بالصور.. ورحل كوميديان البكاء الساخر.. سيد زيان
مواقفه الضاحكة تختلط بالمرارة والسخرية الغليظة أحيانا لتكشف عن شحنة وجع حميمية كانت أبرز سمات الأداء لدى هذا الفنان.
رحل عن عالمنا اليوم الفنان الكوميدي المصري الكبير سيد زيان، بعد معاناة شديدة مع المرض استمرت عدة سنوات، عن عمر يناهز 72 عاما.
أثري سيد زيان حياتنا الفنية بعشرات الأعمال الفنية في السينما والمسرح خصوصا خلال سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات أيضا.
رحل صاحب الضحكة الشهيرة التي اختلطت فيها السخرية بالبسمة والمرارة خلال أعمال كانت تنتقد الكثير من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما التي أعقبت تطبيق ما يسمى بسياسة الانفتاح الاقتصادي.
وقبل رحيله بيومين، كتبت نجلته إيمان على صفحتها، قول الله تعالى "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ"، وأضافت "اللهم يا عفو يا كريم أنزل عفوك وشفائك على والدي يا قادر يا عظيم يا كبير يا الله".
سيد زيان من مواليد 17 أغسطس 1943، بدأ يعمل في السينما والمسرح منذ أواخر الستينيات في القرن العشرين، فلمع في مسرحية "سيدتى الجميلة" المعروفة ببطولة فؤاد المهندس والفنانة شويكار.
وقدم بعدها العديد من الأعمال المسرحية، التي كان بعضها على مسرح محمد نجم، فيما كان بعضها الآخر في المسرح الخاص حيث تولى هو مسائل الإنتاج. ومن هذه الأعمال "العسكري الأخضر"، "واحد ليمون والثاني مجنون"، "القشاش"، "خد الفلوس واجري".
كما قدم في السينما أكثر من أربعين فيلما أبرزها "أبناء الصمت"، "أريد حلا"، "عفوا أيها القانون"، "المتسول"، "ليلة ساخنة"، "وكالة البلح"، "المتسول".
وكانت هناك أعمال أخري عديدة اعتبرها البعض من أفلام المقاولات، وكان البعض الآخر من الأفلام الخفيفة التي تعتمد علي المفارقات الكوميدية مثل "إحترسي من الرجال ياماما"، "ليس لعصابتنا فرع آخر"، "عماشة في الأدغال"، "الطماعين"، "الفهلوي"، وغيرها .
وفي التلفزيون شارك زيان في أعمال قليلة لكنها متميزة مثل مسلسلات "العائلة"، "عمر عبد العزيز"، "المال والبنون"، "الراية البيضا".
ونجح سيد زيان في هذه الاعمال القليلة في إثبات قدرته على استنفار دموع المشاهد بنفس قدرته على إضحاكه.
أثبت سيد زيان من خلال أعماله أنه فارس للتراجيديا، بنفس مهارته كفارس للكوميديا.
وربما يرجع ذلك إلى مسحة حزن دفينة داخل نفسه ظهرت على وجهه وفي أدائه مما جعل مواقفه الضاحكة تختلط بالمرارة والسخرية الغليظة أحيانا لتكشف عن شحنة وجع حميمية كانت هي أبرز سمات الأداء لدي هذا الفنان الذي يمكن اعتباره بالفعل كوميديان البكاء الساخر.
فقد كان الراحل حالة فنية خاصة بجميع تفاصيلها، بداية من نبرة صوته المميزة التي كانت سبباً في توسيع قاعدته الشعبية لدى جمهوره ومحبيه، والتي ميزته أيضاً عن غيره من الفنانين، خاصة ممن ساروا على دربه في الخط الكوميدي، هذا بالإضافة إلى نظرة عينيه التي كانت تخفي حزنا دفينا.
ولا يمكن أن ننسى أيضا أن سيد زيان كان يهوى الغناء، وكثيرا ما كان يقدم مقاطع غنائية في أعماله المسرحية بصوته الأجشّ المتميز بهدف الكوميديا والسخرية أيضا، لكن بحة صوته لم تكن تخلو من الشجن والطرب.
وكان المركز الكاثوليكي للسينما، قام منذ عامين برئاسة الأب بطرس دانيال بزيارة الفنان سيد زيان في منزله لتكريمه، ولم يستطع الفنان الكوميدي تمالك نفسه، فبكى بشدة عندما رأى بناته وأحفاده حوله، فكانت أخر لمسة وفاء يشهدها قبل وفاته.
ظل سيد زيان يعاني أكثر من 10 سنوات من عدم القدرة على الحركة بسبب إصابته بعدّة جلطات في المخ أثّرت على نطقه للكلام فأصبح يتحدث بصعوبة شديدة وظل أسيرا لمقعد متحرك لفترة طويلة، حتى رحل صباح اليوم.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز