله بالمشاركة مع بريطانيا "جماعة عمل مكافحة التطرف العنيف".
كما استصدرت الإمارات أيضًا القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والذي يتبنى رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب، والتي تصب بجميع عناصرها في باب حماية حقوق الأفراد وسلامتهم، وتحقيق الأمن والاستقرار والتعايش السلمي في المجتمع.
وكانت آخر التدابير التشريعية والقانونية الهادفة إلى تعزيز مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب إصدار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، مرسوماً بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كافة أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية، وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الاثني، ومكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات، بعقوبات تصل إلى الإعدام إذا اقترن الرمي بالكفر تحريضًا على القتل فوقعت الجريمة نتيجة لذلك، وتطبيق عقوبات رادعة للجمعيات والفعاليات الداعية لازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية، وتصل العقوبة إلى السجن ومليون درهم للدعم المالي للأفعال المجرمة بنصوص القانون.
أما على صعيد المحور الديني والثقافي، أكد الزعابي أن دولة الإمارات قامت ولاسيما من خلال الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بغرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح في المجتمع وتعزيزها باعتبارها حائط الصدّ الرئيسي في مواجهة التطرف الذي يتربص بالمجتمعات العربية والإسلامية، والإسهام في تنمية الوعي الديني والثقافة الإسلامية من خلال دعم الجهود البنّاءة، التي تسير في اتجاهات عدة، لعل أبرزها دعم جهود إصلاح الخطاب الديني، والعودة إلى الصورة السمحة للدين الإسلامي الحنيف على أساس من شأنه التصدي لنزعات التطرف، والتشدد التي يحاول البعض فرضها على الخطاب الديني.
وفي هذا السياق، أضاف الزعابي أن الهيئة تحرص على تنظيم المحاضرات والندوات في المؤسسات المجتمعية التي تعبّر عن الصورة الصحيحة للدين الإسلامي البعيدة كل البعد عن الغلوِّ والتطرف، وبرنامج تطوير خطبة الجمعة والذي يتيح الفرصة للأفراد للمشاركة في إثراء الخطب بالعناوين والأفكار الجديدة، وذلك من خلال موقع الهيئة الإلكتروني.
وشدد الزعابي على حرص الإمارات على دعم المؤسسات الدينية الوسطية في العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها "الأزهر الشريف"، كما ترعى الهيئة برنامج "تدريب الأئمة الأفغان" والذي تخرج منه عدة دفعات ويتم بالتعاون مع دار زايد للثقافة الإسلامية ومركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، هذا فضلًا عن إنشاء الدولة لـ"مجلس الحكماء المسلمين" والذي تأسس في 19 يوليو 2014، واتخذ العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرًا له، والذي يسعى إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وترسيخ قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحقيقية السمحة البعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف والعنف، وذلك من خلال جمع من علماء الأمة الإسلامية وخُبَرائها ووُجَهائها ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، وكسر حدَّة الاضطراب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصِّراع والانقسام والتشرذُم.
ويُعتبر المجلس أول كيان مؤسسي يهدف إلى توحيد الجهود في لمّ شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وتهدد القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة، وتشيع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود، حيث تقتضي استراتيجية المجلس العمل على 3 محاور تشمل: تعزيز الحوار، وبناء القدرات، ونشر الوعي.
أما فيما يتعلق بالمحور الإعلامي والاجتماعي، أكد الزعابي أمام المؤتمر الدولي أن الإمارات تتبنى العديد من المبادرات المعنية بالاتصالات الاستراتيجية ودور وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ولعل أبرزها "مركز صواب" وهو مبادرة تفاعلية بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للعمل على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة، والذي يأتي ضمن إطار تعزيز جهود التحالف الدولي في محاربة تنظيم " داعش" الإرهابي.
وأشار الزعابي في ختام كلمته أمام المؤتمر أن من أهم مبادرات الإمارات في هذا المجال أيضًا "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، والذي استضافته الدولة لعامين متتالين وخرج بمجموعة من التوصيات والمبادرات المهمة في مجال تعزيز السلم وصناعة السلام.
وجدير بالذكر أن المؤتمر الذي شهد حضور أكثر من 700 مشارك و125 دولة من أعضاء الأمم المتحدة و100 منظمة غير حكومية، تناول خطة عمل الأمين العام للأمم المتحدة لمنع التطرف العنيف، والتي تم اعتمادها في قرار الجمعية العام رقم A/RES/70/254 بتاريخ 16 فبراير 2016.
وتطرق المؤتمر إلى دوافع وجذور التطرف العنيف، وبحث في هذا الصدد أولويات خطط العمل الوطنية لمنع التطرف العنيف، كما حثّ المؤتمر على ضرورة تعبئة الموارد البشرية والمالية واللوجستية اللازمة للتصدي لكل مظاهر التطرف العنيف، والذي أكد المؤتمر أنه غير مرتبط بدين أو بعرق أو بثقافة معينة، بل هو شأنه في ذلك شأن الإرهاب، ظاهرة كونية يتعين التصدي لها بمنظور شمولي وفي إطار دولي متماسك.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0NSA= جزيرة ام اند امز