الأزمة السورية بعد "اجتماع فيينا" .. ذهبت السكرة وحلت الفكرة
فرحة الاتفاق على جدول زمني للحل عكَّرها الجدل حول نقطة البداية
اختفت نشوة الفرحة بالاتفاق على جدول زمني للحل السياسي في سوريا خلال اجتماع فيينا، بعد أن بدأ التفكير في كيف تكون نقطة البداية؟
لم تخلُ تصريحات وزراء خارجية الدول الأوروبية وأمريكا، خلال الأيام الماضية، من التعبير عن فرحتهم بما أنجز في اجتماع فيينا الأخير، من الاتفاق على جدول زمني للحل السياسي للأزمة السورية، رغم اختلافهم على النقطة الأهم في الأزمة وهي "مصير بشار الأسد".
عمليًّا، فإن المضي في تنفيذ الجدول الزمني، الذي يتضمن حكومة انتقالية خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا، ، يقتضي في البداية تحديد مصير بشار الأسد، بحيث ينبغي الإجابة على سؤال: هل سيكون جزءًا من هذا الحل؟ أو بمعنى أدق: هل سيكون من حقه أن يطرح نفسه مرة أخرى على الشعب السوري في الانتخابات التي يتضمنها الجدول الزمني؟
أصبح هذا السؤال يُطارد وزراء خارجية الدول الأوروبية وأمريكا في المؤتمرات الصحفية، ومع طرحه تختفي نشوة الفرحة بما تحقق في فيينا في اجتماع 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ليفيقوا على حقيقة أن اتفاق فيينا، بدون حسم مصير بشار الأسد، يُصبح لا قيمة له.
ويُدرك الرئيس السوري بشار الأسد هذه الإشكالية، ولذلك لم يزعجه اتفاق فيينا، بل ربما أعطاه فرصة للمناورة باستخدام ورقة الإرهاب.
وربط بشار الأسد -البدء في تنفيذ الجدول الزمني الذي اتفقت عليه الدول الكبرى في فيينا بدحر الإرهاب في سوريا أولًا، مؤكدا في مقابلة مع قناة راي الإيطالية- أذيعت يوم 18 نوفمبر/ تشرين الثاني أنه "من غير المجدي تحديد أي جدول زمني للحل السياسي قبل إلحاق الهزيمة بالإرهاب".
وبينما رد، أمس الإثنين 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على ما قاله بشار، بالقول في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: إن "الغرب يعتبر رحيل بشار الأسد شرطًا مسبقًا لأي حل سياسي"، فإن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في نفس اليوم بدت مرتبكة، وهو يتحدث للصحفيين على هامش جولته في منطقة الشرق الأوسط.
تصريحات مريبة
ألمح "كيري" في تصريحاته التي نقلتها وكالة رويترز، إلى تعاون أمريكي روسي وشيك بشأن سوريا، لكنه وكما يقول المثل العربي: "يكاد المريب يقول: خذوني"، عاد ليقول للصحفيين: "من الخطأ النظر إلى أية خطوات تتخذها واشنطن على أنها تساهم في بقاء الأسد في السلطة".
وواصل تصريحاته المريبة قائلًا: "إذا رأت كيانات معينة أن كل ما نقوم به سيساعد الأسد في البقاء، فسوف يزيد ذلك الأمور تعقيدًا؛ لذا فإنه يتعيَّن عمل ذلك بطريقة تعالج المشاعر .. (خاصة) بين الأشخاص الذين يقاتلون الأسد منذ أربعة أعوام".
وبالتزامن مع تصريحات كيري "المريبة"، كانت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إيران، أمس الإثنين، والتي التقى -خلالها- المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ليتفق الاثنان، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الروسية إنترفاكس، على رفض أية محاولات خارجية لإملاء فرضيات بشأن تسوية سياسية في سوريا.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للوكالة: "موسكو وطهران لديهما وجهة نظر موحدة حيال سوريا، وهي أن أي تغيير في القيادة بسوريا يجب أن يأتي عبر انتخابات".
مواقف متناقضة
فمن نُصدِّق إذن؟ هل نُصدق فرنسا، التي قال وزير خارجيتها: إن رحيل بشار الأسد قبل أي حل سياسي؟ أم نُصدق روسيا وإيران، اللتان استبعدتا رحيل الأسد إلا عبر انتخابات؟
ويبدو الموقف الأمريكي حيال ذلك "مرتبكًا" وغير واضح؛ فالرئيس الأمريكي الذي قال قبل يومين في كلمة ألقاها خلال زيارته لماليزيا: "إن الحرب لن تتوقف في سوريا طالما بقي الأسد في السلطة"، يُلمح وزير خارجيته بالأمس أن بلاده ستتعاون مع روسيا (المؤيدة لبقاء الأسد) بشأن سوريا.
وحيال هذه المواقف المتناقضة، ترى المعارضة السورية أن بشار الأسد لا يمكن أن يرحل في إطار تسوية سياسية، إلا إذا أرغم عليها من قبل القوى الدولية والإقليمية.
وفي ظل انقسام القوى الدولية والإقليمية بشأن الأزمة، يكتسب الأسد المزيد من الوقت لتثبيت قدمه في السلطة بمساعدة روسيا وإيران، كما يقول هشام مروة نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض في تصريحات خاصة لـ"بوابة العين".
ويضيف: "روسيا دخلت سوريا بحجة محاربة داعش، لكن ضرباتها الجوية تستهدف في الأساس المعارضة المعتدلة، لتمكين بشار الأسد من استرداد المواقع التي خسرها".
واعترف بشار الأسد نفسه بالدور الذي تلعبه روسيا في التمكين له على الأرض، قائلًا في مقابلة مع محطة تليفزيون فينيكس الصينية، الأحد 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري: إن وضع قواته على الأرض تحسن بشكل واضح بعد مشاركة سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب، وإنه يحقق تقدمًا في جميع المناطق.
aXA6IDMuMTQxLjcuMTY1IA== جزيرة ام اند امز